المملكة وفلسطين.. أفعالٌ لا شعارات
محمد الوعيل
طيلة تاريخها، والمملكة نصيرة القضايا العربية والإسلامية، وفي القلب منها القضية الفلسطينية التي ظلت لعقود الشغل الشاغل لنا جميعاً، ولم تبخل القيادات السعودية المتعاقبة بأية جهود سياسية أو ديبلوماسية أو مادية ومعنوية، وحتى بمشاركة قوات سعودية، بدءاً منذ حرب 1948 وحتى حرب 1973، دفاعاً عن الأشقاء الفلسطينين، وقبلهم التصدي لكل المخططات الصهيونية الرامية للسيطرة على القدس والمسجد الأقصى المبارك.
وربما كانت الأزمة الأخيرة بين سلطات الاحتلال الإسرائيلية مع الأشقاء الفلسطينيين وما تسبب فيه القرار الأرعن لحكومة نتنياهو بإغلاق الحرم القدسي الشريف، وتقييد حركة الدخول إليه، نموذجاً للتدخل السعودي سياسياً ودبلوماسياً من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، لدى عواصم الضغط الفعلية على الدولة العبرية، والذي أسفر عن إعادة فتح المسجد الأقصى أمام المصلين، والتراجع عن الإجراءات التعسفية الجائرة ضد الأشقاء الفلسطينيين.
التصدي السعودي المخلص، لم يكن وليد الصدفة، ولم يأت حسب المواقف، وإنما جاء انطلاقاً من موقف تاريخي ثابت عمره عمر القضية الأولى للمسلمين والعرب، ويأتي تعبيراً عن ثقل سعودي ورصيد كبير داخل دوائر صنع القرار العالمي، يجد الصدى والاحترام المناسبين، إضافة إلى أنه يجسد الاهتمام التقليدي السعودي تاريخياً تجاه المقدسات الإسلامية عامةً، وتجاه كل القضايا العادلة التي تنتظر تدخلاً دولياً منصفاً يعيد الحقوق لأصحابها، بعيداً عما نراه من متاجرة وسمسرة سياسية، وكذا الشعوذة الفكرية التي طالما تسيء إلينا جميعاً من قبل العديد من المتسلقين والمأجورين.
لم نكن في المملكة بحاجة إلى دعاية للترويج إلى ما نقوم به، كما لم نكن نحن نبحث عن "شو" إعلامي أو مصلحة ذاتية، بقدر ما نحاول أن نرسي بمسؤولية كبيرة أسس الاستقرار وحل القضايا العادلة، لم نتاجر يوماً بالقضية الفلسطينية، مثلما يفعل كثيرون ويعبثون ويبحثون عن مقايضات تعالج فيهم عقدة النقص الأزلية، جغرافياً وسياسياً ومعنوياً.. لذا نتصرف بكل مسؤولية وفي هدوء بعيداً عن ضجيج البراميل الإعلامية الفارغة التي تبحث لها عن مكان.
وإذا كان بعض المأجورين والحاقدين، الذين لم يعجبهم أن يكون التدخل السعودي مثمراً بهذه النتيجة، حماية للمقدسات ودفاعاً عن الأبرياء، وصيانة للحقوق التاريخية، وبدأوا في حملة تعريض شرسة بالمملكة، إلا أن هذا لن يثنينا عن استمرار دعمنا الكامل للأقصى الجريح، ولفلسطين المظلومة حتى تعود الحقوق إلى أصحابها.. لن يضرّنا أبداً نباح الكلاب الضالة، ولن تؤثّر فينا على الإطلاق هذه الحملات المتاجرة لمن لم يقدموا للمقدسات ولفلسطين وشعبها سوى الكلام والشعارات.
سنبقى على مبادئنا وعروبتنا وأخلاقياتنا الأصيلة، وقبلهم جميعاً إيماننا بديننا ثم تمسكنا بمسؤوليتنا الواضحة وسنترك للآخرين وأذرعهم وأهوائهم كل النباح.!