و مَن يَغْرسِ الشّوكَ لا يَجْني العنبَ !! ( تربية الأولاد للشيخ نجيب ج)
و مَن يَغْرسِ الشّوكَ لا يَجْني العنبَ !!
"..ولمّا كان الأولاد رجال الغد، و قوّته المنتظرة، و دعائم المجتمع التي ستقوم عليها، فإنّ أداء حقوقهم كاملة على الوجه الذي يرضي الله -برعايتهم وتربيتهم و تعليمهم- يكتسي أهميّة بالغة، وهو ذو شأن كبير.
و القيام بهذا الواجب العظيم الملقى على عاتق الأبوين يتطلّب فهما تامّا لهذه المسؤولية حتّى تؤدّى على الوجه المطلوب.
فعنْ عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ أنّه سمعَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه و سلم قال : " كُلّكم راعٍ فمسؤولٌ عنْ رعِيَّتِه ، فالأميرُ الذي على النّاسِ فهو راعٍ عليهم و هُو مَسؤولٌ عنهم ، و الرَّجلُ راعٍ على أهلِ بيتِه و هو مَسؤولٌ عنهم ، و المرأةُ راعيةٌ على بيتِ بَعْلِها و وَلَدِه و هي مَسؤولةٌ عنهم ، و العبدُ راعٍ على مالِ سيِّدِه و هو مَسؤولٌ عنه ، ألاَ فكُلُّكم راعٍ و كُلُّكم مَسؤولٌ عن رعيَّتِه ".
وعنْ عُثمانَ الحاطبي قال : " سمعتُ ابنَ عُمرَ يقولُ لرجُلٍ : " أدِّبْ ابنَك ، فإنّك مَسئُولٌ عن ولدِك ، ماذا أدّبتَه ، و ماذا علَّمتَه ، و إنّهُ مَسئُولٌ عن برِّك و طواعيتِه لك ".
ومع عِظَمِ هذه المسؤوليّةِ غيرَ أنَّ كثيراً مِن الآباءِ - اليومَ - قد فرّطَ فيهـا ، و اسْتهانَ بها ، و لم يُولها الاهتمـامَ الذي تَستحقُّه ، فأضاعُوا أولادَهم ، و ظنّوا أنَّ تربيتَهم لهم تَقتصرُ على توفيرِ المأكـلِ و المشربِ و الملبسِ و المأوَى فحسبُ ، و غَفلُوا عن تأديبِهم و تهذيبِهم و توجيهِهم و إرشادِهـم ، ثمّ إذا انحرفَ أبناؤهم و نشأُوا عاقّينَ لهم ، مُتمرِّدِيـنَ عليهم أظهرُوا تسخُّطاً ، و أَبْدَوا تضجُّراً ، و أكثروا الشَّكوى لِسوءِ ما يرون ، و ما علمَ هؤلاءِ أنّهم هم السّببُ الأوّلُ في ذاك التّمرّدِ و العُقوقِ ، وهم الذين غرسُوا بُذورَ الانحرافِ بأيديهم ، فلا يحصُدُونَ إلاّ نتائجَه و آثـارَه ، و مَن يَغْرسِ الشّوكَ لا يَجْني العنبَ !! ".
[تربية الأولاد؛ للشيخ نجيب جلواح ، ص (١٩/١٨)]
المصدر موقع الابانة السلفية