اليوم و أنا أجول في منتدانا لاحظت موضوعا حول محاولة بعض الشباب تحطيم تمثال عقبة بن نافع............لذلك أخذني الفضول في قرأءة الموضوعو فهم مقتضيات الأحداث و الوقائع ......................و لكن للأسف فبدل ان أجد موضوعا جدي وجدت موضوعا مبتذلا ،يحاول ناقله التقليل من الصحابي الجليل ''عقبة بن نافع''و محاولة مني لتصحيح ذلك و ردا على ما جاء بذلك سأحاول أن أعرف بهذا الصحابي الجليل الذي لم يفتر و لم تثنه شائبة بعزم و بإصرار رفع راية الله أكبر في سماء شمال إفريقيا........................................هذا الصحابي الجليل الذي من الله علينا بان قبره بمدينة سيدي عقبة ببسكرة..................................صدقوني أن بدخولكم لمسجد سيدي عقبة ستجدون الراحة و السكينة الطمانينة..............صدقوني فكأنما تحفكم الملائكة عند دخولكم لمسجده......................فرحمه الله و رضي عنه و جزاه عنا كل الجزاء......................فبفضله شمال إفريقية يتنفس الإسلام................
إذن من هو عقبة بن نافع.....................................الصحابي الذي فتح شمال إفريقية....................................
اهو عقبة بن نافع بن عبد القيس الفهرى، ولد قبل الهجرة بسنة، وكان أبوه قد أسلمقديماً، لذلك فقد ولد عقبة ونشأ في بيئة إسلامية خالصة، وهو صحابي بالمولد، لأنهولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وهو يمت بصلة قرابة للصحابي الجليل 'عمرو بنالعاص' من ناحية الأم، وقيل أنهما ابني خالة .
ولقد برز اسم 'عقبة بن نافع' مبكراً على ساحة أحداث حركة الفتح الإسلامي التي بدأتتتسع بقوة في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث اشترك هو وأبوه 'نافع' في الجيش الذي توجه لفتح مصر بقيادة 'عمرو بن العاص' رضي الله عنه، ولقد توسم فيه 'عمرو' أنه سيكون له شأن كبير ودور في حركة الفتح الإسلامي على الجبهة الغربية،لذلك أسند إليه مهمة صعبة وهى قيادة دورية استطلاعية لدراسة إمكانية فتح الشمالالأفريقي، ومعلوم عند العسكريين أن **** الاستطلاع هو أخطر وأهم **** في أي جيش،لأنه هو الذي يحدد طريقة الهجوم بين الشجاعة والقوة والذكاء الشديد وحسن التصرف فيالمواقف الصعبة، وكلها خصال توفرت في 'عقبة' وأدركها 'عمرو' فيه، لذلك عندما عاد 'عمرو' إلى مصر بعد فتح تونس، جعل 'عقبة بن نافع' والياً عليها على الرغم من وجودالعديد من القادة الأكفاء والصحابة الكبار، مما يدل على نجابة هذا البطل الشاب .
أرسل 'عمرو بن العاص' والى مصر البطل الشاب 'عقبة بن نافع' إلى بلاد النوبة لفتحها،فلاقى هناك مقاومة شرسة من النوبيين، ولكنه مهد السبيل أمام من جاء بعده لفتحالبلاد، ثم أسند إليه 'عمرو' مهمة في غاية الخطورة، وهي تأمين الحدود الغربيةوالجنوبية لمصر ضد هجمات الروم وحلفائهم البربر، فقاد 'عقبة' كتيبة قتالية على أعلىمستوى قتالي للتصدي لأي هجوم مباغت على المسلمين وتعاقبت عدة ولاة على مصر بعد 'عمرو بن العاص' منهم عبد الله بن أبى السرح ومحمد بن أبى بكر ومعاوية بن حديجوغيرهم، كلهم أقر 'عقبة بن نافع' في منصبه كقائد لحامية 'برقة' .
عقبة قائد الفتح الشمالى
ظل 'عقبة' في منصبه الخطير كقائد للحامية الإسلامية 'ببرقة' خلال عهدي عثمان بنعفان وعلى بن أبى طالب رضي الله عنهما، ونأى بنفسه عن أحداث الفتنة التي وقعت بينالمسلمين، وجعل شغله الشاغل الجهاد في سبيل الله ونشر الإسلام بين قبائل البربر وردعادية الروم، فلما استقرت الأمور وأصبح معاوية رضي الله عنه خليفة للمسلمين، أصبح 'معاوية بن حديج' والياً على مصر، وكان أول قرار أخذه هو إرسال عقبة بن نافع إلىالشمال الأفريقي لبداية حملة جهادية قوية وجديدة لمواصلة الفتح الإسلامي الذي توقفتحركته أثناء الفتنة وذلك سنة 49 هجرية .
كانت هناك عدة بلاد قد خلعت طاعة المسلمين بعد اشتعال الفتنة بين المسلمين، منها 'ودان' و'أفريقية' و'جرمة' و'قصور خاوار'، فانطلق الأسد العنيف عقبة ورجاله الأشداءعلى هذه القرى الغادر أهلها وأدبهم أشد تأديب، فقطع أذن ملك 'ودان' وأصبع ملك 'قصوركوار' حتى لا تسول لهم أنفسهم محاربة المسلمين مرة أخرى (مع العلم أن هذا الأمر لايجوز شرعاً لأنه مثّله ولكن عقبة اجتهد في تأديبهم بما يردعهم عن المعاودة للخلاف).
بعد أن طهر عقبة المنطقة الممتدة من حدود مصر الغربية إلى بلاد أفريقية 'تونس' منالأعداء والمخالفين، أقدم عقبة على التغلغل في الصحراء بقوات قليلة وخفيفة لشن حربعصابات خاطفة في أرض الصحراء الواسعة ضد القوات الرومية النظامية الكبيرة التي لاتستطيع مجاراة المسلمين في حرب الصاعقة الصحراوية، واستطاع عقبة وجنوده أن يطهروامنطقة الشمال الأفريقي من الحاميات الرومية المختلفة ومن جيوب المقاومة البربريةالمتناثرة .
تأسيس مدينة القيروان
لم يكن عقبة بن نافع قائداً عسكرياً محضاً فقط، بل كان صاحب عقلية مبدعة وفكراستراتيجي فذ وهو يصح أن يطلق عليه خبير بشئون المغرب والشمال الأفريقي، ومن خلالحملاته الجهادية المستمرة على الشمال الأفريقي، أدرك أهمية بناء مدينة إسلامية فيهذه البقاع وذلك لعدة أسباب من أهمها :-
1. تثبيت أقدام المسلمين والدعوة الإسلامية هناك وذلك أن عقبة قد لاحظ أمراً هاماًأن أهل الشمال الأفريقي إذا جاءهم المسلمون يظهرون الإسلام وإذا انصرفوا عنهم رجعوامرة أخرى إلى الكفر، فكان بناء مدينة إسلامية خير علاج لهذه الظاهرة الناجمة عنغياب قاعدة إسلامية ثابتة للإسلام لنشر الهدى والنور وسط ظلمات البربر.
2. ضرورة تكوين قاعدة حربية ثابتة في مواجهة التهديدات الرومية المتوقعة بعد فتحالشمال الأفريقي .
3. أن تكون هذه المدينة دار عزة ومنعة للمسلمين الفاتحين، ذلك لأنهم تفرقوا فيالبلاد كحاميات على المدن المفتوحة، وهذا التفرق قد يورث الضعف والوهن مع مرورالوقت خاصة لو دهم عدو كبير العدد هذه البلاد.
لهذه الأسباب وغيرها قرر 'عقبة بن نافع' بناء مدينة القيروان في القرن الشمالي لإفريقية في مكان تتوافر فيه شروط الأمن الدعوي والحركي للمسلمين بحيث تكون دار عزةومنعة وقاعدة حربية أمامية في القتال، ومنارة دعوية علمية لنشر الإسلام، وانطبقت كلالشروط المطلوب توافرها في منطقة أحراش مليئة بالوحوش والحيات، فقال له رجاله: "إنك أمرتنا بالبناء في شعاب وغياض لا ترام، ونحن نخاف من السباع والحيّات وغير ذلك من دواب الأرض"، وكان في عسكره خمسة عشر رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجمعهم وقال "إني داع فأمّنوا"، وبالفعل دعا الله عز وجل طويلاً والصحابة والناس يأمّنون، ثم قال عقبة مخاطباً سكان الوادي: "أيتها الحيّات والسباع، نحن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فارتحلوا عنا فإنا نازلون، ومن وجدناه بعد ذلك قتلناه".
فحدثت بعدها كرامة هائلة حيث خرجت السباع من الأحراش تحمل أشبالها والذئب يحمل جروه، والحيّات تحمل أولادها، في مشهد لا يرى مثله في التاريخ، فنادى عقبة في الناس: "كفوا عنهم حتى يرتحلوا عنا" وهكذا يصل الإيمان والثقة بالله عز وجل لهذاالمستوى الفائق من اليقين بنصرة الله عز وجل وتأييده ومدده، فهذا هو البطل المجاهديصل به الإيمان والكرامة لئن يتكلم مع الحيوانات البهائم التي لا تعقل ولا تفهم،فيطيعونه ويسمعون أوامره، وهكذا يصبح الكون كله ومن فيه مسخراً لخدمة المجاهدينوغايتهم السامية.
استمر بناء مدينة القيروان قرابة الخمس سنوات، حتى أصبحت القيروان درة المغرب،وشيّد 'عقبة' بها جامعاً كبيراً أصبح منارة العلم وقبلة طلاب العلم والشريعة من كل مكان، وملتقى للدعاة والعلماء والمجاهدين، وأصبح جامع القيروان أول جامعة إسلاميةعلى مستوى العالم وذلك قبل الأزهر بعدة قرون.
المجاهد المخلص
بعدما انتهى عقبة بن نافع من بناء القيروان ومسجدها الجامع، جاءه الأمر الخليفيبالتنحّي عن ولاية إفريقية، وتولية رجل من جنود عقبة اسمه 'أبو المهاجر دينار'، وهورجل مشهور بالكفاءة وحسن القيادة.
فما كان رد فعل القائد المظفر الذي فتح معظم الشمال الأفريقي وحقق بطولات فائقةعندما جاءه خبر العزل ؟ هل تمرّد ؟ هل امتنع أو حتى تذمر ؟
كلا والله.. إنهم رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فلا المناصب تبهرهم ولا الدنياتفتنهم ولا الأحقاد تعرف إلى قلوبهم طريقاً، إنهم خالصين مخلصين لا يريدون إلا وجهالله عز وجل، امتثل عقبة فوراً للأمر وانتظم في سلك الجندية.
استطاع أبو المهاجر القائد الجديد أن يحقق عدة مكاسب إستراتيجية في الشمال الأفريقيعلى حساب التواجد الرومي بهذه المناطق، واستطاع أيضاً، يستميل زعيم قبائل البربر 'كسيلة بن لمزم' وكان كسيلة شديد التأثير على قومه، قوى الشخصية،محبوباً في قومه،مطاعاً منهم، وكان نصرانياً متمسكاً بدينه وكان نجاح أبى المهاجر في إقناعهبالإسلام مكسباً كبيراً للإسلام والمسلمين، ولكن القائد المحنك عقبة صاحب النظرةالثاقبة الخبيرة بطبائع البربر، لم يطمئن لإسلام 'كسيلة' خاصة وأنه قد أسلم بعدوقوعه في أسر المسلمين وبعدما ذاق حر سيوفهم، وقد صدق هذا الحدس فيما بعد كما سنعلم .
عودة الأسد
لم يمض كثيراً من الوقت حتى عاد الأسد الضاري عقبة بن نافع إلى قيادة الجهاد ببلادالمغرب وانتقل أبو المهاجر في صفوف الجنود مجاهداً مخلصاً، وهكذا نرى خير الأمةينتقل الواحد منهم من الرئاسة إلى عامة الجند بمنتهى اليسر والسهولة، بلا مشاكل أواعتراض، وبلا أحقاد وأضغان، وذلك لأن الكل يبتغى مرضات الله ولا يريد شيئاً من عرضالدنيا الزائل .
قرر عقبة بن نافع استئناف مسيرة الفتح الإسلامي من حيث انتهى أبو المهاجر، وكانتمدينة 'طنجة' هي أخر محطات الفتح أيام أبي المهاجر، وهنا أشار أبو المهاجر على عقبةألا يدخل مدينة طنجة لأن 'كسيلة' زعيم البربر قد أسلم، ولكن عقبة كان يشك في نواياوصحة إسلام كسيلة، فقرر الانطلاق لمواصلة الجهاد مروراً بطنجة وما حولها، خاصة وأنللروم حاميات كثيرة في المغرب الأوسط .
استشهاد البطل
حقق عقبة غايته من حركة الفتح الإسلامي بالشمال الإفريقي، فلقد أخضع قبائل البربروأوقع بها بأساً شديداً، حتى وصل إلى أقصى بلاد المغرب واقتحم المحيط بفرسه، وبعدهاقرر عقبة العودة إلى القيروان، فلما وصل إلى طنجة أذن لمن معه من الصحابة أنيتفرقوا ويقدموا القيروان أفواجاً ثقة منه بما نال من عدوه، ومال عقبة مع ثلاثمائةمن أصحابه إلى مدينة 'تهوذة'، فلما رآه الروم في قلة من أصحابه طمعوا فيه، وأغلقواباب الصحن وشتموه وهو يدعوهم إلى الإسلام وعندها أظهر 'كسيلة' مكنون صدره الذي كانمنطوياً على الكفر والغدر والحسد، واستغل قلة جند عقبة واتفق مع الروم على الغدربعقبة وأرسل إلى إخوانه البربر الوثنيين وجمع جموعاً كثيرة للهجوم على عقبة ومنمعه.