تعرف على إجابة هذا السؤال: هل حقاً النساء سائقات سيئات؟!

[〆 بٰٰاولو 乄]

[

يدعي الرجال في كل مكان من العالم وليس في عالمنا العربي فقط؛ أن قيادة السيدات للسيارات هي قيادة سيئة بالضرورة، أي أن القاعدة هي السيء وغالباً لا يوجد استثناء عندهم لهذه القاعدة!

وفي هذه المسألة حقيقةً عنصريةٌ فجة؛ أولاً لأن التعميم بالضرورة مسألة تؤكد على الاختلال النابع من التفكير الذكوري، وثانياً أن الحكم على قطاع معين من المجتمع -نوع، وظيفة، عرق، دين، إلى آخره- بعدم قدرته على فعل أمر لمجرد أن جزءاً من هذا القطاع من وجهة نظر قطاع آخر لا يجيد هذا الفعل هو بالضرورة أيضاً حكم خاطئ؛ يؤدي لا محالة لأفعال عنصرية من القطاع الذي أعطى لنفسه حق الحكم، إلى القطاع المحكوم عليه.. فمثلاً ما رأيكم لو قيل ببساطة هكذا أن كل المحامين نصابون، أو أن الوسط السينمائي وسط داعر، أو الأطباء جزارون ولصوص، أو أن الخيانة طبع الرجال تجري في عروقهم مجرى الدم.

والمثير للضحك في مصر مثلاً أنه وطبقاً للإحصاءات أكثر من 70% من حوادث الطرق يتسبب فيها سائقون رجال وليس سائقات نساء.

ورغم ذلك تتطور العنصرية أكثر وتصير مادة للفكاهة، عندما يسخرون من طريقة ركن السيدات لسياراتهن، أو لأنهن يفضلن القيادة على سرعات منخفضة؛ لأنهن في الغالب يَخَفنَ جداً على أطفالهن، أو الالتزام بالسرعة المقررة على الطريق؛ فمثلاً إحدى صديقاتي تعرضت للسخرية؛ لأنها أصرت على التوقف في الإشارة قبل خط المشاة؛ فنالت تقريعاً وسخرية من المجاورين لها من الرجال و شاركهم في ذلك عسكري المرور «الدكر» الهمام المنوط به تطبيق قانون المرور.

لا أعلم لماذا يصرّ الرجال على أن يضعوا تنميطات بهذا الشأن تحديداً؛ فأنا ما ركبت مع سائق تاكسي إلا وقال لي كل ما سبق ويزيد؛ انظر الست تمسك الدركسيون بيديها الاثنتين، أو بتعطيني إشارة علشان أعديها، لكن على جثتي، وبالطبع أي عطلة تحدث ينظر لي ويقول: أراهنك يا بيه سببها ست. ولو طلع سببها راجل؛ فيخرج رأسه من الشباك قائلاً: تلاقي أمك اللي جيبهالك -يقصد السيارة- وكأن المشكلة فيه وفي أمه.. لازم واحدة ست في الموضوع.. هذه -كما كتبنا أعلاه- بعض الأفعال العنصرية التي تولدها الأحكام العنصرية؛ ودعوني أكمل لكم بعض الأفعال الأخرى مثل سب النساء بأشد وأقذع الألفاظ، أو سبهن بالكلاكسات عمال على بطال، أو التحرش وهذا رقم واحد طبعاً؛ سواء أكان التحرش لفظياً، أو جسدياً وأقله المعنوي؛ فتلك النظرة المتفحصة لتفاصيل الجسد أثناء الزحمة أو الانتظار أو الإشارة تعتبر تحرشاً ويجب أن يعرف كل مغفل هذا جيداً، أو يتم التزنيق عليها بالسيارة من أجل إجبارها على التوقف وعرض التعرف عليها أو تركن سيارتها وتركب معه، أو يرمي لها شاب وسيم من شباك سيارته ورقة فيها اسمه ورقم تليفونه، أو يخرج مجموعة من الصبية رؤوسهم من سيارتهم ويصرخون فجأة قرب أذن البنت؛ كي ترتبك، ويسبب هذا الارتباك حوادث أحياناً، أو يقوم ضابط شرطة «حليوة» بالتغليس عليها لأنها ترتدي تنورة يعتبرها قصيرة وخادشة للحياء؛ فيقوم بتطليع عقده عليها.. كل ما سبق وأكثر رأيته وأراه يحدث كل يوم للأسف الشديد!!

بالطبع هناك بعض الأخطاء التي تحدث من السيدات أثناء قيادة السيارة، لكن من منا لا يخطئ؟ هل فقط النساء هن من يقدن ببطء في يسار الطريق؟ وهل فقط النساء هن من يقفن فجأة في وسط الطريق لأي سبب؟ أي إذا فوجئ رجل بشخص في منتصف الطريق على قدميه لن يتوقف وسيدهسه!؟ بالطبع سيتوقف أيضاً، ولكن أصبحت العادة هي السخرية من أفعال النساء أياً كانت كأنها هي الطريقة الوحيدة لإثبات الذكورة.

إن مسألة معاناة المرأة أثناء قيادتها السيارة؛ جزء من معاناتها العامة؛ في مجتمعاتنا العربية، التي للأسف لا تزداد إلا تخلفاً ورجعية كل يوم، ولا أعرف أنا كاتب هذه السطور ولا أرى حلاً لا في المستقبل القريب أو البعيد؛ يصلح من أحوال هذه المجتمعات :
للأمانة منقول....