|
في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
2010-02-10, 11:39 | رقم المشاركة : 1 | ||||
|
درس الحقيقة....كاملا.تفضل
ما الذي يخفيه هذا المفهوم ؟ مفهوم الحقيقة هو إحالة إلى مجال معياري، الإنسان حين يفكر أو يتكلم فمن أجل الحقيقة أو على أساسها، أو من أجل امتلاكها. فتعدد التصورات الفلسفية المؤطرة لهذا المفهوم المعقد والسجالي، هو ما يبرر أن تمة صراع حول الحقيقة وليس من أجلها كما تصور ذلك ميشـل فوكو . مساءلة هذا المفهوم المعياري والمتداخل في شبكة علاقات مع المفاهيم المعقدة مثل الفكر، الواقع ، السلطة، الوهم ، الخطأ، المصلحة يجعل من المساءلة الفلسفية تكتسي طابع الصعوبة والتعقيد . هذا الأمر يستوجب قدرا من التريث مع رفض كل الإجابات الجاهزة والنمطيـة ! إذن كيف تفهم الحقيقة نورد هذا السؤال على سبيل الاقتحام رغبة في بناء فهم هادئ لهذا المفهوم وفق سلم تدرجـي . • دلالات المـفهــــــــوم • في الفهم الاجتماعي : أن مفهوم الحقيقة في دلالاته الشائعة غالبا ما يستند على معيار الواقعية، فالحقيقي هو الوجود القابل للإدراك الحسي والمباشر والقابل للتحقق الواقعي، وبذلك يصبح الواقع هو مرجع الحقيقة كل ما هو واقعي هو حقيقي، غير أن الدلالة الاجتماعية للمفهوم حصرته في زاوية المطابقة وأقصت كل ما هو مخالف للحقيقة مثل الكذب، الوهم ، الخيال رغم واقعيتها ( الكذب أكثر وجودا من الصدق ) . هذه الثغرة تدفعنا إلى ضرورة تعميق النقاش والمساءلة واستدعاء الدلالة اللغوية . • الدلالة اللغـوية : يشتق لفظ الحقيقة في اللسان العربي من فعل حق الشيء إذا ثبت واستقر وتحمل الحقيقة معنى الثبات والاستقرار حيث يصبح الحقيقي في المجال الوجودي هو الجوهر والماهية، واللاحقيقة هي المظهر، أما في المجال المنطقي والمعرفي فالحقيقة هي الصدق واليقين، واللاحقيقة هي الوهم والخطأ والخيال، أما في المجال اللغوي فالحقيقي هو ما وضع اللفظ له، واللاحقيقة هي المجاز من داخل هذه التقابلات يفرض علينا ضرورة المعالجة الفلسفية . • الدلالة الفلسفية : قد حدد لالانـد الحقيقة في معجمه الفلسفي باعتبارها خاصية ما هو حق وهي القضية الصادقة وما تمت البرهنة عليه وهي شهادة الشاهد ، وهو ما يعني اعتبار الحقيقة هي الواقع لا الذي لا يمكن الشك فيه . يكتسي تعريف لالاند للحقيقة طابعا وصفيا حيث جمع أغلب التصورات حول مفهوم الحقيقة رغم تباينها، وبالتمعن في تعريف لالاند واستحضار التقابلات داخل مفهوم الحقيقة مما يفرض علينا إقامة حوار وتباحث فلسفيين مع هذا المفهوم رغبة في فهم فلسفي دقيق ، وهو ما يعني ضرورة الانتقال إلى المساءلة الفلسفية الإشكالية حيث يصبح السؤال الفلسفي هو العنصر الاستراتيجي لهذه المساءلة ونجمل هذه الصياغة الإشكالية في التساؤلات الاتيــة : 1) ما علاقة الحقيقة بالواقع ؟ 2) وما معيارها وهل الحقيقة واحدة أم متعددة ؟ 3) ما قيمة الحقيقـة ؟ المحور الأول :الحقيقـــة والواقــــع ارتباط الحقيقة بالثبات والاستقرار في المنظور اللغوي، وأحيانا ترتبط الحقيقة بما يتجاوز الإنسان على اعتبار أن الحقيقة من اختصاص الخالدون اللالهة أو أنصاف اللالهة كما في التصور اليوناني .وأن تكون الحقيقة هي الثبات والاستقرار واللاتغير، معناه أن يكون الواقع حقيقيا يعني أنه تابت وغير متغير ، لكن واقع الحال يثبت دينامية الواقع وتغيره، وإن لم يكن بصورة دائمة من هنا تتأسس الإشكالية الأساسية كيف ترتبط الحقيقة / الثبات بالواقع / المتغير . تأطيرا لهذه الإشكالية من خلال الانفتاح على الإرث الفلسفي وفق تسلسل تاريخي كاختيار بيداغوجي فقط . 1-1 داخل الفلسفة اليونانية : عولج هذا الإشكال في الفلسفة اليونانية خاصة لحظة أفلاطون وسجاله مع السوفسطائيين وتتحدد رؤية أفلاطون في كونه ميز بين واقعين واقع ثابت والاخر متغير ، فالواقع الحقيقي/ الثابت هو عالم المثل " الايديا "باعتباره عالم الماهيات والجواهر والحقائق المعقولة والمجردة والثابتة، وهو عالم مفارق للعالم الحسي ، إنه عالم موضوعي ، في حين العالم الحسي عالم الأشياء ما هو إلا نسخة للحقيقة الثابتة ، لذا لا يمكن إدراكها إلا بالتأمل العقلي والتجريبي من خلال عملية جدل صاعد أي : الانتقال من المحسوس إلى المعقول والمجرد، طريق فعل تأملي عقلي حيث لا ثقة في الجسد ولا الحواس لأن المعرفة المرتبطة بالجسد والحواس ظنية متغيرة ونسبية " بارادوكسا". فالعلم في نظره ليس إحساسا وإنما هو الحكم العقلي على الإحساس . بالنسبة لأفلاطون الوجود الحقيقي هو عالم الأفكار لا يمكن الوصول إليه إلا بممارسة عقلية شاقة لحظة الخروج من الكهف ( الشفاء من الجهل ، التحرر من العبودية وتمل الألم ) لطفا الرجوع إلى تحليل النص . فمعرفة الحقيقة وتجاوز عالم الظلال والنسخ المزورة " السيمولاكر" بتعبير فوكو مشروط بالاعتماد على المنطق، والتأمل العقلي كممارسة نظرية تؤسس وتهندس قواعد توجيه العقل البشري نحو العالم الحقيقي، وهو ما يفيد حسب أفلاطون النزوع إلى تأسيس ممارسة عقلية منطقية تستمد مبادئها من العقل وترفض لغة الجسد على اعتبار أن فعل التفلسف هو فعل ذهني تأملي، والامساك بالحقيقة مشروط وفق التنظير الأفلاطوني بممارسة الانشطار داخل الذات انشطار يؤدي الى أن يتخلى الباحث عن الحقيقة عن جسده ليقيم علاقة تأملية على اعتبار أن الجسد مصدر عمى وغواية . فإدراك الحقيقة موعود فقط للحكيم التائب عن خطيئته (الثقة في الحواس والجسد والاستمتاع بتجربة الكهف). حسب نيتـشه التأسيس الأفلاطوني للحقيقة تم على أساس نسيان الأصل الجسدي للفكر، حيث إلغاء الجسد ومنح سلطة مطلقة للأفكار والروح وجعل العقل محل الجسد، والفكر محل الواقع إضافة الى هذا النقد الجذري النتشوي لرؤية أفلاطون للحقيقة هناك اشكالات منطقية، وتتمثل كيف يكون المادي صورة وضل اللامادي وهو ما انتبه إليه أرسطو تلميذ أفلاطون، وقدم رؤية خاصة لطبيعة الأشكال المركزي والعلاقة بين الحقيقة والواقع حيث يؤكد : الحقيقة واقع محايث وقد أكد أن الحقيقة لا توجد في عالم المفارق بل هي محايثـة ومتضمنة في الواقع الحسي يتفق مع أفلاطون في أن الحقيقة ليست هي الظاهر والحسي، لكنها لا توجد خارجه إنما هي متضمنة فيه لأن المتغير لا يتغير إلا ضمن الثابت وعلى قاعدته ،فالجوهر ثابت والمظهر متغير، وتغير المظهر لا يغير الجوهر، مثلا تغير المظاهر الفيزيولوجية للإنسان لا يغير من جوهر الإنسان ، فالإنسان يبقى إنسانا مهما تغيرت ملامحه. التنظير الارسطي لعلاقة الحقيقة / الجوهر بالمتغير / الواقع يتيح لنا مسألة في قيمة الأهمية حيث يصبح المحسوس وسيلة لإدراك الحقيقي والخالد وراء المتغير، فالأحكام العقلية هي الحقائق الفعلية المطابقة للواقع الحقيقي باعتباره جوهرا العلل الأربعة . عموما المقاربة الفلسفية الأفلاطونية والارسطية للعلاقة بين الحقيقة والواقع تحمل بعدا انطولوجيا حيث اعتبار النظر إلى الحقيقة في بعدها الموضوعي، تبقى مهمة الإنسان فقط تأملها واستنباطها في أحسن الأحوال . وباستعادة تصور أفلاطون الذي يشترط أن الوصول الى الحقيقة مرهون بالتخلص من حمق الجسد حيث يؤكد " إن من الإحساس ما لا يدفع إلى التفكير بل أنه يخدع الفكر، فالاحساس والحواس هي مصدر ضلال ووهم " (1) . لذا تصبح يطرح السؤال الأساسي ما معيار الحقيقة وما مصدرها هل العقل ، أم التجربة والحواس أم هما معا ؟ تأطيرا لهذا السؤال الإشكال ننفتح على الإرث الفلسفي للفلسفة الحديثة . 1-2 تصور الفلسفة الحديثة : 1- 2-1 -الاتجاه العقلاني : الحقيقة مطابقة الفكر لذاته يستعد ديكارت رؤية أفلاطون حول إمكانية حلول المحسوس كعائق أمام بلوغ الحقيقة، مما يفرض ضرورة تجاوز التجربة الحسية والجسدية للمعرفة " التخلص من حمق الجسد "، وهو ما جعل ديكارت يعتبر الشك هو الطريق نحو الحقيقة، مادام لا شيء يقيني، فالحواس خادعة والتجارب مظللة ، وما يخدع لمرة قد يخدع لمرات، لذا فالحقيقي هو ما يمتاز بالوضوح والبداهة وما لا يقبل شكا إنها الحقيقة الفطرية التي تستنبطها النفس من تلقاء ذاتها، لأنها واضحة بسيطة أولية وبديهية ما دامت جزءا من تركيب العقل. سئل ديكارت عن طبيعة هذه الأفكار فقال فينا قوة تحدثها وهي حقائق بسيطة وموضوعية (2) .فالحقيقي عند ديكارت هو ما يكون بديهيا أو ما يستدل عليه بواسطة الاستنباط والحكم العقلي، هكذا تكون الحقيقة ذات أساس فطري مادام العقل البشري هو أعدل قسمة بين الناس، فاختلاف أراء الناس لا يعود الى اختلاف العقول وإنما إلى اختلاف وتغاير طرق توجيه العقل، لذا يدعو ديكارت إلى ضرورة الأخذ بالمنهج باعتباره مجموعة قواعد لقيادة الذهن من أجل الوصول إلى القدرة على التمييز بين الخطأ والصواب، وبين الحقيقة واللاحقيقـة . لحظة ديكارت هي لحظة تدشين الفلسفة الحديثة، حيث الإحساس أن الفلسفة أصبحت في بيتها كما أكد ذلك هايدغـر، حيث أصبحت الذات العاقلة مقياس العلاقة بالوجود، وأساس كل الحقائق انطلاقا من الكوجيطو أنا أفكر إذن أنا موجود ، إذن رؤية ديكارت لأساس الحقيقة يحمل بعدا ذاتيا على خلاف الأساس الأفلاطوني للحقيقة ، فمع ديكارت لم يعد الإنسان ذلك الكائن المخلوق والمهيأ لاستقبال الحقيقة إنما أصبح هو صانعها، وهو ما يعني أن الذات العاقلة أصبحت هي المصدر الوحيد والموثوق به لبناء الحقائق، حقيقة الذات العاقلة المفكرة وهي تتمثل موضعها وعالمها بشكل شفاف ويقيني ، معه تصبح المعرفة تمثلا صرفا للواقع وحضورا له كنظام منسجم أمام فكر الإنسان / الحقيقة كنوع من البروسيا، حيث الذات العارفة تصدر أحكامها على الواقع كموضوع . الإيمان بحقيقة الفكر وحده ومركزيته في فلسفة ديكارت سيجد صدى قويا في فلسفة هيجل حين يعبر أن أعمق ما في الذات هو الفكر، عموما ملامح فلسفة ديكارت تحمل المواصفات الآتية : الذات العاقلة مقياس كل شيء ، الإيمان بالعقل وتقديسه ، فصل الوجود عن الفكر ، عدم الثقة في الجسد والحواس والتجارب، واعتبار العقل هو المصدر الوحيد للحقيقة . هذه المعطيات أثارت اعتراضا من طرف فلاسفة الاتجاه التجريبي . 1-2-2- تصور الاتجاه التجريبي : هي مطابقة الفكر للواقع الحسي والتجريبي . فمعيار المطابقة في التصور التجريبي هو الواقع الحسي بحيث يصبح الفكر ثانويا باعتباره انعكاسا للواقع في الذهن البشري، ويعتبرجو ن لوك ممثلا لهذا الاتجاه ويرفض المعرفة الفطرية، ففي نظره كل المعارف تجد أساسها في الواقع الحسي والتجريبي وشبه looke العقل البشري بلوحة بيضاء تسجل عليها الانطباعات الخارجية، ففي نظره لا يوجد شيء في العقل الا وقد سبق وجوده في الحس (3) وهو ما يفيد أن المعرفة ذات أساس حسي تجريبي، بحيث تصبح التجربة الحسية هي معيار الحكم على صحة الأفكار لذا يجب الثقة فقط بما تمدنا به الملاحظة والتجربة، ويصبح الاستقراء (4) هو المنهج الأفضل لبناء الحقائق بعيدا عن التأمل المجرد، ومن الشواهد والأدلة التي يؤسس عليها هذا التصور رؤيته اختلاف ونسبية العقول باختلاف الظروف والثقافات . غير أن هذا الرؤيا ذات الأساس التجريبي للحقيقة، أثارت انتقادا من طرف كانت الذي عمل على بلورة رؤية نقدية داخل نظرية المعرفة تحت عنوان شروط إمكان وانبتاق الحقيقة. 1-2-3 -تصور كانت kant النقدي : يؤكد كانت "عصرنا هو العصر الحقيقي للنقد فلا شيء ينبغي أن ينفلت منه " لذا انخرط كانت في مشروعه النقدي من خلال محاولتين نقديتين، نقد العقل الخالص كمحاولة لنقد الفكر الخيالي والميتافيزيقي والمجرد الذي يدرس جوهر الأشياء (النومين ). والمحاولة الثانية في مشروعه الفلسفي النقدي هي نقد العقل العملي محاولة لنقد ومساءلة الاتجاه التجريبي الصرف الذي يهمش دور العقل لذا كانت رؤيته نقدية في نظرية المعرفة هدفه الأساسي هو الاقتراب من الأرض أو الأساس التي ينبغي للمفكر والإنسان أن يتخذها معيار للحقيقة . لذا تتحدد فلسفته النقدية من خلال الملامح الآتية يؤكد " إن كانت معرفتنا بأكملها تبدأ مع التجربة فهذا لا يعني أنها تصدر بأكملها عنها " فالمعرفة في نظره ليست انعكاسا لموضوعات خارجية في فكرنا عن طريق الانطباع، كما أكد ذلك الاتجاه التجريبي بل هي الحكم الذي يصدره فكرنا على هذه الموضوعات، فالحكم أو المعرفة لا يتحقق الا بوجود الموضوع أو عالم الأشياء وإذا وقع الاتصال بين الذات العارفة وموضوع المعرفة، بذلك تصبح المعرفة عند كانت مادة وصورة، فعن طريق الحساسية تعطى التمثلات باعتبارها مجموعة من المعطيات الحسية والعشوائية، وعن طريق الفهم يتم تنظيم هذه التمثلات العشوائية وإعطائها صورة عقلية منظمة أو تحويل لا منظم إلى منظم (5) وهو ما يعني إخضاع الحسي لمعطيات العقل ومبادئه كمبادئ قبلية متعالية عن التجربة مثل الزمان، المكان، الإضافة، السبب، الكم، الكيف. إذن التصور الكانتي ينظر اليه كمخالفة صريحة ونقدية للتصورات العقلانية والتجريبية بخصوص مساءلة المعرفة . إن ما يعيبه كانت E. kant (1724-1804) على الموقفين العقلي والتجريبي أن كلا منهما نظرا إلى مفهوم الحقيقة من جانب واحد. فهو يرفض ان تكون الحقيقة تمثلا ذهنيا صرفا كما يزعم ديكارت وما هي مجرد استنساخ للواقع ( بيكون، لوك ) لأن العقل الإنساني في إنتاجه للمعرفة لا يظل متعاليا عن واقع التجربة ولا يعكسها بكيفية آلية بل هو يبين ويؤلف ويستوعب موضوعاته انطلاقا من أطرافهم القبلية والمقولات الذهنية . والحقيقة إذا هي إعادة بناء وتنظيم للواقع وفق مقولات الفكر. إلا ان الحقيقة في نظر كانط تظل نسبية ومحدودة بحدود التجربة ولا تتعدى مجال الظواهر الذي هو مجال المعرفة العلمية وكلما تجاوز ها العقل ليبحث في موضوعات ميتافيزيقية (الله، العالم،النفس) ،فإنه ينتهي حتما في التناقض. إذا كانت الفلسفة الحديثة من خلال تصورات ديكارت، لوك وكانط قد رسخت مفهوم الحقيقة المبني على أساس المطابقة، فإن الفلسفة المعاصرة تحديدا لحظة هايدغر سيعيد النظر في هذا الأساس على اعتبار أن هذا التصور مستمد من الفلسفة المسيحية الدينية وخاصة من تحديد القديس اوجستين الذي يعتبر لحقيقة ملائمة الموضوع أو ملائمة الواقع للفكر، وهو ما رفضه بشدة هايدغر على اعتبار أن المطابقة تفترض منطقيا وجود عنصرين من نفس الطبيعة وهو ما لا يتحقق بين الفكر والواقع . 1-3 الفلسفة المعاصرة :الحقيقة حرية وانكشاف هايدغر . " الوجود أفق له حقيقته نداءه الخاص يضيء إقامتنا وينسحب أما كل إرادة للسيطرة ، أفق يستسلم الفكر أمامه وينسحب بغية أن تأتي هذه الحقيقة / حقيقة الوجود صوبنا، هي حقيقة بين التحجب وأللاتحجب" مارتن ها يدغر يصر هايدغر على ترجمة الكلمة الاغريقية إليتيا Aheteia بألااختفاء رغبة منه في إعادة النظر في الفهم المتداول لمفهوم الحقيقة باعتبارها مطابقة ممهدا لنظرية جديدة الحقيقة كانكشاف وحرية ، بعيدا عن التصور التقليدي الذي يعالج الحقيقة ضمن مجال معرفي منطقياا عتبارها صدق التمثل الذاتي وتوافقه مع موضوعه، وهو ما يرفضه هايدغر بشدة على أساس أن الحقيقة لاتسكن الخطاب، وهي ليست قضية محمولية أي علاقة محمول بموضوع ، لأنها ليست خاصية أحكام وتمثلات تصدها ذات بشأن موضوع / مطابقة فكر للواقع / مطابقة ما في الأعيان لما في الادهان . فالحقيقة والخطأ في نظره ليست من خصائص الخطاب ،ولا تقيم داخل القضايا والأحكام ، فالحقيقة واللاحقيقة كلتاهما يتمتعان بوجود أنطولوجي خارج فكر الذات وإدراكاتها . لذا ينسجم تصور هايدغر للحقيقة ضمن مشروعه الفلسفي إعادة التفكير في الوجود باعتباره وجودا منسيا، وفق منهجه الاستذكاري حيث العودة الى لحظة اليونان البداية افتراضا، ولحظة heraclite خاصة الذي أكد أن أهم ما يميز الوجود هو الاختفاء ، الطبيعة يروق لها الاختفاء لذا فالاختفاء والأفول والانسحاب هي الميزة الأساسية للوجود الذي يظهر بقدر ما يختفيه ، من تم حقيقة الوجود لا تعطي نفسها إلا بقدر ما تحجبها، ولا تحظر إلا بقدر ما تتيه وفق هذا التصور تصبح الحقيقة مرتبطة بحالة انطولوجية شديدة الحساسية تتحقق وفق لحظتين أساسيتين : لحظة انكشاف الوجود ليعبر عن حقيقته ثم انفـتاح الفكر اليقـظ ( النبيه المنتبه ) لحراسة ونقل هذه الحالة حالة الانفتاح إلى الكلمة والفكرة، بهذا المعنى تصبح اللغة مأوى الوجود والإنسان حارس الوجود خاصة الفيلسوف والشاعر ( العلاقة بين الشعر والفلسفة والحقيقة عند هايدغر ) ، لطفا الرجوع إلى التحليل . المحور الثاني : أنواع الحقيقة أو الحقيقة بين الوحدة والتعدد سبقت الإشارة إلى أن الحديث عن الحقيقة يعني ممارسة فعل التوتر والإحساس بالقلق والتوجس مادام الموضوع إشكاليا ، خاصة ارتباط الحقيقة بشبكة معقدة من المفاهيم : ( اللغة ، السلطة ، المصلحة ، الخطأ ) وهو ما يفرض استحضار السؤال المركزي : ما هو الأساس الذي تستمد منه الحقيقة مشروعيتها وقوتها وحجيتها ؟ وهل الحقيقة واحدة مطلقة ضرورية تستمد مشروعيتها من ذاتها، أم أنها نسبية متغيرة تستمد قوتها من مصادر خارجة عنها ( السلطة ، المجتمع ، المصلحة ) . بالانفتاح على الإرث الفلسفي والابستيمي حول مفهوم الحقيقي، وأساس مشروعيتها يمكن تحديد مقاربتين لهذا الموضوع ، كلاسيكية ومعاصرة . 2-1 الحقيقة واحدة مطلقة ، ضرورية ، نهائية تستمد مشروعيتها من ذاتها لارتباطها بالبرهان. ارتبطت الحقيقة في هذا التصور بالدليل والبرهان، لأنها تهدف إلى إقناع الأخر والتأثير فيه بحيث يصبح البرهان هو أعلى شكل من أشكال إثبات الحقيقة، فالحقائق المبرهن عليها تصبح بلا شك يقينا لا يقبل جدلا، لذا ترتبط الحقيقة بالممارسة اللغوية و هو ما أكده سقراط الذي اعتبر أن الحوار هو الضامن للحقيقة. فالحقيقة وفق هذا المنظور الشمولي والوحدوي تتأطر داخل رؤية فلسفية محكومة بمنطق ثنائي حيث الوصول اليها يتطلب ممارسة منطقية، يتم من خلالها الفصل والتمييز بين الحقيقة واللاحقيقة، الخطأ واليقين وفق حيث الإمساك بها هو فعل مشروط يتحدد بممارسة التأمل العقلي الخالص ( لحظة أفلاطون، ابن رشد ، ديكارت ) – الخطأ مصدره من خارج العقل من الحواس أو التجربة أو سوء استخدام العقل – ضرورة احترام المنهج لبلوغ الحقيقة ، المنهج أهم من العقل ذاته عند أفلاطون ، طريق الحقيقة أهم الحقيقة عند ذاتها عند بارميندس هذا التصور الفلسفي هذا التصور الفلسفي حيث التأكيد أن الحقيقة واحدة والبرهان والدليل العقلي شرطا لها، هو ما يستلهمه فيلسوف قرطبة ابن رشد في محاولته التوفيقية لمعالجة إشكالية الحقيقة الدينية والحقيقة الفلسفية لاقتراب من فلسفة بن رشد يستحسن استحضار رواية أستاذه بن طفيل حي بن يقضان خاصة شخصيتي أسال وسلمان ( لطفا الرجوع إلى التحليل داخل الفصل ) . إذن فابن رشد يؤكد أن الحقيقة الدينية حق والحقيقة الفلسفية حق والحق لا يضاد الحق بل يشهد له ويؤازره إذ هناك حقيقة واحدة وان تعددت إشكال وطرق إدراكها وهذا شيء منطقي مادامت الشريعة عمومية والفلسفة نخبوية . 2-2التصور المعاصر: الحقيقة متغيرة نسبية مرتبطة ومنفتحة على اللاحقيقة (الوهم، الخطأ، المصلحة، السلطة إذا كانت الفلسفة المعاصرة بعنوانها الكبير مجاوزة الميتافيزيقة، لرفض المنطق الثنائي الارسطي يعني رفض الأساس الذي انبنت عليه الحقيقة كمطابقة، وبالتالي تجاوز التصور التطابقي والماهوي للحقيقة هذه الأخيرة لم تعد ثمرة للبرهان والحجاج، ولا نتيجة للتأمل العقلي الصرف والخلوات الطويلة كما أقر بذلك فوكو، رفض يعكس اعتماد رؤية ومنطق مغاير أي معالجة مفهوم الحقيقة وفق منطق الاختلاف والاتطابق. وتتحدد الحقيقة داخل هذا المنطق وفق التصورات الآتية : الحقيقة عند نيتشه وهم، وعند فوكو سلطة، وعند موران وبشلار خطأ مصحح، وعند فرويد الحقيقة لا شعورية ، وعند وليام جيمس الحقيقة مصلحة ، وعند هايدغر الحقيقة حرية . داخل هذا التصور تتم معالجة مفهوم الحقيقة باعتبارها حقائق نسبية تاريخية منفتحة على ما كان يعتبر لا حقيقة مثل الخطأ والوهم والمصلحة، ويمكن رصد خصوصية هذه الرؤية الفلسفية للحقيقة وفق اللحظات الآتية : لحظة نيتشه : - كيف أصبحت الحقيقة مجرد حكاية - أكثر الأحكام بطلان هي أكثرها ضرورة لنا - الحقيقة أوهام نسيت أنها كذلك نتشه يؤكد نتشه أن الإنسان ما كان ليعيش ما لم يترك الأوهام المنطقية تسود، لذا يؤكد نيتشه أن الانصراف عن الأخطاء والأحكام الباطلة معناه الانصراف عن الحياة، تأكيد على أهمية الخطأ وحيويته للاستمرار الحياة لذا يصبح أصل المعرفة ليس أصلا منطقيا، وإنما الرغبة في المعرفة هو رغبة في السيطرة والاستمرار في الحياة، بهذا المعنى تصبح الحقيقة في نظر نيتشه ليست سوى تمثلات وأخطاء أكثر منها حقائق، فالمعرفة الإنسانية ليست معرفة موضوعية أكثر منها معرفة مرتبطة بحاجات الإنسان البيولوجية والأساسية، في نظر نتشه دائما المعرفة لا تقدم لنا معرفة بالأشياء وإنما سلطة عليها هكذا يصبح العقل باعتباره الوسيلة الأساسية للوصول إلى الحقيقة، والمعرفة وفق تصور الخطاب الميتافيزيقي مجرد قوة لحفظ الحياة واستمرارها فهو ليس ضرورة منطقية بقدر ما هو ضرورة حياتية . لذا يدعو نتشه إلى حقيقة بيولوجية تستمد أساسها من النفع الحيوي للإنسان، وتتأسس على الأصل الجسدي للخطاب متجاوزا الحقيقة المنطقية التأملية المجردة، هكذا أصبحت الحقيقة في تصوره مجرد حكاية مادامت هي وهم أو مجموعة أوهام . يطالب نتشه بتهديم عالم الحقيقة واجتثاثه من جذوره لأنه يلخص أخطاء العقل البشري اعتمادا على منهجه الهدمي أو التهديمي ( حينما تتكلم المطرقة ) ، فاعتبار الحقيقة مطابقة فكر للواقع هو تصور كاذب ومزيف يخفي وراءه حاجات الإنسان الضعيف والسلبي إلى السلم ، الراحة ، الهدوء والاحرب والرغبة في العيش في جو هادئ وساكن يرفض التغير ويكـره الصيرورة ( مبـدأ عـدم التناقض المنطقي كما أقره أرسطو ) هذا المبدأ في نظر نتشه يعكس عجز الإنسان عن فهم الصيرورة وإدراك الأشياء المتقابلة . الحقيقة في نظره إذن ليست سوى عملية أنسنة الظواهر وتنظيما للفوضى/ مبدأ السببية وتثبيتا للتغير / مبدأ عدم التناقض، ما نسميه حقائق بسبب بسيط أنها تشبع رغبات الإنسان أو تتيح له إشباع رغباته، هذا ينظر نتشه إلى الحقائق كأوهام صنعها كائن مزور مادام كائن لغوي، داخل اللغة يبلغ الإنسان أعلى درجات الكذب والتزوير هذه الأوهام صنعها العقل للتحكم والسيطرة، وبدافع الرغبة في الهدوء والسلم، الضعفاء والجبناء يتحدثون عن السلم كحقيقة فقط لأن ليست له مخالب ( لو كانت الأرانب مخالب لما تحدثت عن العدالة ) . رؤية نتشه للحقيقة لا تنفصل عن رؤيته العامة كفلسفة حربية أو التفلسف بضربة مطرقة كما يقال. لحظة وتصور ميشيل فوكو . يعبر النص قيد الدرس عن رؤية فوكو لطبيعة العلاقة بين الحقيقة والسلطة، وبالطبع فإن صاحبه يقر مبدئيا بذلك الارتباط بين الحقيقة والسلطة إذ يستحيل الفصل بينهما.بل أن الحقيقة ذاتها سلطة لأنه لا يمكن للمعرفة أن تتطور إلا داخل دوائر السلطة ومتطلباتها ( مثال الدول المتقدمة هي التي تهيمن على السوق المعرفية). فالسياسة العامة للحقيقة تقتضي أن يحدد المجتمع أشكال الخطاب والمجالات الممكنة للحقيقة، فالمجتمعات المعاصرة التي حصرت في الحقيقة في الخطاب العلمي لنموذجيته . ومادام لكل مجتمع نظامه الخاص في الحقيقة (مثلا توجد مجتمعات تهيمن فيها الحقيقة الدينية) فإن الطابع المؤسساتي هو الذي اصبح يطغى اليوم على مفهوم الحقيقة سواء على مستوى شروط وكيفيات إنتاجها أو في طرق ووسائل تداولها وترويجها. مما يؤدي إلى وجود صراع حول الحقيقة وهو لا يهدف إلى الحد من سلطوية الحقيقة بل يتوخى إبعاد الحقيقة عن أشكال الهيمنة التي يمكن أن تؤسسها خطابات حول الحقيقة . التصور الابستمولوجي : تصور موران، وكاستون باشلار وكارل بوبر: ترسخ المقاربة الابستيمولوجية رؤية جديدة لمفهوم الحقيقة حيث التأكيد على أن الحقيقة لا يمكن أن توجد بمعزل عن الأخطاء ، ثمة تعايش بين الحقيقة والخطأ ( مركزية الأرض خطأ استمر لمدة 17 قرن ) لذا أكد باشلار أن كل معرفة علمية تحمل في ذاتها عوائق ابستيمولوجية تؤدي وينتج عنها أخطاء يصعب التخلص منها وتجاوزها بسهولة هذا التصور الابستيمي يعتبر تجاوزا للتصور الماهوي والتطابقي للحقيقة الذي يؤكد أن الأخطاء مصدرها غير عقلي ، أو من سوء استخدامه لحظة وتصور ديكارت، فباشلار يؤكد أن الحقيقة العلمية تحمل في ذاتها أخطائها، فالحقيقة خطأ مصحح أو خطأ تم تعديله وتاريخ العلم هو تاريخ تصحيح الأخطاء ، فتطور المعرفة العلمية رهين بتجاوز العوائق الابستيمية، وقد اعتبر ادغار موران الاعتقاد بوجود الحقيقة شيء مضر بالفكر العلمي، حيث يتجمد الإحساس بالخطأ مما يقوي الوقوع في الخطأ ، أما كار بوبر اعتبر أن المعرفة العلمية الحقيقية لا تكون كذلك إلا إذا كانت تحمل معيار القابلية للتكذيب على اعتبار أن النظريات العلمية هي النظريات التي تحمل إمكانية تفنيدها من خلال البحث وإيجاد تجارب تكذبها، هذه النظرة الجديدة للحقيقة العلمية تجعل من الخطأ شرط قيام الحقيقة ، أن لم نقل أن الحقيقة تبنى على أساس الخطأ . المحور الثالث : قيمة الحقيقة حظيت الحقيقة في الخطاب الفلسفي، وخاصة في الفلسفة الكلاسيكية بمنزلة ملكية النظر إليها فاعتبارها قيمة القيم ، اعتبرها سقراط فضيلة، البعض ربط تعريف الفلسفة بالبحث عن الحقيقة، الفلسفة هي البحث عن الحقيقة وفق كارل جاسبرز، لكن الاشكال ينبع حول طبيعة هذه القيمة ؟ وهل الحقيقة تطلب لذاتها ؟ أم أنها مرتبطة بالمصلحة والمردودية . 3-1- الحقيقة قيمة في ذاتها : معرفية ، أخلاقية . " الحقيقة قيمة معرفية " حيث النظر إلى الحقيقة كقيمة في ذاتها، الحقيقة فضيلة وفق التصور السوقراطي ،لأنها من اختصاص الحكيم والفاضل والسعيد ما دام قادرا على ممارسة فعل التفكير في الوجود أو التفكير في الذات ، فالبحث عن الحقيقة لذاتها يجعلها غاية ومطلبا وسقفا للفكر الإنساني من أجل تحقيق إنسانية الإنسان ( أيها الإنسان اعرف نفسك بنفسك ) لحظة سقراط أو الخروج من الكهف والتحرر من سجن الجسد لحظة أفلاطون، أو الدعوة إلى اليقظة لحظة ديكارت. لذا أصبحت الحقيقة والوصول إليها هو الضمان الوحيد لممارسة الوجود الحقيقي والأصيل ما دامت هي الحد الفاصل بين عالم الإنسانية وعالم اللاإنسانية أو عالم التوحش والتحضر بلغة ديكارت ، هكذا أصبحت الحقيقة إذن هدف وغاية قصوى لأنها ما يحدد إنسانية الإنسان الحق، إنها الفضيلة تطلب لذاتها أما المعارف التي تعتبر وسيلة لأشياء أخرى فهي معارف ظنية كما أكد ذلك أفلاطون، فارتباط الحقيقة بالمعرفة في ذاتها وطلبها كفضيلة عليا مرتبط بكونها تحل قوتها وأساسها في ذاتها نظرا لارتباطها بالبرهان كشرط وجود للحقيقة، ارتباط الحقيقة بالبرهان يعني تجاوز الارتباط بمصالح الناس المتغيرة . فالبحث عن الحقيقة معناه الاحتكام إلى الدليل والبرهان العقلي عليها الذي يستحيل وضعه موضع شك . وهو ما يعني البحث عن قوة الخطاب وليس إرهاب الخطاب ، وإنما خطاب الحجة والدليل والإقناع لتجاوز الخطابات الفجة كخطابات غير حقيقية، خطابات العامة والرعاع في التصور الأفلاطوني . ارتباط الحقيقة بشرط الدليل والبرهان غير كافي لإنتاج الحقيقة وفق رؤية امانويل كانت الذي يراجع هذا المفهوم والذي يعتبر شرط قيام الحقيقة هو شرط معرفي أخلاقي . تصور كانت : إذا كان البرهان والدليل شرط قيام الحقيقة وفق تصور أفلاطون، فإن كانت يعتبر ذلك غير كافيا حيث يضيف شرطا آخر إضافة إلى الشرط المعرفي هو الشرط الأخلاقي، أو ما يسميه الاستجابة للضمير الإنساني حيث لابد لبلورة الحقيقة من الحرية والنزاهة والصدق، لأن هناك عوامل تعيق الفكر وتضلله مثل غياب الحرية ( الأحرار لا يفكرون )، أو كما أكد ذلك التو سير أن تفكر معناه أن تكون حرا، الحرية في بعدها الانواري الكانتي باعتبارها خروج من عهد الوصاية وممارسة فعل الرشد القدرة على التفكير بعيدا عن الاملاءات والتوجيهات، إضافة إلى الحرية لا بد من شرط النزاهة والصدق فالكاذب الغير النزيه مهما كانت درجته العلمية سيخفي حتما نتائج عمله إن كانت ضد مصلحته، فقول الحقيقة مرتبط بالتضحية من أجل الحقيقة أو الموت من أجل الحقيقة ( تجربة سقراط وكاليلي ) . إذا كانت المعرفة الحقيقية تعتبر بمثابة منارة لتوجيه السلوك المعرفي عند الإنسان ، فإن الحقيقة الأخلاقية هي الدين الجديد للإنسان باعتبارها رزمانة من القيم الأخلاقية ذات البعد العالمي والإنساني التي توجه سلوك الإنسان نحو الخير والسعادة والحق، هذا ما يفسر رد الفعل العنيف للكنيسة اتجاه فلسفة كانت الأخلاقية، إشكالية الدين بين الأرض والسماء، عموما كانت اعتبر الحقيقة كقيمة أخلاقية تأطر سلوكنا الإنساني، وهي قيمة منشودة لذاتها تطلب لذاتها كحقيقة موضوعية ،شمولية ،إنسانية، مطلقة ، نزيهة وبعيدة عن مصالح الناس وأهوائهم يقول كانت " إن الحقيقة لا من مقتضيات العقل المقدسة والضرورية، إذ على الإنسان أن يقوم صادقا في تصور أحواله وأقواله " لذا فاحترام الإنسان للأخلاقي والمبادئ كما لو كان هو واضعها ويتصرف ككائن قيمي كما لو كان ممثلا للإنسانية. في زمن العولمة وزمن الاستهلاك الفج وسيادة العقل التقنوا أداتي / العقل الماكدونالزي تصبح الحاجة إلى استعادة السؤال الأخلاقي عند كانت كسؤال ذو أولوية !!! الحقيقة مرتبطة بالمصلحة والمردودية . قيمة الحقيقة في الفلسفة المعاصرة ترتبط برؤية مغايرة للتصور الذي ساد في الفلسفة الكلاسيكية التي تربط الحقيقة بالقيمة ذاتها، هذا التصور الجديد يربط الحقيقة بالمصلحة والمردودية نتوقف عند: لحظة وليام جمس ممثلا لهذه الرؤية . يؤكد جيمس أن قيمة الحقيقة تكن في كل ما هو مفيد ونافع للإنسان وفق مبدأ البارديغم أو المبدأ النفعي حيث الانطلاق من العمل باعتباره مبدأ مطلق وأساسي، بدل التنظير القاعدة الحقيقية هي الصالحة عند التطبيق هذا الأساس النفعي العملي يستعيده جيمس من تشارس بيرس الذي يؤكد أن تصورنا لموضوع ما هو تصورنا لما قد ينتج عن هذا الموضوع من أثار عملية لا أكثر ، هذه العبارة أو هذه الرؤية النفعية ذات الأساس العملي تجد صدى في فلسفة جيمس الذي يعتبر أن معيار الحقيقة هو النتائج، القضية الصحيحة هي القضية المفيدة، فصدق القضايا لا يرتبط بمطابقته للواقع أو انفتاحها على واقع وإنما بمدى نفعيتها فالقضية الحقة هي التي ينتج عن التسليم بها نتائج مرضية، وهي التي تزيد من نفوذ وسلطان الإنسان عن الأشياء كما عرج على ذلك برجسون فهي اختراع شيء جديد وليس اكتشاف سبق وجوده فتصور جيمس ذو الأساس العملي للحقيقة يعني تحويل النظريات إلى غايات ونتائج كل معرفة لا تغير واقعا ضرب من الكسل فالحقيقي إذن في نضره هو المفيد للسلوك مما يجعل الحقيقة مرتبطة بالمصلحة، بالتالي تتعدد الحقائق بتعدد المصالح قد يوجه الاتهام إلى فلسفة جيمس النفعية ذات الطابع التعددي والمصلحي للحقيقة وهو ما قد يفتح الباب أما النفع والأنانية وارتكاب الشر الأخلاقي دفاعا عن مصلحتي (ليست هناك صداقات بقدر ما هنا مصالح ) لكن جيمس يدافع عن تصوره حين يؤكد أن ربط الحقيقة بمصلحة الإنسان الشامل وليس الإنسان الفرد، ربط يعني رفع درجة الحافزية للعمل وتشجيع الابتكار والدعوة للعمل . ------------------------------------. عن الأستاذ : الفرفار العياشي...بالاعتماد على المراجع التالية 1) كتاب الجمهورية لافلاطون ص 180 2) تاريخ الفلسفة ليوسف كرم ص 146 3) الاستقراء هو عملية ذهنية بموجبها يتم الانتقال من الحكم الخاص إلى العام 4) سلسلة دفاتر فلسفية: الحقيقة من إعداد محمد سبيلة وعبد السلام بن عبد العالي 5) ما هي الابستيمولوجية محمد وقيدي مطالعة مفيدة .....وممتعة ......في امان الله مـن سيقنعني ..أن الانـزلاق بقشــرة موزة وُضعـت بمهارة تحت أرجل الشعب .....ليست أشد خطــراً من رؤية قنبلـة ذرية تنفجر فوق رأسه ؟.........مالك بــن نبي .....دعواتكم
|
||||
الكلمات الدلالية (Tags) |
الحقيقة....كاملا.تفضل |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc