الغيرة على الزوجة (2)
" ... ويخرج منها ـ بالتأكيد ـ قالبُها المذمومُالمتجسِّدُ في كُلِّ غيرةٍ مبنيَّةٍ على الشكِّ والرِّيبة، لا تدلُّ عليها الدلائلُ ولا تشهد لها ظواهرُ الأحوال؛ لأنَّ الخواطر تَنْقلِبُ إلى وساوسَ، وكثرة الوساوسِ تهجم على المرءِ فترمي به في زاويةٍ مظلمةٍ مِنَ الشكوك والريب، وذلك كإساءة الرجل الظنَّ بزوجته مِنْ غيرِ دليلٍ ظاهرٍ أو قرينةٍ واضحةٍ، فتراهُ يترقَّبُ تصرُّفاتِها ويريد أَنْ يُبَرْهِنَ على أمرٍ وهميٍّ، وقد يَصِلُ به الأمرُ إلى وضعِ أجهزة التصوير وأدواتِ الْتقاط الصوت في بيتها ليكشفَ عنها مِنْ بُعْدٍ، وقد يختارُ ساعاتٍ غيرَ معتادةٍ للدخول على زوجته، أو يَتحيَّنُ أوقاتًا يَترصَّدُ فيها تصرُّفاتِها بصورةٍ غيرِ طبيعيةٍ، ونحو ذلك ممَّا لا يَمُتُّ بصِلَةٍ إلى الجانب الممدوح مِنَ الغيرة، بل هي غيرةٌ مذمومةٌ شرعًا لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِنَّ مِنَ الْغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَمِنْهَا مَا يَبْغَضُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَمِنَ الخُيَلَاءِ مَا يُحِبُّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَمِنْهَا مَا يَبْغَضُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُحِبُّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَالْغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ، وَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يَبْغَضُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ...»(ظ،ظ،ظ¤)، ولنَهْيِه صلَّى الله عليه وسلَّم «أَنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيْلًا يَتَخَوَّنُهُمْ أَوْ يَلْتَمِسُ عَثَرَاتِهِمْ»(ظ،ظ،ظ¥)، وفي لفظٍ للبخاريِّ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِذَا أَطَالَ أَحَدُكُمُ الغَيْبَةَ فَلَا يَطْرُقْ أَهْلَهُ لَيْلًا»."
موقع الشيخ فركوس حفظه الله