الكثير من الصور التي تم التقاطها من محطة الفضاء الدولية تُظهر عظمة كوكب الأرض والأقمار الصناعية التي تُحيطه وتدور حوله. إضافةً إلى صور للكواكب المختلفة ضمن نطاق المجموعة الشمسية ومجرة درب التبانة. لكن إن لاحظت ذلك من قبل، نادرًا ما نُلاحظ وجود النجوم في تلك الصور رغم أعدادها التي فاقت الملايين ورؤيتها بشكلٍ واضح بالعين المجردة في الليل!
السبب وراء ذلك غير مرتبط بعلم الفلك، إنما بآلية التصوير. فمن أجل التقاط صور ذات جودة مرتفعة للأرض وما حولها أو للكواكب الأخرى، يستوجب أن يتم ذلك بسرعة عالية وتعريض قصير. وحيث أن الأرض والقمر أكثر سطوعًا من النجوم في الفضاء، فإن النجوم في غالب الأحيان لا تظهر في خلفية الصورة.
العامل البارز في التقاط الصور من محطة الفضاء الدولية هو وقت التعريض. إذ تتحرك محطة الفضاء الدولية بسرعة 8 كلم/الثانية. خلال هذه السرعة، يتوجَّب التقاط الصورة برد فعل سريع لتجنب اهتزاز الكاميرا المستمر.
ومن أجل التقاط صورة واضحة تمامًا، يجب التحكم بعناية بكمية الضوء الداخلة عبر عدسة الكاميرا. الكثير من الضوء يعني الكثير من التعريض، وستظهر الصورة أقرب للبياض. أما القليل من الضوء فيعني أن المناطق المُظلمة في الصورة لا يُمكن تمييزها عن السواد.
من أجل ذلك، يتوجّب السماح لكمية مناسبة من الضوء للدخول عبر عدسة الكاميرا للحصول على اللقطة المثالية. وعند التقاط صورة لكوكب الأرض أو القمر على سبيل المثال عن قرب، فإن الجسم سيكون مشرقًا ومُضيئًا ما يكفي لاستعمال تعرض قصير لالتقاط صورة واضحة. وبسبب ذلك، تظهر الأجرام السماوية البعيدة والأقل إشراقًا من الأرض أو القمر سوداء تمامًا كالخلفية ولا يُمكن تمييزها.
أضف إلى ذلك أن عدم ظهور النجوم في الصور من الفضاء غير محصور في الفضاء فقط، إنما أيضًا بالصور الملتَقطة عبر أدوات تصوير عادية من الأرض. فهل حاولتَ من قبل التقاط صورة للسماء المرصَّعة بالنجوم خلال الليل عبر كاميرا الهاتف؟ وكم نجمة ظهرت لديك في الصورة؟
مؤكد أنك لم تحصل سوى على عددٍ قليل للغاية من النجوم التي كانت الأكثر سطوعًا رغم أنها كانت تملأ السماء بالواقع! ولهذا السبب، يحرص المصوِّرون المحترفون على تصوير سماء المساء بأدوات باهظة ومعدات ذات تقنية مرتفعة ومهيأة خصيصًا لهذه المهمة. حيث تهتم هذه الأدوات بوقت التعريض وعوامل المناخ التي من شأنها أن تُؤثر على جودة الصورة، ولها قدرة كبيرة على التقاط أقل الأجسام سطوعًا في السماء.
وتستعين محطة الفضاء الدولية بمعدات خاصة لالتقاط صور للنجوم على وجه التحديد من الفضاء. هذه الصور متاحة للجميع ويُمكن مشاهدتها بكثرة على الإنترنت. لكن يجب التفريق بينها وبين صور أُخرى يتم تعديلها بحيث تُضاف نجوم مُضيئة في خلفية القمر المُضيء أو الأرض وهي مشرقة. فمن الصعب التقاط صورة يظهر فيها جسم ضخم مُضيء وتبدو الأجرام البعيدة الخافتة واضحة بسبب نظرية التعريض التي ذُكرت أعلاه..