https://الرابط مخالف/y4nMR
كانت الأندلس عند العرب بمثابة الفردوس. وعندما ضاعت من أيديهم أطلقوا عليها صفة “الفردوس المفقود”. وبسقوط آخر معاقل الوجود العربي في الأندلس دخلت شبه الجزيرة الأيبيرية مرحلة جديدة في تاريخها وسمت بمجموعة من الخصائص المتناقضة: فبينما كانت تنهض كقوة كبرى صاعدة في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، كانت في الوقت نفسه تحمل وزر ما سمى في التاريخ “بمحاكم التفتيش”، وبينما كانت تشهد نهضة فكرية وإبداعية عظيمة أثرت تأثيراً كبيراً في عصر “النهضة الأوروبية”، كانت أيضاً ترفع شعار “مناهضة الإصلاح”. وكثيرون من مؤرخي الحضارة والثقافة الغربيين قد أرجعوا أسباب نهضة إسبانيا السياسية والاقتصادية والثقافية في القرن السادس عشر والسابع عشر إلى إنهاء الوجود العربي فيها عام 1492م، لأن هذا العام نفسه هو الذي شهد انطلاق الرحالة الشهير كويستوفر كولومبس لاكتشاف العالم الجديد. ولكن القرن العشرين (وهو قرن تصحيح المفاهيم في إسبانيا) قد شهد ظهور الكثيرين الذين حاولوا البحث عن الأسباب الأخرى الحقيقية لهذه النهضة: فإذا كان ميجيل دى ثرفانتيس صاحب القصة العالمية (دون كيخونه) ابنا شرعياً لعصر النهضة الإسبانية، فإنه في ذات الوقت كان يمثل التجسيد الحي للأسلوب المدجن Mudejar أي ذلك الأسلوب الذي جمع بين ثقافة الشرق المنطفئة وثقافة الغرب الناهضة .