شروح الأحاديث - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

شروح الأحاديث

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-08-29, 13:24   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شرح حديث : ( إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ )

السؤال:

ابن آدم مدرك الزنا لا محالة ، وهذا يعني بأني لن أرتكب ذنباً إذا نظرت إلى فتاة بشهوة أو قبلتها ، فهذا كان مقدراً لي ، فأرجو الرد على هذا .

الجواب:


الحمد لله

أولا :

روى البخاري (6243) ، ومسلم (2657) عن أَبي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ

فَزِنَا العَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ المَنْطِقُ ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي ، وَالفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ) .

ورواه أحمد (10920) ولفظه :

( كُلُّ ابْنِ آدَمَ لَهُ حَظُّهُ مِنَ الزِّنَا ، فَزِنَا الْعَيْنَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا الْيَدَيْنِ الْبَطْشُ، وَزِنَا الرِّجْلَيْنِ الْمَشْيُ، وَزِنَا الْفَمِ الْقُبَلُ ، وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى ، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ الْفَرْجُ )

وصححه محققو المسند على شرط مسلم .

ثانيا :

قدر الله المقادير قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ، فجميع الحوادث والأفعال والكائنات لا تقع إلا بمشيئة الله تعالى ، فما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن .

وجعل الله تعالى للعبد مشيئة واختيارا ، وهداه إلى طريق الخير وحضه عليه ، وعرفه طريق الشر ونهاه عن سلوكه
.
انظر جواب السؤال القادم

وما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم أنه واقع : لا يجوز الاحتجاج به على رفع اللوم عمن يفعله ، وهذا باتفاق المسلمين ، فقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة

أن من علامات الساعة أن يكثر الزنا والكذب وشرب الخمر ، وأن الرجل سيأتي المرأة في الطريق ، والناس ينظرون إليه ، وأن الآخر سيأتي أمه ، فكل هذا مكتوب في اللوح المحفوظ واقع لا محالة

ومعلوم أن كل هذا من كبائر المحرمات ، التي يستحق من فعلها العذاب الشديد ، بل هذا هو شأن أفعال العباد جميعها ، طاعاتهم ، ومعاصيهم ، إيمانهم ، وكفرهم ، كل ذلك في كتاب عند رب العالمين

قال الله تعالى : ( وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (51) وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (52) وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ ) القمر/51-53 .

ومن هذا ، ما ذكره السائل من أن ابن آدم كتب عليه أن يصيب شيئا من الزنا ، إما الزنا المجازي وإما الزنا الحقيقي ، فلا يجوز الاحتجاج بهذا الخبر على رفع اللوم عمن فعل ذلك .

فليس لأحد أن يحتج بالقدر على الذنب باتفاق المسلمين ، وجميع العقلاء ؛ فإن هذا لو كان مقبولاً لأمكن كل أحد أن يفعل ما يخطر له من قتل النفوس وأخذ الأموال ، وسائر أنواع الفساد في الأرض ، ويحتج بالقدر .

فنتوجه إلى السائل بهذا السؤال : لو أن أحدا ظلمك ، فأخذ مالك وضربك واعتدى عليك ، ثم احتج بالقدر ، وأن ذلك مكتوب في اللوح المحفوظ –

وهو مكتوب فعلا ما دام قد وقع – هل كنت تقبل هذا الاحتجاج منه ؟ أم كنت تلومه على اعتدائه وتعاقبه بما يستحقه ؟

إن الجواب معلوم قطعا ، مما يدل على أن الاحتجاج بالقدر على المعاصي غير صحيح ولا مقبول ببداهة العقول ، وإلا تحولت الدنيا إلى فوضى .

وإنما يسوغ الاحتجاج بالقدر عند المصائب التي تحل بالإنسان كالفقر ، والمرض ، وفقد القريب ، وتلف الزرع ، وخسارة المال ، ونحو ذلك ؛ فهذا من تمام الرضا بالله رباً ، فالاحتجاج بالقدر إنما يكون على المصائب ، لا المعائب .

انظر جواب السؤال بعد القادم

وعلى هذا : فقول القائل : إنه لا يرتكب إثما إذا نظر إلى المرأة بشهوة ... إلخ ، لأن الله قدر عليه ذلك : قول غير صحيح ، مخالف للعقل

فضلاً عن مخالفته للشرع ، ويكفي لبيان مخالفته للشرع أن الله تعالى أخبرنا أن هذه هي حجة المشركين .

قال الله تعالى : (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ) الأنعام/ 148] ، وقال تعالى: (وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ، كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) النحل/ 35

وقال تعالى: (وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ، ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ، إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ)الزخرف/ 20 ، وقال: (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) يس/ 47 .

قال القاسمي رحمه الله :

"فهذه أربعة مواضع في القرآن بيّن سبحانه فيها أن الاحتجاج بالقدر من فعل المشركين المكذبين للرسل"

انتهى من " محاسن التأويل "(4/525).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "منهاج السنة النبوية" (3/58) :

"فالاحتجاج بالقدر حال الجاهلية الذين لا علم عندهم بما يفعلون ويتركون" انتهى .

فكيف يليق بمسلم أن يحتج بحجة المشركين التي أبطلها الله تعالى ؟!

ثالثا :

وأما إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بما ذكره في هذا الحديث ، فلذلك عدة حكم :

منها : أن يعلم العبد أنه واقع في الذنب لا محالة ، فيجب عليه أن يبادر بالتوبة، وألا يصر على ما فعل؛ فكل ابن آدم خطاء ، وخير الخطائين التوابون .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" التَّوْبَةُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَحْصُلُ بِهِمَا التَّطْهِيرُ وَالتَّزْكِيَةُ وَلِهَذَا قَالَ فِي سِيَاقِ قَوْلِهِ. (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا) الْآيَاتِ : (وَتُوبُوا إلَى اللَّهِ) الْآيَةَ. فَأَمَرَهُمْ جَمِيعًا بِالتَّوْبَةِ

فِي سِيَاقِ مَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْلَمُ أَحَدٌ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ. كَمَا فِي الصَّحِيحِ: (إنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنْ الزِّنَا) الْحَدِيثَ "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (10/ 635) .

وقال أيضا :

" فِي قَوْلِهِ فِي آخِرِ الْآيَةِ: (وَتُوبُوا إلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) فَوَائِدُ جَلِيلَةٌ: مِنْهَا أَنَّ أَمْرَهُ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ بِالتَّوْبَةِ فِي هَذَا السِّيَاقِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَخْلُو مُؤْمِنٌ مِنْ بَعْضِ هَذِهِ الذُّنُوبِ الَّتِي

هِيَ: تَرْكُ غَضِّ الْبَصَرِ وَحِفْظِ الْفَرْجِ وَتَرْكُ إبْدَاءِ الزِّينَةِ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ ، فَمُسْتَقِلٌّ وَمُسْتَكْثِرٌ، وَفِي السُّنَنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ (كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ)

وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: يَا عِبَادِي إنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا وَلَا أُبَالِي فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ) "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (15/ 403).

فيكون في الحديث حث على التوبة من هذه الذنوب التي لا يسلم منها أحد .

ومنها : بيان أن حب الشهوات مركوز في الإنسان ، وهو يقع بحبه للشهوات فيما حرم الله عليه ، ليعلم الإنسان أنه على خطر ، وأن استرساله مع هذه الشهوات سوف يؤدي به إلى الهلاك .

قال المناوي رحمه الله :

" (على ابن آدم حظه من الزنا) أي خَلق له الحواس التي بها يجد لذة الزنا، وأعطاه القوى التي بها يقدر عليه، وركز في جبلته حب الشهوات "

انتهى من "فيض القدير" (2/ 246) .

ومنها : أن معرفة الإنسان بهذا التقدير ، وأنه واقع في الذنب لا محالة ، تجعله يبتعد عن هذا الذنب وأسبابه الداعية إليه ، فإنه يخشى إن تمادى وتساهل في الزنا المجازي

الذي هو النظر ونحوه ، أن يجره ذلك إلى الوقوع في الزنا الحقيقي فيهلك .

وغير ذلك من الحكم الجليلة ، نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا وأن يزيدنا علماً .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
سلسلة الحديث وعلومه


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 16:41

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc