السّلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته
موضوع جميل أخ ركان ويحمل فكرة عميقة تتركُ في النّفوس أثرا يختلف حسب إختلافه من شخص لآخر
شخصيّاً أبي حفظه اللّه لا يفرّق بيننا في المعاملة ، رغم أنّ لي أخاً واحدا يصغرني بستّ سنوات وفي المقابل نحن أربع بنات ، ولكن الحمد للّه لم يفضّله علينا يوماً لا في المعاملة ولا في الإنفاق
أبي بطبعه كتوم صامت أغلب الوقت ، قليل المزاح، ليس جدّياً كثيرا وليس صارما وجَلفَ الطّباع بل بالعكس، هو طيّب حنون فيه من الصّفات الحسنة الكثيييير
لكنّي نسيت متى آخر مرّة حضنني فيها وأنا بدوري لم أحتضنه منذ مدّة طويلة ، رغم حبّي الشّديد له ، ربّما لأنّني أستحي من ذلك وهو مثلي فطباعنا متشابهة كثيرا
عند زواجي وأنا خارجة من بيت أهلي ، بكى أبي بكاءا شديدا وكأنّي متّ لا قدّر اللّه ، وحتى في عرس أخواتي نفس الشّيء
بل لمّا أخرج أخواته الخمس أي عمّاتي ، بكى أيضا بشدّة ، أوّلا لأنّه ألفهنّ ، ثانيا لأنّ جدّي رحمه اللّه كان أعمى ولم يستطع رؤية بناته وهنّ ذاهبات إلى بيوت أزواجهنّ
علاقتي بأخي جيّدة جدّاً ، أحسّه قطعة منّي وكأنّه إبني رغم أن بيننا ستُّ سنوات فقط ، وهو أيضا يعاملنا جيّدا ويحنو على أبنائنا
لكن ماأشرت إليه في موضوعك موجود كثيرا ولعلّه في جيل الأمس أكثر ، أعرف الكثيرات علاقتهنّ بوالدهنّ سطحيّة وباردة جافّة ، السّبب أنّه لم يحنو عليهنّ يوماً ولم يلاطفهنّ أو يلاعبهنّ ، وفي المقابل فرط دلال للذّكر على حساب البنت ، أكيد ستحسّ ويحدث ذلك في قلبها شرخاً قد يطول ، خصوصاً أنّ الأخ وقد تربّى على ذاك المنوال ينشأ أنانيّا لا مباليّا بأخواته وحتّى أمّه ، والنّتيجة جفاء ومعاداة بين الإخوة ، وقد رأيت هذا بأمّ عيني
الأب هو الحبّ الأوّل للبنت ومن البديهيّ أن ينعكس ذاك الحبّ على حياتها ككلّ ، سواءا سلبا أو إيجابا
صدّقني منذ رأيت طفلة في السّادسة من عمرها وهي تبك أباها وهو راقد في كفنه ، على وشك أن يوضع في قبره ، تبكي بحرقة وكأنّها أدركت بعقلها الصّغير أنّه ذاهب ٌ بدون رجعة ، صرت وأنا كبيرة مقارنة بها أخشى فَقْدَ والداي ، ويحزّ في نفسي أنّني لم أبُح لهما بمقدار حبّي لهما
شكرا على جميل ما طرحت ، ولمن قالوا أنّ العكس هو الصّحيح حالياً نعم قد يكون كذلك ، ولكنّه لا يعدو القلّة القليلة ، وأغلبها في آباء اليوم ، أمّا في أجيال مضت فالبنتُ كانت لا محلّ لها من الإعراب عند الكثيرين .