مساهمة: " إتحاد شمال إفريقيا، حلم الرواد"
بعد أن مرت ذكرى إنشاء اتحاد المغرب العربي مرور الكرام سواء في بلدي الجزائر أو في دول المنطقة المغاربية، ها أنا أضع هذه المساهمة في متناول الناس لعلني أحفز البعض وأستفز البعض الأخر للكتابة حول هذا الموضوع، الذي من المفروض أن يكون موضوع الساعة عند مرور ذكرى تأسيسه.
إن وضع إتحاد المغرب العربي، كذلك الجسد بلا روح، الذي جاء وقتذاك نتيجة تفاهم ظرفي بين الجزائر والمغرب، وعندما تلاشى ذلك التفاهم، تلاشى معه حلم الأجيال، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى الوضع السائد حاليا في المنطقة المغاربية من تنافر حتى لا أقول العداء فيما بين أقطارها، والهجمة الإرهابية الشرسة بالأخص على تونس وليبيا، هذه الأخيرة التي تعرف حالة عدم الاستقرار ولا أمن وفوضى السلاح وغياب الدولة، إذ أصبحت القبائل الليبية كل منها بمليشيات تسيطر على جزء من الأرض، زيادة على الاقتتال الدائر بين الجيش الوطني الليبي بقيادة الجنرال خليفة حفتر الذي يسيطر على شرق ليبيا والحكومة المعترف بها دوليا التي يترأسها فايز السراج المقامة بالعاصمة طرابلس، وزاد الطين بلة الاستقطاب الدولي بين الطرفين، حفتر مدعوم بكل من الإمارات والسعودية ومصر وبدرجة أقل روسيا وفرنسا، السراج مدعوم من تركيا وقطر وبدرجة أقل إيطاليا، وكذا حالة اللا حرب واللا سلم بين المغرب وجبهة البوليساريو، النزاع الذي عمر طويلا قرابة نصف قرن.
إضافة إلى الأطماع الأجنبية على المنطقة، هذه الأطراف التي لا تريد للمنطقة أن تتوحد وتتقدم، لان ذلك لا يخدم مصالحها.
كما لا ننسى الجماعات الإرهابية والمتطرفة خاصة جماعات داعش الهاربة من سوريا تحت الضغط الروسي ونظام الأسد وكذا من العراق، التي تتحين أية فرصة للانقضاض على أي قطر يكون في متناولها.
وعليـــــــــــــــــــــه
فالمسؤولية الكبرى تقع على عاتق الجزائر وحكامها لتجسيد الحلم الذي رواد الرواد في اجتماع طنجة في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي وكان قاب قوسين أو أدنى من التحقيق في لقاء زرالدا، باعتبارها القطر المحور وتعرف حركية كبرى على مستوى المنطقة بحراكها الشعبي الذي أبهر العالم، مثلما أبهرته ثورتها التحررية المسلحة.
إذن فلابد لتبون أن يكون بمستوى تطلعات الشعب ويشرع بتفعيل توجها وحدويا للجزائر في إطار مغاربي، والعمل رفقة تونس النموذج الفريد للديمقراطية على مستوى المنطقة وموريتانيا التي تعرف استقرار وديمقراطية، لأجل بلورة فكرة إنشاء إتحاد يجمع الأقطار المغاربية على أسس سليمة ومنطقية بعيدا عن كل نزوة أو قضاء مصلحة.
وأنا أقترح أن يكون إتحاد يجمع ولا يفرق يبتعد عن التسمية القديمة، ويستمد تسميته من موقع دوله، يحمل اسم إتحاد دول شمال إفريقيا، أو الولايات المتحدة الإفريقية تقع عاصمته في الداخل القطر الجزائري حسب منطق الأشياء والجغرافيا، ولا الجزائر العاصمة، يبدأ بثلاثة أقطار الجزائر، تونس وموريتانيا، يطرح للاستفتاء الشعبي، يتولى رئاسته أولا بلد المقر عندها تنتقل الرئاسة دوريا كل ستة أشهر حسب الحروف الأبجدية إلى باقي أعضائه، يسير من طرف رئيس حكومة أو أمانة عامة متكونة من وزير للعلاقات الخارجية، وزير المالية والاقتصاد، وزير التخطيط، وزير البني التحتية، وزير الدفاع.
للتشريع واقتراح وسن القوانين ورقابة عمل الحكومة لابد من مجلس للشعب ينتخب على أساس قوائم قطرية بعدد سكان كل قطر، كأن يكون ممثل واحد لمليون نسمة ، مثلا الجزائر التي تعداد سكانها 42 مليون تمثل بـ42 نائبا وهكذا فأعضائه ينتخبون رئيس مجلس الشعب.
ومن الهيئات الضرورية للاتحاد بنك مركزي
ويكون للاتحاد ذراعا عسكرية تتشكل من جيوش جميع الأقطار بقوة ضاربة جزائرية مغربية باعتبار الجيشين هما الأقوى، تحت قيادة غرفة عمليات مشتركة من قيادات أركان الجيوش التي تتولى رسم السياسة العسكرية للاتحاد وبهذا يوضع حد للسباق العسكري المحموم بين المغرب والجزائر.
وبوضع اللبنة الأولى للاتحاد تفتح الحدود وحرية تنقل الأشخاص بلا جواز سفر وحرية الإقامة والتملك والعمل والاستثمار.
عندها يقوم الاتحاد بدعوة المغرب والصحراء الغربية بالحالة التي هي عليها للانضمام معا إليه بعد اعتراف المغرب بالصحراء الغربية كقطر مستقل، وبذلك يكون الاتحاد حل النزاع المغربي الصحراوي، وبالتالي يكون المغرب والصحراء الغربية قدوة للاندماج الشعبي داخل الاتحاد.
ويقوم الاتحاد بضم ليبيا تلقائيا إليه لتحصينها من التدخلات الأجنبية وبالتالي إنهاء النزاع الليبي الليبي بنشر قوة عسكرية تفصل بين الأطراف المتنازعة، عندها دعوتها إلى الجلوس حول طاولة واحدة لإيجاد حل يرضى به الكل.
وبعد حل المشاكل الأمنية ووضع حد للنزاعات العسكرية فيما بين أقطار الاتحاد، يطلب من اسبانيا الانسحاب من الجزر والصخور المغربية التي مازالت تحتلها إلى اليوم أكبرها سبة ومليلة.
إن اتحادا سواحله تمتد من المحيط الأطلسي إلى شرق المتوسط وبمساحة شاسعة وبتعداد سكاني يفوق 100 مليون نسمة وطاقات بشرية هائلة لو أحسننا فقط استعمالها وثروات طبيعية متنوعة وثروات بحرية، له من الأسباب التي تمكنه من النجاح، لبدا فقط أن تتوفر النيات الصادقة لدى حكام المنطقة.
الأستاذ زكريني محند