في حكم مس الراقي للمرأة الأجنبية أثناء الرقية
السؤال:
هل يجوز للراقي لمسُ رأس المرأة وذقْنِها مع وجود حائلٍ ؟ وهل هذا الجواز على إطلاقه أم أنه للضرورة، كضرورة تداوي المرأة عند الطبيب عند انعدام الطبيبة ؟
الجواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فينبغي أن تكون الرقية خاليةً من المَنْهيَّات والمحرَّمات، والنظرُ إلى العوْراتِ مُحرَّمٌ شرعًا، والمسُّ أعظم منه في جلبِ المفسدة، ولا يُتذرَّع بالقياس على طبِّ الأبدان في جواز المسِّ والنظر بدعوى قُوَّة تأثير المسِّ والنظر في نجاعة العلاج؛ لأنَّ الطبَّ الروحانيَّ -وإن كان له شبهٌ بالطبِّ الجسمانيِّ من جهة أنَّ مدارَهما على التجربة الفعلية المبنيَّة على ظنٍّ غالبٍ- إلاَّ أنَّ الطبَّ الجسمانيَّ من أهمِّ خصائصه اعتمادُه على ما خلقه الله من الميزان الطبيعي للأشياء، وإعمالُ مسلك الدوران الذي توصَّل بواسطته الأطبَّاء إلى ما عَلِموه من فوائد الأدوية والأغذية حيث دارتْ معها آثارُها وجودًا وعدمًا(١).
فالحاصل: أنَّ طِبَّ الأبدان مؤسَّسٌ على مجموع ما يُدْرَك بالحواسِّ، فهو من قبيل عالَم الشهادة، وهو عالَم الأكوان الظاهرة، بخلاف أمر الرقية فهي معالجةُ الأمراضِ والآلام بالدعاء والالتجاء إلى الله تعالى، وتترتَّب عليها آثارٌ عجيبةٌ تتقاعد العقول عن الوصول إلى كُنهها، فهي إذن من الطبِّ الروحانيِّ الذي هو من قبيل عالَم الغيب، ولا يخفى أنَّ قياس عالَم الغيب على عالَم الشهادة ظاهرُ الفساد لاختلال ركنه وشرطه؛ ذلك لأنَّ العلَّة الغائبةَ مستورةٌ ومقصورةٌ على مَحَلِّها في عالَم الغيب، ومِن شرط العلَّة: أن تكون وصفًا ظاهرًا ومتعدِّيًّا، ولمَّا انتفى الظهورُ والتعدِّي في الوصف اختلَّ -حالتئذٍ- البناءُ القياسي.
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: 20 رجـب 1432ﻫ المـوافق ﻟ: 22 جـوان 2011م
ـــــــــــــــ
١- «مذكرة الشنقيطي» (262).
للشّيخ الفَاضِل أبي عَبدِ المعِزّ مُحمَّد عَلي فَركُوس - حفظه الله -