أعطاه صديقه هديه والآن يطالبه بها
السؤال
في مرحلة الثانوية العامة استلفت مبلغا من المال قيمة 150 شيكل من صديقي لكي أدفع رسوم استمارة التوجيهي ، وبعدها قال لي إذا نجحت هذه السنة ، فلا أريد المبلغ منك ، وسيكون هدية نجاحك
, والحمد لله وبتوفيق منه نجحت بتلك السنة .. وبعد نجاحي بفترة طلب مني المبلغ ,,,
فما هو الحكم ؟
وما الذي يجب أن أفعله بخصوص ذلك ؟
أرجو التوضيح . وفقني الله وإياكم أجمعين ؟
الجواب :
الحمد لله
قول صديقك : إذا نجحت فهذا المبلغ يكون هدية نجاحك ، هو من الهبة المعلقة على شرط ، أو إبراء من دينه عندك ، لكنه معلق على شرط .
والهبة المعلقة على شرط صحيحة عند بعض أهل العلم ، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
وينظر : "الإنصاف" (7/ 133).
وينظر في تعليق الإبراء على شرط : الموسوعة الفقهية (1/ 165).
وإذا حصل النجاح ، وقبضت المال - وهو في ذمتك من الأصل - فليس له الرجوع في هديته .
قال ابن قدامة رحمه الله
: " ( ولا يحل لواهب أن يرجع في هبته , ولا لمهد أن يرجع في هديته , وإن لم يثب عليها ) يعني وإن لم يعوض عنها . وأراد من عدا الأب ; لأنه قد ذكر أن للأب الرجوع ... فأما غيره فليس له الرجوع في هبته ولا هديته . وبهذا قال الشافعي وأبو ثور "
انتهى من "المغني" (5/ 397).
وهو مذهب المالكية أيضا إلا أنهم ألحقوا الأم بالأب . وألحق الشافعية في المشهور سائر الأصول بالأب .
وينظر : الموسوعة الفقهية (42/ 147).
ومنه يعلم أنه لا يجوز للأجنبي الرجوع في الهبة ، عند المالكية والشافعية والحنابلة ، خلافا للحنفية إذ جوزوا الرجوع مع الكراهة ، إلا أن الحنفية لا يرون جواز الرجوع في الإبراء ( أي إبراء المدين من الدين) لأن الإبراء إسقاط ، والساقط لا يعود .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (1/ 144) :
" والذي يوافق الإبراء من الهبة هو هبة الدين للمدين , فهي والإبراء بمعنى واحد عند الجمهور الذين لا يجيزون الرجوع في الهبة بعد القبض . أما عند الحنفية القائلين بجواز الرجوع في الجملة
فالإبراء مختلف عن هبة الدين للمدين , للاتفاق على عدم جواز الرجوع في الإبراء بعد قبوله لأنه إسقاط , والساقط لا يعود كما تنص على ذلك القاعدة المشهورة ".
والأصل في ذلك :
ما روى البخاري (2589) ومسلم (1622) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ ).
وفي رواية للبخاري (2622) ( لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ الَّذِي يَعُودُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَرْجِعُ فِي قَيْئِهِ ).
وروى أبو داود (3539) والترمذي (2132) والنسائي (3690) وابن ماجه (2377)
عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إِلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ وَمَثَلُ الَّذِي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَأْكُلُ فَإِذَا شَبِعَ قَاءَ ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ ) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود .
وعليه فلا يجوز لصدقك أن يرجع في هدية ، ولا يلزمك رد المبلغ إليه . وينبغي أن تُعلمه بحكم المسألة .
على أنك إذا رأيت من صاحبك إلحاحا في الطلب ، وشحا بما سبق وأن وهبه لك ، فالذي نحبه لك أن تعطيه ما طلب ، مع تعريفه بالحكم الشرعي ، وإثم ذلك عليه . أو أن تعطيه شيئا من عندك ، مالا
أو هدية عينية ، تكافئ ما أعطاك ؛ لئلا تكون له منة عليك ، أو يكون هناك داعية للأذى بينكما .
والله أعلم .