عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النبي قَالَ: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ: الإِمَامُ الْعَادِلُ. وَشَابٌّ نَشَأَ بعِبَادَةِ اللّهِ. وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في الْمَسَاجِدِ. وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللّهِ، اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ. وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللّهَ. وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّىٰ لاَ تَعْلَمُ يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ. وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللّهَ خَالِياً، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ».
************************************************** ************************************************** *************************************
الثاني : وَشَابٌّ نَشَأَ بِعِبَادَةِ اللّهِ:
- نَشَأ : نبت وابتدأ ، والباء في (بِعِبَادَةِ ) هي باء المصاحبة ، كقولنا : جاء زيد بمتاعه ، أي مصاحباً له ، وقد تكون الباء بمعنى ( في ) وهي الموافقة لرواية البخاري "وشاب نشأ في عبادة الله " .
- خصَّ الله تعالى الشاب دون الصغير أو الكبير في السن ؛ لأن الشاب مظنة غلبة الشهوة ، فباعث الهوى والشهوة والإنحراف فيه قوي ، فإذا لازم العبادة مع ذلك كان أدل على غلبة التقوى.
- من المقرر عند أهل العلم أنه لا عصمة إلا للإنبياء – عليهم الصلوات والسلام – فلا يمكن أن يوجد مسلم بلا ذنوب شاباً كان أو غير ذلك ، لأن بني آدم خطاؤون لا محالة
ففي مسند الإمام أحمد وسنن الترمذي وابن ماجه من حديث أنس- رضي الله عنه – مرفوعاً(( كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ))
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -مرفوعاً (( والذي نفسي بيده لولم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم )) ولكن الخلاف فيمن يصدق عليه فضل الشاب الناشئ في عبادة الله .
فقيل : هو الشاب الذي منذ صغره وهو في عبادة الله تعالى ، لأن ( نَشَأَ ) معناها ابتدأ ونما وتربى .
قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - : " والثاني شاب نشأ في عبادة ربه (نَشَأَ) منذ الصغر وهو في العبادة ، فهذا صارت العبادة كأنها غريزة له ، فألفها وأحبَّها ،حتى إنه إذا انقطع يوماً من الأيام عن عبادة تأثر "
وقيل : هو أفنى شبابه ووقت قوته في عبادة الله لا في معصية , فحبس نفسه عن مخالفة ربه .
قال المباركفوي - رحمه الله - : " ( نَشَأَ) أي نما وتربى ( بعبادة الله ) أي لا في معصية فجوزي بظل العرش لدوام حراسة نفسه عن مخالفة ربه "
قال ابن حجر - رحمه الله - : زاد حماد بن زيد عن عبيدالله بن عمر - رضي الله عنهما (( حتى توفي على ذلك )) أخرجه الجوزقي ، وفي حديث سلمان - رضي الله عنه -: (( أفنى شبابه ونشاطه في عبادة الله ))
وقيل : من كان في شبابه حسناته أكثر وذنوبه أقل ممن عبد الله تعالى في آخر عمره؟
قال الباجي - رحمه الله - : "وشاب نشأ في عبادة الله تعالى يحتمل – والله أعلم – أن يريد به أقل ذنوباًً وأكثر حسنات ممن نشأ في غير عبادة الله عزوجل ثم عبده في آخر عمره وفي شيخوخته " ، وقيل غير ذلك.
- إيراد هذا الصنف ضمن السبعة الذين يظلهم الله تعالى أعظم دلالة و على أهمية تربية الأبناء على عبادة الله وحثهم على ما يعينه على ذلك كحلقات تحفيظ القرآن والتردد على المساجد وطلب العلم الشرعي ، والدعوة إلى الله ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والارتباط بالرفقة الصالحة التي تعينه على ذلك ، فإن من شبَّ على شيء شاب عليه.