حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، نَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، نَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرُ الْبَصْرِيُّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ؛ قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيّ: وَقَفْتُ عَلَى بَزَّازٍ بِمَكَّةَ أَشْتَرِي مِنْهُ ثَوْبًا، فَجَعَلَ يَمْدَحُ وَيَحْلِفُ، فَتَرَكْتُهُ وَقُلْتُ: لا يَنْبَغِي الشِّرَاءُ مِنْ مِثْلِهِ، وَاشْتَرَيْتُ مِنْ غَيْرِهِ، ثُمَّ [ص:252] حَجَجْتُ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَنَتَيْنِ، فَوَقَفْتُ عَلَيْهِ، فَلَمْ أَسْمَعْهُ يَمْدَحُ وَلا يَحْلِفُ. فَقُلْتُ لَهُ: أَلَسْتَ الرَّجُلَ الَّذِي وَقَفْتُ عَلَيْهِ مُنْذُ سَنَوَاتٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ لَهُ: وَأَيُّ شَيْءٍ أَخْرَجَكَ إِلَى مَا أَرَى؟ مَا أَرَاكَ تَمْدَحُ وَلا تَحْلِفُ! فَقَالَ: كَانَتْ لِيَ امْرَأَةٌ إِنْ جِئْتُهَا بِقَلِيلٍ نَزَرَتْهُ، وَإِنْ جِئْتُهَا بِكَثِيرٍ قَلَّلَتْهُ، فَنَظَرَ اللهُ إِلَيَّ فَأَمَاتَهَا، فَتَزَوَّجْتُ امْرَأَةً بَعْدَهَا، فَإِذَا أَرَدْتُ الْغُدُوَّ إِلَى السُّوقِ أَخَذَتْ بِمَجَامِعِ ثِيَابِي ثُمَّ قَالَتْ: يَا فُلانُ! اتَّقِ اللهَ وَلا تُطْعِمْنَا إِلا طَيِّبًا، إِنْ جِئْتَنَا بِقَلِيلٍ كَثَّرْنَاهُ، وَإِنْ لَمْ تَأْتِنَا بِشَيْءٍ أَعَنَّاكَ بِمِغْزَلِنَا.
المجالسة وجواهر العلم (5/251)
لأبي بكر أحمد بن مروان الدينوري المالكي (المتوفى : 333هـ)