مصارحة الإخوان والأصحاب بالمحبة
السؤال:
إذا أحب أحد الإخوة المسلمين أخا مسلما آخر ، فهل يجب أن يقول لهذا الأخ : " إني أحبك في الله " ؟
الجواب :
الحمد لله
المصارحة بمحبة الإخوان والأصحاب من آداب الصحبة الصالحة ، ومن كريم الأخلاق ومحاسن الشيم .
والمصارحة بالمحبة مما يزيد أواصر المحبة ، والترابط بين المسلمين .
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه : ( أَنَّ رَجُلًا كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! إِنِّي لَأُحِبُّ هَذَا . فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَعْلَمْتَهُ ؟
قَالَ : لَا . قَالَ : أَعْلِمْهُ . قَالَ : فَلَحِقَهُ فَقَالَ : إِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللَّهِ . فَقَالَ : أَحَبَّكَ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي لَهُ)
رواه أبو داود (رقم/5125)
وصححه النووي في "رياض الصالحين" (183)
وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود".
وفي بعض روايات الحديث: ( أعلمه فإنه أثبت للمودة بينكما )
رواه ابن أبي الدنيا في "الإخوان" (69) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" وذلك لما في هذه الكلمة من إلقاء المحبة في قلبه ؛ لأن الإنسان إذا علم أنك تحبه أحبك ، مع أن القلوب لها تعارف وتآلف وإن لم تنطق الألسن ، وكما قال النبي عليه الصلاة والسلام :
( الأرواح جنود مجندة ، ما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف ) ، لكن إذا قال الإنسان بلسانه فإن هذا يزيده محبة في القلب ، فتقول : إني أحبك في الله " انتهى
"شرح رياض الصالحين" .
وعَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا أَحَبَّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُعْلِمْهُ إِيَّاهُ )
رواه الترمذي (2392)
. وحسنه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (417) .
وعن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا أحب أحدكم أخاه في الله فليبين له ، فإنه خير في الألفة ، وأبقى في المودة )
قال الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1199) :
" رواه وكيع في " الزهد " ( 2 / 67 / 2 )
بسند صحيح عن علي بن الحسين مرفوعا .
قلت (الألباني) : وعلي بن الحسين هو ابن علي بن أبي طالب : ثقة جليل من رجال الشيخين ، فهو مرسل صحيح الإسناد .
وله شاهد من حديث مجاهد مرسلا أيضا
. رواه ابن أبي الدنيا في " كتاب الإخوان " كما في " الفتح الكبير " ( 1 / 67 ) .
و له شاهد آخر عن يزيد بن نعامة الضبي خرجته في الكتاب الآخر ( 1726 )
فالحديث بمجموع الطرق حسن إن شاء الله تعالى " انتهى.
والمقصود من هذا : الاستحباب ، وليس الإلزام والوجوب .
قال المناوي رحمه الله :
"(فليخبره أنه يحبه لله)
فليخبره بمحبته له ندبا ، بأن يقول له إني أحبك لله .
أي : لا لغيره من إحسان أو غيره ، فإنه أبقى للألفة ، وأثبت للمودة ، وبه يتزايد الحب ويتضاعف ، وتجتمع الكلمة ، وينتظم الشمل بين المسلمين ، وتزول المفاسد والضغائن . وهذا من محاسن الشريعة" انتهى .
"فيض القدير" (1/319) .
والله أعلم .