خامسا :
وقد لخص الحافظ ابن كثير قصة المسيح الدجال بعبارات جامعة يقول فيها :
" بدء ظهوره من أصبهان ، من حارة منها يقال لها اليهودية ، وينصره من أهلها سبعون ألف يهودي ، عليهم الأسلحة والتيجان ، وهي الطيالسة الخضراء ، وكذلك ينصره سبعون ألفاً من التتار ، وخلق من أهل خراسان .
فيظهر أولاً في صورة ملك من الملوك الجبابرة ، ثم يدعي النبوة ، ثم يدعي الربوبية .
فيتبعه على ذلك الجهلة من بني آدم ، والطغام من الرعاعٍ والعوام ، ويخالفه ويَرُدُّ عليه مَن هَدَى الله مِن عباده الصالحين وحزب الله المتقين .
يأخذ البلاد بلداً بلداً ، وحصناً حصناً ، وإقليماً إقليماً ، وكورة كورة ، ولا يبقى بلد من البلاد إلا وطئه بخيله ورجله غير مكة والمدينة ، ومدة مقامه في الأرض أربعون يوماً يوم كسنة ، ويوم كشهر ، ويوم كجمعة ، وسائر أيامه كأيام الناس هذه ، ومعدل ذلك سنة وشهران ونصف شهر .
وقد خلق الله تعالى على يديه خوارق كثيرة يضل بها من يشاء من خلقه ، ويثبت معها المؤمنون فيزدادون بها إيماناً مع إيمانهم ، وهدى إلى هداهم .
ويكون نزول عيسى بن مريم مسيح الهدى في أيام المسيح الدجال مسيح الضلالة ، على المنارة الشرقية بدمشق ، فيجتمع عليه المؤمنون ويلتف به عباد الله المتقون ، فيسير بهم المسيح عيسى بن مريم قاصداً نحو الدجال ، وقد توجه نحو بيت المقدس ، فيدركهم عند عقبة أفيق ، فينهزم منه الدجال ، فيلحقه عند مدينة باب لد ، فيقتله بحربته وهو داخل إليها ، ويقول إن لي فيك ضربة لن تفوتني ، وإذا واجهه الدجال ينماع كما يذوب الملح في الماء ، فيتداركه فيقتله بالحربة بباب لدّ ، فتكون وفاته هناك لعنه الله ، كما دلت على ذلك الأحاديث الصحاح من غير وجه " انتهى.
" النهاية " (ص/59)
والله أعلم .