// ** - رحلة الشتاء و الصيف ... العرب و احتقار المهن - ** //

[أمير جزائري حر]

// ** - رحلة الشتاء و الصيف ... العرب و احتقار المهن - ** //

العرب أمة كانت تعيش على التجارة كنشاط أساسي في الحضر و الرعي في البادية مع شيء من الزراعة قبل الإسلام .. و حاول رسول الله صلى الله عليه و سلم تغيير ذهنيات العرب ... من خلال العديد من الأحاديث التي ترغب في العمل و بذل الجهد و الأكل من عمل اليد و تجعل على ذلك الأجر الكبير عند الله سبحانه ...

من تلك الأحاديث:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم-: " لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَأْتِيَ بحُزْمَةِ الْحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا فَيَكُفَّ اللَّهُ بهَا وَجْهَهُ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ ". ... و قال: " ما أكل العبد طعاماً أحب إلى الله من كدِّ يَدِهِ ومن بات كالاً من عمله بات مغفوراً له " ... و قال: " أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه " ... و قال: " لاَ يَغْرِسُ مُسْلِمٌ غَرْسًا وَلاَ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلَ مِنْهُ إِنْسَانٌ وَلاَ دَابَّةٌ وَلاَ شَىْءٌ إِلاَّ كَانَتْ لَهُ صَدَقَةٌ " و صافح رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً فوجد يد الرجل خشنة من آثار العمل اليدوي فقال عليه السلام: " هذه يد يحبها الله ورسوله " ... و عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن قامت الساعة و في يد أحدكم فسيلة , فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها " .

و كانت العرب تحتقر العمل الحرفي أو الصنعة و تسميه مهنة ... و لا يقوم بها سوى العبيد ... و كلمة مهنة مشتقة من الامتهان و المهانة ...

و في صدر الإسلام تغير الحال و صار كبار العلماء يكنون بصنعتهم: البزاز ، الصواف، الخلال ... كما صارت تكنى بها العائلات ... عائلة النجار .. الحداد ... و غيرها


و السؤال : ما حالنا اليوم و حال شبابنا ؟ أين نحن من ذلك ؟


هل يحب شبابنا الحرف و المهن ؟

هل ما زالت فينا تلك الصفات التي حاول الإسلام قلعها من نفوس العرب ؟ هل عدنا إلى ما كان عليه حال الأجداد ؟

ألا ترون البعض يعمل بالكاد قدر ما يسد حاجته ؟ ... و لا يعود للعمل حتى يفرغ جيبه ؟

ألا يحرص الشباب على التجارة و طرق الربح السهل و السريع ؟ و ينفرون من كل عمل فيه جهد و وسخ و مشقة؟

ألم نعد نجد صعوبة في الحصول على بناء أو رصاص أو دهان متمكن من مهنته مراقب لربه ؟

ألم يعد سوء الإتقان و الكسل هو العملة الرائجة ..؟

ألم يعد بعض أفراد الشعب يوظفون الأجانب من مختلف الجنسيات ... بسبب تمرد أبنائنا و كثرة شروطهم ؟

************************************
************************************

أحكي لكم حكاية من الواقع ..

شاب كنت أعرفه منذ زمن .. تزوج و صار له أولاد لكنه لم يستقر في عمل دائم ... يفضل العمل لسويعات (..) في إنزال السلع و ما شابه من عمل غير شاق يستغرق زمنا يسيرا و يجني منه بعض المال ... و كان من حين لأخر يستجدي الناس (و منهم أنا ) ... فعرضت عليه ذات مرة (بحسن نيتي .. و الله شاهد علي) أن أساعده لشراء لوازم الإسكاف (تصليح الأحذية) و بعض المال ليتوكل على الله و يستقر في عمل (غير متعب جدا كما يحب هو) ... مع أن هذا الشاب يبدو في غاية القوة و صلابة البنية ... فما كان منه إلا أن نظر إلي باستغراب و ضحك و قال لي : " أنا نخدم كوردوني ... أواه .. لالا " ...
فكان ذلك فراق ما بيني و بينه ... و لم يعد يتجرأ على طلب المعونة مني ...


سلام

../