كلمة مؤمنة في رد "كلمة كافرة" لمصطفى صادق الرافعي رحمه الله - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > منتدى نُصرة الإسلام و الرّد على الشبهات

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

كلمة مؤمنة في رد "كلمة كافرة" لمصطفى صادق الرافعي رحمه الله

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2015-07-04, 13:48   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
ishak44
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

"القتل أنفى للقتل" ليست مترجمة

بعد أن نشرت مقالة "الكلمة المؤمنة" في "البلاغ"، كتب الأديب الفلسطيني الأستاذ إسعاف النشاشيبي: إن هذه الكلمة مترجمة عن الفارسية، وقد نقلها الثعالبي في كتابه "الإيجاز والإعجاز"، فنشرنا في "البلاغ" هذاالتعليق:

قال الأستاذ الكبير محمد إسعاف النشاشيبي في كلمته للبلاغ إن عبارة "القتل أنفى للقتل"، ليست بعربية ولا مولدة، بل هي مترجمة؛ أي فهي مطموسة الوجه من كونها أعجمية وقع الخطأ في نقلها إلى العربية، فكانت غلطة من جهتين.

وإنه ليسرني أن تكون فوق ذلك زنجية نقلت إلى المالطية، ثم ترجمت إلى العربية، فتكون غلطة من أربع جهات، لا من جهتين فقط... ولكن هذه الكلمة لم يشر إلى أصلها غير "الثعالبي"، وهو مع ذلك لم يقطع فيها برأي، بل أشار إلى ترجمتها في صيغة من صيغ التمريض المعروفة عند الرواة فقال: "يحكى أن فيما ترجم عن أزدشير.." و"يحكى" هذه ليست نصًّا في باب الرواية، وقد يكون هذا الإمام اتقى الله فابتعد بالكلمة وطوح بها إلى ما وراء بلاد العرب، أو تكون الكلمة ألقيت إليه على أنها مشتبه في نسبتها؛ ولو كانت العبارة مترجمة لتناقلها الأئمة معزوة إلى قائلها أو لغتها التي قيلت فيها.

ولقد ذكرها العسكري في كتابه "الصناعتين" على أنها "من قولهم"، أي العرب أو المولدين؛ ونقلها الرازي في تفسيره، فقال: إن للعرب في هذا المعنى كلمات منها "قتل البعض إحياء للجميع" وأحسنها "القتل أنفى للقتل"؛ وكذلك جاء بها ابن الأثير في كتاب "المثل السائر" ولم يعزها؛ وقال مفسر الأندلس أبو حيان في تفسيره: إنها تروى برواية أخرى وهي: "القتل أوقى للقتل"، وكل ذلك صريح في أن خبر الترجمة قد انفرد به الثعالبي.

ولا يقوم الدليل على ترجمتها إلا بظهور أصلها الفارسي، فإن كان علم ذلك عند أحد فليتفضل به مشكورًا مأجورًا.

"تنبيه": نشرنا هذه الكلمة ومضت بعدها سنوات ولم يقف أحد على أن للعبارة أصلًا فارسيًّا، فلم يبق عندنا ريب أنها من صنيع بعض الزنادقة وقد ولدها من الآية الكريمة ليجريها في مجرى المعارضة؛ وقد كتب الأستاذ الكبير عبد القادر حمزة صاحب جريدة "البلاغ" أن تلك العبارة حكمة مصرية قديمة؛ ولا نمنع أن يكون هذا، فإن بعض الحكم مما تتوارد عليه العقول الإنسانية النابغة؛ إذ كانت الطبيعة البشرية كأنها تمليه؛ غير أن العبارة ليست في كلام الجاهلية القديمة ولا الحديثة، وألفاظ المصرية غير ألفاظ العربية، فلم يبق إلا توارد الخواطر، والله أعلم.

"القتل أنفى للقتل" ليست جاهلية

وبعد كلمتنا تلك عن الترجمة نشر أديب في البلاغ أن الكلمة جاهلية، فتعقبناه بهذا التعليق:

أثبت الأستاذ عبد العزيز الأزهري فيما نشره في "البلاغ" أن هذه الكلمة عربية في دعواه، واحتج لذلك بحجج، أقواها زعمه: "أنها وردت بين ثنايا عهد القضاء الذي بعث به سيدنا عمر إلى أبي موسى الأشعري؛ ولا ندري أين وجد الكاتب كلمة: "القتل"، فضلًا عن: "القتل أنفى للقتل" -في ذلك العهد المشهور المحفوظ، وقد رواه الجاحظ في "البيان والتبيين"، وجاء به المبرد في "الكامل"؛ ونقله ابن قتيبة في "عيون الأخبار". وأورده ابن عبد ربه في "العقد الفريد"، وساقه القاضي الباقلاني في "الإعجاز"؛ وفي كل هذه الروايات الموثقة لم تأت الكلمة في قول عمر، بل لا محل لها في سياقه، وإنما جاء قوله: "فإن أحضر بينة أخذت له بحقه وإلا وجهت عليه القضاء، فإن ذلك أنفى للشك".

أما سائر حجج الكاتب فلا وزن لها في باب الرواية التاريخية وقد أصبح عاليها سافلها كما رأيت.

والذي أنا واثق منه أن الكلمة لم تعرف في العربية إلى أواخر القرن الثالث من الهجرة، وهذا الإمام الجاحظ يقول في موضع من كتابه "البيان والتبيين"، في شرح قول علي -كرم الله وجهه-: "بقية السيف أنمى عددًا وأكثر ولدًا، ما نصه: "ووجد الناس ذلك بالعيان للذي صار إليه ولده من نهك السيف وكثرة الذرءِ وكرم النجل؛ قال الله تبارك وتعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ} [البقرة: 179] وقال بعض الحكماء: "قتل البعض إحياء للجميع".

ولم يزد الجاحظ على هذا، ولو كانت الكلمة معروفة يومئذ لما فاتته كما هو صنيعه في كتبه*) أورد الجاحظ الآية الكريمة في الجزء الثاني من كتابه "الحيوان" صفحة 31 ثم قال: إلى هذا المعنى رجع قول الحكيم الأول: بعض القتل إحياء للجميع. وهذا إلى ما تقدم هو نص على أن الجاحظ لم يسمع هذه الكلمة ولم يعرفها، وقد توفي الجاحظ سنة 255 للهجرة، وألف كتاب "الحيوان" في آخر عمره، وهو مفلوج، فلم تكن الكلمة معروفة إلى ذلك العهد، لا في الرواية ولا في الترجمة، مع انتهاء زمن الرواية واستبحار الترجمة عن الفارسية. (، خصوصًا وهي أوجز وأعذب مما نسبه لبعض الحكماء؛ وهذه العبارة الأخيرة "قتل البعض..." هي التي زعم الرازي في تفسيره أنها للعرب... فلا عبرة في هذا الباب بكلام المفسرين ولا المتأخرين من علماء البلاغة، وإنما الشأن للتحقيق التاريخي.

ونص الجاحظ في كتاب "حجج النبوة" على أن قومًا منهم ابن أبي العوجاء، وإسحاق بن الموت، والنعمان بن المنذر: "أشباههم من الأرجاس الذين استبدلوا بالعز ذلًا، وبالإيمان كفرًا، وبالسعادة شقوة، وبالحجة شبهة، كانوا يصنعون الآثار، ويولدون الأخبار، ويبثونها في الأمصار، ويطعنون بها على القرآن"؛ فهذا عندنا من ذاك.

وإن لم ينهض الدليل القاطع على أن الكلمة مترجمة عن الفارسية بظهور أصلها في تلك اللغة ورجوعه إلى ما قبل الإسلام، فهي -ولا ريب- مما وضع على طريقة ابن الرواندي الزنديق الملحد الذي كان في منتصف القرن الثالث وألف في الطعن على القرآن وقال في كتابه: "الزمردة": "إنا نجد في كلام أكثم بن صيفي شيئًا أحسن من {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} فكأن واضع الكلمة يقول على هذه الطريقة: "إنا نجد في كلام العرب شيئًا أبلغ من {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179].

وهؤلاء المتطرفون على القرآن الكريم إنما يريدون ما يصنعونه من مثل هذه الكلمة أن يوجدوا للعامة وأشباههم من الأحداث والأغرار وأهل الزيغ والضعفاء في العلم -سبيلًا إلى القول في نقض الإعجاز، ومساغًا إلى التهمة في أن القرآن تنزيل؛ والخطأ في مثل هذا يتجاوز معنى الخطأ في البيان إلى معنى الكفر في الدين، وذلك ما يرمون إليه؛ وهذه بعينها هي طريقة المبشرين اليوم، فكأن إبليس من عهد أولئك الزنادقة إلى عهد المبشرين لم يستطع أن يتغير، ولا أن يكون... أن يكون مجددًا ...

وَحْيُ القلم مصطفى صادق الرافعي









رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
الدفاع, الرافعي, القران, بلاغة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 05:00

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc