يا قارئي أنت رفيقي !
على رَسلك!
فإنني أريد أن أبوحَ لك عمّا يختلج في صدري، أو يدور في خاطري، عن حالي وحالك.
فهل أنت سامعٌ وواعٍ لمِا أقول؟
أيها العربيُّ كم أنت غريبٌ.
غريبٌ عن كل شيءٍ ..
فأنت غريبٌ حتى في وطنك .. وهذا قدرك.
فالقانونُ لا يُطبَّق إلاّ عليك..
يُرادُ منك أن تجوعَ لتبقي خانعاً تطلب إحساناً عندما يشبع الآخرون.. وإذا أشبعوك لا لشيءٍ، إلاّ لتصيحَ كالديك مدحًا و تطبيلاً لـ(؟)
و هذه هي غربتك الحضارية التي تسمع بها كعربيٍّ، إن المجتمعاتِ الغربيةَ تتحدث بكل لغةٍ ولسانٍ عن "حقوق الإنسان "، بينما هي تذبح هذه الحقوق بشراسةٍ عندما يتعلق الأمر بك كعربيٍّ مسلمٍ .. ويأتي من يقول لك:
" ارض بما هو مقسّمٌ لك"
حقيقة أن نصيبك من الدنيا عند هؤلاء إما أن تكون عبدًا أو تابعًا أو من " الخوارج ".
فاختر ما يناسبك
وهكذا أنت غريبٌ.. غربةٌ ، على غربةٍ، ظلماتٌ بعضها فوق بعض، تعيشها كعربيٍّ وتألفها، حتى ظننت أن الوضع طبيعيّ.
ومع مرور الزمن، ورثت حتى ألفة الكسل الروحي والفكري، والقبول بالأمر الواقع ، وبعد يأسٍ وقنوطٍ همستَ في أعماقِ نفسك: " أنه ليس بالإمكان أحسن مما كان".
فكانت المسكنةُ.
وهكذا أردتها أن تكونَ قدرك.
نظرت ما حولك ، فتجلّت لك صورة الوطن الضائع والسليب دوماً .. حيث انهارت جميع الذرائع التي اعتمد عليها من برّر لك الاحتلال .. احتلال لخيرات بلدك ،احتلال بعض أمصارِ وطنك، وأخيرا احتلال حتى أفكارك، وتحولت النتيجة التي كانت مرجوّة من" نجاح " الاحتلال إلى ذريعة للاحتلال!
وابتليتَ بأناسٍ يقذفون من أفواههم كلاماً لم يهضموا معانيه حين جعلوك ترضى أن تكون مع الخوالفِ.
يا قارئي!
حين صارت الاستكانةُ والتفريطُ في الحقوق اعتدالاً لا خيانةً، والعزة والرفض تطرفاً لا فضيلةً.
فلا مفر لك سوى الاستسلام لهذا الواقع المخزي.
فقد انطفأت حتى جذوة الاحتجاج في هذه الأمة، وصارت الشريعة تُقتلع من الوجدان، والهوّية في سوق بلا مزادٍ؟
آهٍ!
فبنو يعربِ كم استعدبوا المسكنة، ولم تعد فيهم ذرة من خجل تستر عوراتهم، حين صاروا يعهرون أسمى التضحيات.
واعلم يا قارئي، انه سيكتب التاريخ: أنّ العربيَّ عاش غريبًا ومات غريبًا، بعد أن تبوّلَ عليه العلوج في " أبي غريب"..
وليعذرني من يعذرني، إنها خواطرُ " غيرُ عاقلٍ