القول الثاني :
الكراهة ، وهو معتمد مذهب الحنفية وإن خالف بعض فقهائهم .
قال صاحب التتارخانية - ونسبه لصاحب
" المحيط البرهاني " - ما نصه :
" وإذا خطب متكئاً على القوس أو على العصا جاز ، إلا أنه يكره ؛ لأنه خلاف السنة " انتهى.
" الفتاوى التتارخانية " (2/61)
وجاء في " الفتاوى الهندية " (1/148) على مذهب الحنفية :
" ويكره أن يخطب متكئا على قوس أو عصا , كذا في الخلاصة , وهكذا في المحيط , ويتقلد الخطيب السيف في كل بلدة فتحت بالسيف , كذا في شرح الطحاوي " انتهى.
وفي كلام العلامة ابن القيم ما يدل على أن الاتكاء على العصا ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة على المنبر .
قال رحمه الله :
" ولم يكن يأخذ بيده سيفاً ولا غيرَه ، وإنما كان يعتَمِد على قوس أو عصاً قبل أن يتَّخذ المنبر ، وكان في الحرب يَعتمد على قوس ، وفي الجمعة يعتمِد على عصا ، ولم يُحفظ عنه أنه اعتمد على سيف ، وما يظنه بعض الجهال أنه كان يعتمد على السيف دائماً
وأن ذلك إشارة إلى أن الدين قام بالسيف :
فَمِن فَرطِ جهله ، فإنه لا يُحفظ عنه بعد اتخاذ المنبر أنه كان يرقاه بسيف ، ولا قوس ، ولا غيره ، ولا قبل اتخاذه أنه أخذ بيده سيفاً البتة ، وإنما كان يعتمِد على عصا أو قوس " انتهى.
" زاد المعاد " (1/429)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" قوله : ( ويعتمد على سيف أو قوس أو عصا )
أي : يسن أن يعتمد حال الخطبة على سيف ، أو قوس ، أو عصا ، واستدلوا بحديث يروى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في صحته نظر ، وعلى تقدير صحته
قال ابن القيم : إنه لم يحفظ عن النبي صلّى الله عليه وسلّم بعد اتخاذه المنبر أنه اعتمد على شيء .
ووجه ذلك : أن الاعتماد إنما يكون عند الحاجة ، فإن احتاج الخطيب إلى اعتماد ، مثل أن يكون ضعيفاً يحتاج إلى أن يعتمد على عصا فهذا سنة ؛ لأن ذلك يعينه على القيام الذي هو سنة ، وما أعان على سنة فهو سنة ، أما إذا لم يكن هناك حاجة ، فلا حاجة إلى حمل العصا " انتهى.
" الشرح الممتع " (5/62-63)
وقد أيد الشيخ الألباني رحمه الله كلام ابن القيم ، ونفى أن يكون ثبت في الأحاديث ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب على المنبر اتكأ على القوس أو العصا
وذلك في " السلسلة الضعيفة " (حديث رقم/964)
والله أعلم