أنت فاسد...إذاً أنت موجود؟

[اعلامي جزائري]

أنت فاسد...إذاً أنت موجود؟

لا يهم فيما إذا كانت السمكة تفسد من رأسها أو من ذنبِها، المهم أن الفساد إن أتى على السمكة فإنه لن يذرها من أعلاها إلى أدناها، في أوروبا تعد تهم الفساد من أشد التهم خطورةً على الإطلاق وقد يُسأل المرء عندهم عن مصدر الملابس الباطنية لزوجته وفي الصين قد يُفصل رأس الرجل عن جسده إن ثبت تلاعبه بالمال العام ، ولكن في الجزائر قد يفصل المسؤول الفاسد من البلدية ليعين في الولاية وأما إن كان خبيراً بالفساد فإن عقوبته ستكون بزجه في أروقة الحكومة لأن شهادة "الإفساد في الأرض" لها شأن قديم وقدر عظيم عند اُولي الأمر منا.
عندما إتهم أحد المستشارين في وزارة الشؤون الدينية وزيره "غلام الله "بأنه قام بإقتناء تجهيرات و سيارات إضافةً إلى فيلا فاخرة على نفقة هباة الصدقات و أموال الزكاة , لم يكلف أي أحد نفسه عناء التحقيق أوحتى الإستماع لأقوال المدعي، ولما إتهم "أبو جرة سلطاني" جهات مجهولة بتهمة الفساد، لم يرى هو الآخر ضرورة لكشف الملابسات وكأننا نتحدث عن سرقةٍ في "متجرللشكولاطه" وحينما سئل هذا الوزير ذات يوم عن مصير هاتة الملفات أوضح بكل وقاحة بأنه سوى القضية مع الكبار وكأن الأمر يتعلق بأموال "نسيبته"، وحين إنفجرت فضيحة الخليفة قال "مراد مدلسي" وزير المالية حينها أن "غبائه المتوقد" ساهم بشكل كبير في وقوع الكارثة التى وصفت بفضيحة القرن وعندما سربت معلومات عن إختلاسات واسعة في وزارة التضامن حتى وصلت إلى قفة رمضان قال "ولد عباس" الوزير الذي يُعتقد أنه يملك فندقا في أوروبا، إن الأمر لايستحق كل هاته الشوشرة، وبعد هذه الشوشرة سمعنا عن شوشرة اُخرى كان بطلاها وزير الصحة وبعض المخابر الطبية الأوروبية في صفقة تجهيز المستشفيات، وقبل وقت قصير من الآن إرتسم أمامنا فضائح الطريق السيار" شرق - غرب" والتي أخرجت للعلن تهماً بالجملة والتقسيط لمختلف المسؤولين بمختلف المستويات ولم يقل وزير الأشعال العمومية "عمار غول" أي كلمة سوى أنه "لا يعلم شيئاً "عن الموضوع وغير بعيد عنها رد وزير الطاقة "شكيب خليل" بنفس الجملة عندما إنكشفت قضية "سوناطراك" التي لم يتفاجأ بها القوم لأنهم تمرسوا على سابقاتها، والسؤال الذي يطرح نفسه في حالات كهذه؛ إن كان كل الوزراء لا جُلهم لايعلمون ولايعرفون كما يقولون شيئً، فمن ذا الذي يعلم يا ترى؟ , هل هم البدو الرحل مثلاً؟ أم قبائل التوارق في صحراء الطاسيلي؟
في الأونة الأخيرة راودتنا أخبارٌ عن تولي جهاز المخابرات مسؤولية التحقيق في القضايا ذات الحساسية العالية كما توصف، و لكن التفكير المنطقي يدعونا للتساؤل صراحة: "هل يمكن للمخابرات أن تقوم بحماية أموال المواطنين في وقت فشل هذا الجهاز في حماية أرواح الجزائريين بالأمس القريب، ونحن نقول بأنه "فشل" ولم نقل بأنه "تواطأ" لا قدر الله أو أنه "تورط" حاشى لله ... وعليه فإن المقال ينتهي عند هذا الحد، لكي لا أكون مضطراً لكتابة المقال القادم من منتجع سركاجي للتدليك القصري.


"بعيون كفيف" بريشة رسام الكاريكاتير والكاتب: إبراهيم سيمينوف