السؤال:
أنا رجل تزوجت منذ خمس سنوات ، وعندما حملت زوجتي تركت الصلاة ظنا منها أن الحامل لا تصلي ، ولم أعلم أن عليها صلاة إلا بعد زيارة أختي لي من المملكة العربية السعودية
ولكن كان ذلك بعد الحمل الثالث ، كانت زوجتي حاملا بالشهر الرابع في حملها الثالث ، وهي تترك الصلاة مباشرة عندما تعلم أنها حامل ؛ فماذا على زوجتي :
هل تقضي كل الصلوات من حملها الأول إلى حملها الأخير ؟
وكيفية القضاء ؟
وهل عليها كفارة ؟
وهل إذا كانت زوجتي تعلم أن عليها صلاة
وكان إهمال فقط منها أو تهرب منها : ماذا عليها ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
الحامل تلزمها الصلاة كغيرها من الطاهرات ، وإنما تسقط الصلاة عن الحائض والنفساء ، والعلم بذلك شائع مستفيض ، والجهل به مستغرب لا سيما في بلدان المسلمين ، بل يعد تقصيرا وتفريطا .
والواجب على كل مكلف تعلم ما يلزمه لصحة عبادته ومعاملته ، وهذا من العلم الذي هو فرض ، لا يجوز تأخيره ولا التشاغل عنه .
ولهذا فالواجب على زوجتك أن تتوب إلى الله تعالى من تقصيرها وتفريطها في التعلم وسؤال أهل العلم .
ولا يلزمها قضاء هذه الصلوات على الصحيح من قولي العلم ، سواء تركتها جهلا أو تهاونا ، ولتجتهد في فعل الطاعات والإكثار من النوافل .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" ... وعلى هذا لو ترك الطهارة الواجبة لعدم بلوغ النص
مثل : أن يأكل لحم الإبل ولا يتوضأ ثم يبلغه النص ويتبين له وجوب الوضوء ، أو يصلي في أعطان الإبل ثم يبلغه ويتبين له النص : فهل عليه إعادة ما مضى ؟
فيه قولان هما روايتان عن أحمد .
ونظيره : أن يمس ذَكَره ويصلى
ثم يتبين له وجوب الوضوء من مس الذكر .
والصحيح في جميع هذه المسائل :
عدم وجوب الإعادة ؛ لأن الله عفا عن الخطأ والنسيان ؛ ولأنه قال : (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) ، فمن لم يبلغه أمر الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في شيءٍ معيَّنٍ :
لم يثبت حكم وجوبه عليه ، ولهذا لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم عمر وعمَّاراً لما أجْنبا فلم يصلِّ عمر وصلَّى عمار بالتمرغ أن يعيد واحد منهما ، وكذلك لم يأمر أبا ذر بالإعادة لما كان يجنب ويمكث أياماً لا يصلي ، وكذلك لم يأمر مَن أكل من الصحابة حتى يتبين له الحبل الأبيض من الحبل الأسود بالقضاء ، كما لم يأمر مَن صلى إلى بيت المقدس قبل بلوغ النسخ لهم بالقضاء .
ومن هذا الباب :
المستحاضة إذا مكثت مدة لا تصلي لاعتقادها عدم وجوب الصلاة عليها ، ففي وجوب القضاء عليها قولان
أحدهما : لا إعادة عليها – كما نقل عن مالك وغيره - ؛ لأن المستحاضة التي قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : ( إني حضت حيضةً شديدةً كبيرةً منكرةً منعتني الصلاة والصيام ) أمرها بما يجب في المستقبل ، ولم يأمرها بقضاء صلاة الماضي .
وقد ثبت عندي بالنقل المتواتر أن في النساء والرجال بالبوادي وغير البوادي مَن يبلغ ولا يعلم أن الصلاة عليه واجبة ، بل إذا قيل للمرأة : صلِّي ، تقول : حتى أكبر وأصير عجوزة !
ظانَّة أنه لا يخاطَب بالصلاة إلا المرأة الكبيرة كالعجوز ونحوها ، وفي أتباع الشيوخ ( أي من الصوفية ) طوائف كثيرون لا يعلمون أن الصلاة واجبة عليهم ، فهؤلاء لا يجب عليهم في الصحيح قضاء الصلوات سواء قيل : كانوا كفَّاراً أو كانوا معذورين بالجهل ... "
انتهى من "مجموع الفتاوى" (21/ 101) .
ثانيا :
النفاس هو الدم الخارج مع الولادة ، أو قبلها بيومين أو ثلاثة ، إذا كان معه أمارة على الولادة كالطلق .
قال في "كشاف القناع" (1/219) :
" ( ( فإن رأته ) أي : الدم ( قبله )
أي : قبل خروج بعض الولد ( بثلاثة أيام فأقل بأمارة ) كتوجع ( ف ) هو ( نفاس ) كالخارج مع الولادة " انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" بالنسبة للمرأة الحامل : قبل أن تضع بأيام وينزل منها دم أو ما أشبه ذلك ، متى تسقط عنها الصلاة؟ " .
فأجاب بقوله :
" يقول العلماء : إن النفاس هو الدم الذي يحصل عند الولادة مع الطلق ، فإذا أتاها الطلق قبل الولادة بيوم أو يومين فهي نفساء ، وأما الدم الذي بلا طلق فليس بنفاس
حتى وإن كان في يوم وضعها، وإذا انقطع دم النفاس بعد الولادة بفترة : فمتى طهرت وجب عليها أن تتطهر وتصلي ولا تنتظر تمام المدة. " .
انتهى من "الباب المفتوح" رقم (31/8) .
فإذا شارفت المرأة على الولادة ، وشعرت بألمها ، ونزل عليها الدم ، فهو دم نفاس ، تترك معه الصلاة والصوم .
وإذ لم ينزل الدم ، تصلي ولو انفتح
الرحم وتستمر على ذلك حتى تلد .
والله أعلم .