وصف الله عز وجل المجتمع الإسلامي بأنه مجتمع إذا سامه الظلم لا يسكت فقال عز وجل :
(وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ) الشورى : 39
وأكد القرآن أن المظلوم إذا انتصر لظلمه فلا لوم عليه فقال تبارك وتعالى :
(وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ) الشورى : 41 ،
بل أجاز له أن يقول ما في نفسه ويهتف بأعلى صوته ولو جهرا يجوب الشوارع ما دام مظلوما حتى لو جهر بالسوء الذي يرعب الظالمين فقال عز وجل :
(لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعاً عَلِيماً) النساء : 148 ،
لكن علماء السلطان لاموه وقالوا له المطالبة بالحق خروج على الحاكم وإخلال بالأمن ودعوة إلى الفتنة..
وقال الله تعالى لهم إن الفتنة هي ظلم الناس فلوموا الظالم وقفوا مع المظلوم :
(إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ) الشورى : 42 ،
فبرروا ظلمه وأمروا المظلوم بالسكوت وقالوا أسمع و أطع.
وجعل الله الدخول في الدين اختيارا من دون أكراه فقال تبارك وتعالى :
(لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) البقرة : 256 ،
ولكنه جعل الدخول في العدل إجبارا فقال جل وعلا :
(إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) النحل : 90 ،
وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم :
(وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) الشورى : 15 ،
ولكننا اجبرنا الناس على قبول الظلم والرضا بالظالم ولو جلد ظهورنا واخذ أموالنا ...
ٌٌٌٌٌٌٌٌٌٌ~~~~~~~
جاء في صحيح مسلم » كِتَاب الْإِمَارَةِ » الأَمْرِ بِلُزُومِ الْجَمَاعَةِ عَنْدَ ظُهُورِ الْفِتَنِ .
عَنْ أَبِي سَلَّامٍ ، قَالَ : قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ :
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ فَجَاءَ اللَّهُ بِخَيْرٍ فَنَحْنُ فِيهِ ، فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ ؟ ، قَالَ : نَعَمْ ،
قُلْتُ : هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ ؟ ، قَالَ : نَعَمْ ،
قُلْتُ : فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ ؟ ، قَالَ : نَعَمْ ، قُلْتُ : كَيْفَ ؟ ،
قَالَ : (يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ ، وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي ، وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ) ،
قَالَ : قُلْتُ : كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ ؟ ،
قَالَ : (تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ ، وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ) .
ٌٌٌٌٌٌٌٌٌٌ~~~~~~
السؤال : من هو ولي أمر المسلمين الذي تجب طاعته ؟
قال ابن حجر : (وَأَمَّا مَنْ خَرَجَ عَنْ طَاعَة إِمَام جَائِر أَرَادَ الْغَلَبَة عَلَى مَاله أَوْ نَفْسه أَوْ أَهْله فَهُوَ مَعْذُور وَلَا يَحِلّ قِتَاله وَلَهُ أَنْ يَدْفَع عَنْ نَفْسه وَمَاله وَأَهْله بِقَدْرِ طَاقَته) .
ولي أمـــــر المسلمين الذي تجب طاعته هو الذي يتولى أمر دين المسلمين لأن هذا هو أمر المسلمين ، فليس لهم أمر غير دينهم ،
فبه صاروا أمة ، وبه تحققت شخصية أمتهم الحضارية ،
أما من يتولى أمرا آخر ، فهو ولي أمــر ما تولاه ، ليس هو ولي أمر المسلمين ،
فكيف يُولى أمر أمة الإسلام ، وقد تولى أمر غيرها ؟!!
ٌٌٌٌٌٌٌٌٌٌِ~~~~~~~
قال الشيخ مقبل الوادعي في تحقيقه للإلزامات والتتبع (ص182) :
(وفي حديث حذيفة هذا زيادة ليست في حديث حذيفة المتفق عليه وهي قوله (وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك) ! فهذه الزيادة ضعيفة لأنها من هذه الطريق المنقطعة .
وقال الشوكاني في النيل : قوله في جثمان إنس بضم الجيم، وسكون المثلث أي: لهم قلوب كقلوب الشياطين، وأجسام كأجسام الإنس،
قوله: وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع فيه دليل على وجوب طاعة الأمراء ،
وإن فعلوا في العسف والجور إلى ضرب الرعية وأخذ أموالهم، فيكون هذا مخصصاً لعموم قوله تبارك وتعالى :
(فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) .
وقوله عز وجل : (وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا) . انتهى.
ٌٌٌٌٌٌٌٌٌٌ~~~~~~
المصادر :
* القرآن الكريم
* صحيح مسلم
* جزء من مقال للسلفي : توهيب الدبعي
* إسلام ويب : مركز الفتوى
* الشيخ / حامد بن عبد الله العلي