مداخــلة بعنوان:
" الإقرار بالمسؤولية الجنائية الداخلية لرئيس الدولة "
- خطوة دستورية جريئة نحو تكريس دولة القانون -
من إعـداد : الأستـاذ مقـني بن عمـار
meguenni benamar
محــام لـدى المجـــلس
وأستـاذ مساعد مكلف بالدروس
بالاشتراك مع الأستاذ بوراس عبد القـادر
bouras aek
محــام لـدى المجـــلس
وأستـاذ مساعد
بقسم الحقوق - جـامعة إبن خـلدون تيـارت
مقدمـــة :
الدولة شخص من أشخاص القانون الدولي تتمتع باختصاصات وأهلية معينة، غير أنه لا يمكنها مباشرة اختصاصاتها إلا بواسطة أشخاص طبيعيين يعبرون عن إرادتها ويشكلون أجهزة تنص عليها وتحددها دساتيرها وتشريعاتها الداخلية .
ويأتي على رأس كل دولة شخص طبيعي هو رئيس الدولة الذي يعتبر السلطة العليا ورمز وحدتها ، وتعبير رئيس الدولة يجب أن يفهم بمعناه الواسع فهو يشمل الملوك والأباطرة ووالسلاطين والأمراء ورؤساء الجمهوريات وكل الرؤساء الزمنيين والروحيين ( كالبابا مثلا ) ، وجميع هذه التسميات لا تمس جوهر المنصب الذي يشغله رئيس الدولة بصفته ممثلا للدولة ومعبرا عن إرادتها في العلاقات الدولية ، وكل هذا يخضع لما يحدده الدستور من اختصاصات له، و اختصاصات رئيس الجمهورية قد تتطلب منه الانتقال إلى دول أخرى للمشاركة في المؤتمرات القمة أو لحضور اجتماعات المنظمات الدولية ، أو للقيام بزيارات خاصة ؛ بل قد يكون وجوده في الخارج من أجل الاستجمام أو الشفاء وفي هذه الحالة يوفر القانون الدولي حماية خاصة له باعتباره ممثلا رسميا لدولته وسيادتها ويشغل مكانا رفيعا في علاقتها مع الدول الأخرى.
و يتفق أغلب الكتاب على أن الإمتيازات والحصانات التي يتمتع بها رؤساء الدول تقوم على أساس الاحترام المتبادل بين الدول, وهو مبدأ أساسي في القانون الدبلوماسي؛ فمن جملة هذه الإمتيازات مثلا عدم جواز اعتقالهم أو محاكمتهم جنائيا أو إداريا أو مدنيا من قبل دولة أخرى ، ولكن آلا يشكل هذه الامتيازات خرقا لمبدأ القانون ؟
ولعل أهم مقومات دولة القانون هو مبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون ، وهو المبدأ الذي تكرسه الدساتير المقارنة ، ومنها الدستور الجزائري لسنة 1996 في المادة 29/02 منه .
وهذه المساواة تقتضي معاملة جميع الموطنين بنفس المعاملة العادلة سواء في الحقوق أو الواجبات ، ولا وجود لدولة القانون دون تكريس هذا المبدأ فعليا ، والمجال الخصب لتطبيق هذا المبدأ يكون في المواد الجزائية ، ذلك أن حق المجتمع في العقاب يقتضي متابعة كل مجرم يخالف أوامر ونواهي القانون الجزائي ، ويستوي الأمر إن كان مرتكب الجريمة هو أبسط مواطن فيها أو كان هذا الجاني أول مواطن فيها ، ودون شك فإن أول مواطن في الدولة هو رئيسها مهما كان وصفه .
والعدالة تقتضي أن يكون هذا الشخص السامي في الدولة هو أول من يخضع للقانون حتى يكون قدوة لبقية المواطنين ، وبالتالي يكون أول من يحاسب عن أخطائه خاصة عن الأخطاء الجزائية التي لا تغتفر ، لاسيما وأن رئيس الدولة من المفروض أن يكون خادم الشعب وحامي الدستور والقانون، وليس سيد الشعب ومستبيح انتهاك الدستور والقانون ، كما أن المسؤولية في الأصل هي تكليف قبل أن تكون تشريفا.
ولهذا يعرف فقهاء القانون الدستوري دولة القانون بأنها خضوع جميع المواطنين في الدولة للقانون سواء كانوا حكاما أو محكومين ، وكلهم على قدم المساواة في الحقوق والواجبات.
ولا شك أن مكانة رئيس الدولة كأول شخصية في هرم السلطة تخوله اختصاصات كبيرة في الدولة لا يسع المقام لذكرها ، ولكن هذه المكانة لا تحول دون الرقابة عليه ودون محاكمته عند الخطأ الجسيم ما دام أن رئيس الدولة بشر ، و طبيعي أن يخطئ هوالآخر كسائر البشر ، ومن العدالة أن يتحمل تبعة أخطائه ، وإن كان القانون والعرف يعفيه من المتابعة عن الأخطاء البسيطة ، ولكن لن يتسامح معه في حال ما وصل الأمر إلى ارتكاب جريمة خطيرة تمس بالدولة وشعبها وأمنها واقتصادها ، فهنا تنتهي حصانة رئيس الدولة.كما لو ارتكب جناية الخيانة العظمى، وهي الجريمة التي لها في الواقعه مفهومان أحدهما سياسي وآخر قانوني .
وتظهر أهمية تقرير المسؤولية الجنائية لرئيس الدولة في أنها تهدف الى معالجة الأخطاء بطريقة قانونية ودستورية مكفولة بجميع الضمانات الاجرائية والموضوعية وبواسطتها يتم تفادي طرق لا قانونية قد تكون أعنف من خطأ الرئيس نفسه ، ومن هذه الطرق العنفية نجد الانقلاب والتمرد العسكري والسياسي و ربما الحرب الأهلية والثورة الشعبية ضد الرئيس ، والحقيقة أن مثل هذه الأحداث قليلة الحدوث وتعد حدثا في تاريخ الدولة ، ولكن مع ذلك يمكن توقع حدوثها ، ونفس الشيئ بالنسبة لجرائم رئيس الدولة التي قد تقع و قد لا تقع ، ومع ذلك فمن حق المؤسس الدستوري أن يحتاط لكل الإحتمالات الممكنة إيجابية كانت أو سلبية ، وذلك بسن نصوص دستورية مسبقة ، وهو بذلك يحقق بها ما يسمى بالردع العام ( أسلوب التخويف) من جهة ، و يتفادى أي فراغ دستوري قد يتزامن مع حدوث مثل هذه الوقائع الخطيرة من جهة ثانية .
وفي هذا الشأن نجد بعض الدساتير نصت صراحة على وجوب متابعة رئيس الدولة ومحاكمته داخليا من طرف محكمة عليا مختصة ، ووذلك عند ارتكابه لجريمة الخيانة العظمى ، وهذه الدساتير في غالبيتها خاصة بدول ذات نظام حكم جمهوري مثل دستور الولايات المتحدة الامريكية لسنة 1787 ، ودستور فرنسا لسنة 1958 ، ودستور مصر لسنة 1973 ، وهي يختلف عن الدول ذات النظام الملكي التي لا تعترف أصلا بسمؤولية رئيس الجمهورية كما الحال على سبيل المثال في دستور بلجيكا ودستور المغرب .
ولكن المسؤولية الجنائية لرئيس الدولة تختلف عن المسؤولية السياسية ، كما تختلف أيضا عن المسؤولية الجنائية الدولية ، وهي المسائل التي سنتانولها في مداخلتنا.
وموضوعنا الحالي يثير مجموعة من الإشكاليات التي سنعالجها بالتفصيل ومنها :
ما هو الأساس القانوني والدستوري والسياسي لتقريرالمسؤولية الجنائية لرئيس الدولة ؟
وفيما تحتلف المسؤولية الجنائية الداخلية عن المسؤولية الجنائية الدولية ؟
وإلى أي حد يمكن لرئيس الدولة التمسك بحصانته ؟
وما الفرق بين المسؤولية السياسية والمسؤولية الجنائية لرئيس الدولة ؟
وما هو المفهوم الجنائي والسياسي لجريمة الخيانة العظمى؟
وما هي إجراءات محاكمة رئيس الدولة في حال ثبوت ارتكابه جناية الخيانة العظمى ،
وما هي الصعوبات العملية و الآثار الدستورية التي تترتب عن إتهامه ، أو عن إدانته ؟
وما هي ضمانات محاكمة رئيس الدولة وفق الدساتير المقارنة منعا للتعسف والإنتقام .
هذه جملة من الإشكاليات التي سنحاول الإجابة عنها في مداخلتنا ، وذلك إنطلاقا من الدستور الجزائري الحالي ، من خلال تحليل دقيق لنص المادة 157 من الدستور النافذ ( دستور 1996) ، مع مقارنته بغيره من الدساتير المقارنة ( الجمهورية والملكية ) ، لا سيما منها الدستوران الفرنسي والمصري بالنظر إلى تشابه أحكامهما مع دستورنا الوطني .
المبحث الأول :
تطور مفهوم المسؤولية الجنائية لرئيس الدولة
الفرع الأول : تطور مفهوم المسؤولية الجنائية الداخلية لرئيس الدولة
أولا- مفهوم المسؤولية الجنائية الداخلية :
إن مسؤولية رئيس الدولة لم تتقرر الا بعد كفاح مرير (كفاح سياسي وفقهي) بعدما سادت بعض الأفكار الكنيسية القديمة في أوربا ، وهي أن الملك أو الحاكم هو إله أو شبه إله يعبد ويطاع ، ومن ثم فان كل أفعاله مشروعة ، ولا يمكنه أن يخطأ ، وحتى وان أخطأ فإنه لا يعاقب ولا يحاسب .
وهذه الأفكار البالية تمت محاربتها بشدة بفضل أفكار فلاسفة العقد الاجتماعي ، وبالخصوص"جون جاك روسو" ، وجون لوك وتوماس هوبز ، وموتسيكيو ، وبدى تنأثير هذه الأفطار الجريئة واضحا على مختلف الدول الأخرى التي تبنت نظريتي سيادة الشعب ، وسيادة الأمة ، وقررت مبادئ دستورية مهمة كمبدأ احترام حقوق وحريات الموطنين الفردية والجماعية المدنية والسياسية والاجتماعية والثقافية والدينية ، ومبدأ الفصل بين السلطات ، ووجود الرقابة على أعمال هذه السلطات لاسيما التنفيذية منها ، وهي المبادئ التي تأثر بها كذلك المؤسس الدستوري الجزائري من خلال دستوري 1989 و1996.
والملاحظ هو أن المسؤولية الجنائية لرئيس الدولة في الدول ذات الحكم الجمهوري تختلف عن المسؤولية الجنائية لرئيس الدولة في الدول ذات الحكم الملكي ، بل إن هذه الأخيرة لا تعترف أصلا بمسؤولية الملك ، لكون الملك في نظرها شخص مقدس و لا يخطئ مع أنه قد يخطئ فعلا باعتبارها بشرا غير منزه ، ومن العدالة أن يستحق المساءلة كغيره من الأاشخاص الذين يخطئون ، وهو أمر تقتضيه دولة القانون .
فدولة القانون هي التي تخضع للقانون في جميع أنشطتها التشريعية والتنفيذية والقضائية ، وهي كما يصفها الفقه الدستوري بأنها تلك التي تخضع نفسها للقانون ، وليس تلك التي تضع نفسها فوق القانون .
ومن مقومات دولة القانون هو وجود دستور مكتوب وجامد واحترام نصوص القوانين وتقرير مبدأ الفصل بين السلطات مع استقلال السلطة القضائية والاعتراف بالحقوق والحريات العامة (الفردية والجماعية) ، وممارسة الرقابة بجميع أنواعها (السياسية والدستورية والقضائية والادارية والشعبية).ولعل أهم مبدأ تقوم عليه دولة القانون هو مبدأ المساواة بين المواطنين.
وهذه المساواة تقتضي معاملة جميع الموطنين بنفس المعاملة العادلة سواء في الحقوق أو الواجبات ، ولا وجود لدولة القانون دون تكريس هذا المبدأ فعليا ، بمعنى أن دولة القانون لا تقوم دون خضوع جميع المواطنين في الدولة سواء كانوا حكاما أو محكومين لحكم القانون وحده ، فهم كلهم على قدم المساواة سواء في الحقوق أو في الواجبات.
ثانيا- تطور مفهوم المسؤولية الداخلية لرؤساء الدول :
يتربع رئيس الجمهورية على عرش السلطة التنفيذية في الدولة ، ويعد أول شخصية في هرم السلطة لاسيما وأنه منتخب من غالبية و الشعب ، وهذه المكانة تخوله اختصاصات كبيرة في الدولة لا يسع المقام لذكرها ، ولكن هذه المكانة لاتحول دون الرقابة عليه ودون محاكمته عند ارتكاب جريمة خطيرة تمس بالدولة وشعبها وأمنها واقتصادهاوبنظامها .
فرئيس الدولة وإن كان يعتلي قمة هرم الدولة ، فإنه ليس سيدا للشعب ، ومن ثم فلا يجب استعمال سلطة الا فيما يبيحه الشعب ووفق ما يتوافق مع أماله ومستقبله ، كما أن هناك صلاحيات يحظر على رئيس الجمهورية ممارستها أو حتى الاقتراب منها بصفة مطلقة مثل التنازل عن جزء من التراب الوطني أو التخلي عنه أو تقسيمه ، أو تعديل الدستور خلافا للقيود الواردة في الدستور نفسه .
كما لا يمكن لرئيس الجمهورية أن يستغل منصبه لأغراضه الشخصية .
وفي حالة تجاوز هذه الصلاحيات المحددة فلا سبيل للشعب سوى بعزل رئيس الجمهورية أو محاكمته طبقا لما ينص عليه الدستور والقانون .
ما دام أنه بشر ويخطأ كسائر البشر وإن كان العرف جار على اعفائه من المتابعة من الأخطاء البسيطة بخلاف الأخطاء الجسيمة كجريمة الخيانة العظمى .
غير أن مسؤولية رئيس الجمهورية لم تتقرر الا بعد كفاح مرير (كفاح سياسي وفقهي) بعدما سادت بعض الأفكار الكنيسية القديمة في أوربا ، وهي أن الملك أو الحاكم هو اله أو شبه إله يعبد ويطاع ، ومن ثم فإن كل أفعاله مشروعة ، ولا يمكنه أن يخطأ ، وحتى وان أخطأ فإنه لا يتابع و لا يعاقب ولا يلام .
وهذه الأفكار البالية تمت محاربتها بشدة بفضل أفكار فلاسفة العقد الاجتماعي وبالخصوص"جون جاك روسو"صاحب "كتاب العقد الاجتماعي" 1762، والذي يعد "بمثابة انجيل الثورة الفرنسية ".ومرجع مقدس للدساتير الفرنسية ولللاعلان الفرنسي لحقوق الانسان والمواطن 1789.
وبدى تنأثير هذه الأفطار الجزئية واضحا على مختلف الدول الأخرى التي تبنت نظريتي سيادة الشعب ، وسيادة الأمة ، وقررت مبادئ دستورية مهمة كمبدأ احترام حقوق وحريات الموطنين الفردية والجماعية المدنية والسياسية والاجتماعية والثقافية والدينية ، ومبدأ الفصل بين السلطات ، ووجود الرقابة على أعمال هذه السلطات .
وفكرة المساءلة الجنائية لرئيس الدولة ترتبط بفكرة أخرى مهمة وهي فكرة الحصانة ، وقد جرت العادة والعرف الدولي على شمول جميع رؤساء الدول بهذه الإمتيازات والحصانات بغض النظر عن قوة الدولة وكمال ونقصان سيادتها، وللاجتهاد موقف ثابت وواضح من هذه المسألة ، فالحصانة تحمي جميع رؤساء الدول حتى ولو كانوا خاضعين للحماية أو التبعية، وتهدف هذه الحصانة إلى تمكينه من ممارسة مهام وظيفته الرسمية خلال وجوده في الخارج.
و للفقه موقف مشابه حول إمتداد حصانة الرئيس إلى إفراد أسرته وحاشيته وما يحملونه من أموال منقولة وخاصة في حالة قيامهم بمهمة رسمية مثال ما فعلته زوجة الرئيس الأمريكي "كارتر" سنة 1977 عندما مثلت زوجها وزارت سبع دول في أمريكا الجنوبية، وفي العام ذاته زارت زوجة الرئيس الفرنسي "جيسكار ديستان" لندن ممثلة لزوجها ، وليس هناك اعتراض على تبني الحل ذاته بالنسبة لنائب الرئيس الذي يكون في الخارج ممثلا للرئيس.
- سفر رئيس الدولة متخفيا بإسم مستعار دون إعلام؛ فإنه يعامل معاملة الأفراد ما لم تعلم به ، فإذا علمت ومتى كشف عن هويته فعليها أن توفر له جميع الحصانات والامتيازات .
- في حالة قيام وصي على العرش بجولات وزيارات للخارج فإنه يتمتع بكل الحصانات المقررة للملوك.
- إن الحصانة لا تسقط بزوال صفة الرئاسة ، وذلك على سبيل المجاملة والعرف الدولي.
- في حالة وجود نزاع في دولة موالية وتصريح أكثر من شخص أنه رئيس دولة فهنا الدولة التي تمنح أحدهم الاعتراف تمنحه الحصانات والامتيازات والحكمة تقتضي أن يتم الاعتراف بالرئيس الجديد بعد التأكد من سيطرة أنصاره على زمام الأمور في البلاد.
- حالة حصول مانع لرئيس الجمهورية كالمرض المزمن مثلا ، فجل الدساتير تنص على وجوب استخلافه ولو مؤقتا بشخص آخر يمثل الشخص الثاني في الدولة ، سواء كان نائب الرئيس ، أو ولي عهد ، أو رئيس مجلس شعب ..، فهل يتمتع هذا الشخص ( الرئيس المؤقت او الرئيس بالنيابة ) بنفس الحصانة التي يتمتع بها رئيس الدولة.
أما الأساس القانوني للمساءلة الجنائية لرئيس الدولة ، فإن الفقه الدستوري الفرنسي حدد أساسين لهذه المسؤولية ، يقوم الأساس الأول على فكرة الخطأ ، ويبنى الثاني على التبعة.
تتبدى المسؤولية بسبب الخطأ عند ارتكاب خطأ جسيم ، مثل الخيانة العظمى .
و يضيف البعض تعسف الرئيس في اللجوء إلى إستعمال السلطات المنصوص عليها في المادة 16 عند عدم توافر شروط تطبيق الشروط الإستثنائية ، وعند الخرق الفاضح للدستور.
كذلك ، فإن المسؤولية بسبب الخطأ تتعلق بفكرة عدم الدستورية .
وتتعلق المسؤولية لأجل التبعة بالخطأ السياسي الذي يرتكبه الرئيس أثناء ممارسته وظائفه .
وبداءة فإن هذه المسؤولية تتصل بالخطأ المادي لقرار يكون خاصا بالخيارات الإقتصادية والعسكرية ، وهذا ما حدث بالنسبة للإستفتاء الذي تم إجراؤه في أبريل سنة 1969، بتوجيه من الجنرال دوجول ، وأدت نتيجته إلى تقديم إستقالته.
و هكذا يكون إرتكاب الرئيس لجريمة أو لخطأ سياسي على النحو السابق ، مدعاة لتحريك المسؤولية الرئاسية السياسية . كما أن المسؤولية الجنائية تمثل –في الواقع – الأساس القانوني لتحريك المسؤولية السياسية لرئيس الدولة .
و هذه المسؤولية ذات طبيعة سياسية – و إن كانت جنائية بالتخصيص – تتحقق بسبب حدوث خرق للمشروعية في وقت محدد .
الفرع الثاني : التفرقة بين المسؤولية الجنائية والمسؤولية السياسية والمسؤولية الدولية
أولا- الفرق بين بين المسؤولية الجنائية والمسؤولية السياسية :
تختلف الدول فيما بينها في شأن تقريرها للمسؤوليتين فهناك من تقرر المسؤولية الجزائية دون السياسية (مثل دستور الجزائر 1996) ، وهناك من يقرر المسؤولية السياسية دون الجزائية (مثل دستور الجزائر السابق 1963) ، وهناك من يقرر المسؤوليتين معا مثل الدستور الأمريكي 1787والألمان1949، وهناك من لايقرر أية مسؤولية مثل الدستور المغربي وسائر الدساتير الملكية.
وتختلف المسؤوليتين من عدة نواح وان كان من الممكن أن يتشابهان من حيث النتائج ، وهي عزل رئيس الجمهورية( رئيس الدولة).
وأهم نقطة اختلاف بينهما هي أن المسؤولية السياسية لا تقرر من طرف هيئة قضائية ، وانما من طرف هيئة سياسية دستورية أو شعبية ، وهي إما البرلمان ، وإما الشعب عن طريق الاستفتاء الشعبي .
فاللجوء إلى الاستفتاء الشعبي قد يكون بمبادرة من البرلمان ، وعندها يلجأ رئيس الدولة إلى الشعب لتخييره بين بقائه أو مغادرة الحكم بناءا على طلب البرلمان أو طلب الشعب كما في بعض الدول لمعرفة رأي الشعب في سياسته ، فإن وافق الشعب على عزله فإنه يعزل وإن لم يوافق بقي في منصبه.
كما يمكن عزل رئيس الدولة عن طريق البرلمان دون تدخل من الشعب ، وهذا النوع من العزل تأخذ به الدول التي تتبنى نظام حكومة الجمعية وكذا نظام الجمهورية البرلمانية ، حيث يعين الرئيس من الشعب ويمكن أن يعزل من الشعب .
وقد أخذ الدستور الجزائري لسنة 1963بنظام العزل عن طريق البرلمان في المادة 55 منه ، وذلك إذا وافق البرلمان على توقيع لائحة سحب الثقة .
وقد يعزل رئيس الدولة بناء على استفتاء شخصي ، حين يلجأ من تلقاء نفسه لمعرفة رأي الشعب في سياسته ويتوقف مصيره على نتيجة هذا الاستفتاء. ، طالما أن الدستور منح له حق استشارة الشعب في كل مسألة ذات أهمية وطنية ، ومسألة بقاء الرئيس من عدمه هي الأخرى مسألة ذات أهمية وطنية ، وهذا أمر يمكن ان يتم حتى قبل انتهاء عهدته .
ولكن أسلوب الاستفتاء الشخصي قلما يلجأ اليه الرؤساء ، لأنه يجعل مصيرهم بيد الشعب خصوصا اذا كان الرئيس يعلم برفض الشعب لسياسته ، واذا لجأ الى هذه الوسيلة فقد يعزل نفسه بنفسه، اللهم الا اذا كان واثقا من ثقة الشعب به ، أو كان أو كان يجنح الى تزوير نتيجة الاستفتاء.
ولكن مهما قيل عن الاستفتاء فإن نتيجته غير ملزمة لرئيس الجمهورية من الناحية القانونية ماعدا فيما يتعلق بتعديل الدستور ، وإن كانت ملزمة من الناحية السياسية والأخلاقية ،لأنه اذا رفض الشعب مشاريع رئيس الجمهورية وسياسته فهذا يعني أنه يرفض بقاءه على رأس الدولة ولو كان منتخبا من قبل الشعب نفسه ،خاصة إذا لم يوفق يبوعوده الانتخابية أولم يلبي تطلعات الشعب .
لكن في الواقع العملي نجد أن رئيس الدولة يضحي في الغالب برئيس حكومته وبطاقم الحكومة ويقيلها بكاملها ليعين حكومة جديدة ويكلفها بعداد وتقديم برنامج يساير مطامح الشعب ويرضى البرلمان والدستور يسمح بذلك .
وقد يلجأ رئيس الدولة الى حل خطير وهو أشبه بسيف الحجاج ، وهو حل البرلمان للتخلص من رقابته ومن أصوات المعارضة ، وهو سلاح مشروع حتى ولو كانت نية رئيس الدولة سيئة.
وبالنسبة للدستور الجزائري فإن أول نص دستوري تضمن مسؤولية رئيس الجمهورية هو المادة 55 من دستور 1963 التي جاء فيها :
" يطعن المجلس الوطني في مسؤولية رئيس الجمهورية بايداع لائحة سحب الثقة، يتعين توقيعها من طرف ثلث النواب الذين يتكون منهم المجلس" .
ويلاحظ على هاته المادة أنها لا تقرر صراحة المسؤولية الجنائية وإنما المسؤولية السياسية خاصة وأن المجلس الوطني( البرلمان )هو هيئة تشريعية لا قضائية ، بحيث يسمح للنواب بممارسة الرقابة السياسية على رئيس الجمهورية من خلال طرح أسئلة كتابية أو شفوية عليه والتي بامكانه أن يمتنع عن الاجابة عنهااذا اقتضت المصلحة العامة لذلك .
ويمكن بموافقة ثلث النواب عزل رئيس الجمهورية من منصبه عن طريق لائحة سحب الثقة .
أما دستور 1976 فلم يقرر لا المسؤولية السياسية ولا الجنائية لرئيس الجمهورية ونفس الشيئ بالنسبة لدستور 1989.
أما بالنسبة للدستور الجزائري الحالي فإننا نجد عدم توازن بين السلطة التنفيذية والتشريعية ، حيث يتمتع رئيس الجمهورية بسلطات واسعة جدا ، وفي نفس الوقت لا توجد نصوص دستورية تقرر مسؤوليته السياسية ، اللهم إلا بعض المواد التي تقرر مسؤولية خفيفة ، ومن ذلك نص المادة 130 التي تقرر مسؤولية معنوية ، إذ تسمح هذه المادة للبرلمان بفتح مناقشة حول السياسة الخارجية للدولة بناءا على طلب من رئيس الدولة أو رئيس احدى غرفتي البرلمان ، ويمكن أن تتوج هذه المناقشات باصدار لائحة من طرف الرلمان المنعقد بغرفتيه المجتمعتين معا لبيان السياسة الخارجية للدولة يبلغها البرلمان الى رئيس الجمهورية .
و في كل الأحوال فإن هذه اللائحة البرلمانية غير مقيدة لرئيس الجمهورية ولا ترتب أية مسؤولية سياسية ، ولا تؤدي الى عزله، كل ما في الأمر أنها تنقل اليه انشغالات النواب ، ومن ثم انشغالات الشعب بشأن موضوع معين . .
ثانيا- التفرقة بين المسؤولية الجنائية الداخلية والمسؤولية الجنائية الدولية :
إن التغيرات التي طرأت على القانون الدولي، خاصة بعد ظهور القانون الدولي الجنائي، غيرت أغلب المفاهيم التقليدية المطلقة، ولعل أهمها مبدأ الحصانة الدبلوماسية المطلقة لرؤساء الدول خاصة. وقد اختلف الفقه في تحدي معايير المسؤولية الدولية فجانب من الفقه التقليدي يرتب المسؤولية على أساس الخطأ، وبعض الفقه على أساس المخاطر ، والبعض على أساس الفعل غير المشروع، أما غالبية الفقه الحديث فيرتبها على أساس الفعل غير المشروع المحدد في القانون الدولي.
و لأجل ذلك أنشأت أجهزة قضائية دولية خاصة تسلط العقاب على منتهكي قواعد القانون الدولي عامة والقانون الدولي الجنائي خاصة، وأهم هذه الأجهزة محكمة نورمبرغ وطوكيو ويوغسلافيا ورواندا مما ألزم الدول إلى إنشاء محكمة جنائية دولية لها إختصاص عالمي في توقيع الجزاء على الجرائم ضد الإنسانية، وجرائم ضد أمن وسلامة البشرية، وجرائم الحرب والعدوان إلى غيرها من المنصوص عليها في قواعد القانون الدولي الجنائي. وهذا ما تحقق فعلا خلال مؤتمر روما حيث تم الإتفاق على إنشاء محكمة جنائية دولية دائمة سنة 1998 مقرها في لاهاي.
و الأمثلة التطبيقية في توقيع المسؤولية الجنائية الدولية كثيرة، ولعل أهمها قضية الجنرال الشيلي بينوشيه الذي حكم الشيلي في الفترة الممتدة ما بين 1973 حتى سنة 1990 ، والرئيس اليوغسلافي الأسبق سلوفودان ميلوزوفيتش الذي توفي بسجنه ، والرئيس العراقي صدام حسين الذين أدين بعقوبة الاعدام عن جرائم الابادة البشرية ، وهي كلها جرائم لا توجد منها جريمة الخيانة العظمى التي تقضي بقطع رابطة الولاء يبين شخص الرئيس ودولته ...
وإن المسؤولية الجنائية الدولية للأشخاص الطبيعيين عن الجرائم الدولية المقترفة من جانبهم لها أهمية بالغة بالنسبة للحيلولة دون ارتكاب مثل هذه الجرائم وتأمين فعالية مراعاة قواعد القانون الدولي المعاصروأحكامه. ويقضي القانون الدولي الحديث بأن يتحمل أشخاص طبيعيون ومجموعاتهم المسؤولية الفردية عن الجرائم ضد السلام والإنسانية وجرائم الحرب إلى جانب الدول المعنية.
وتمتاز المسؤولية الجنائية الدولية بعدة خصائص منها إستبعاد نظام الحصانة ، وإستبعاد نظام العفو ، و استبعاد نظام سقوط العقوبة بالتقادم.
المبحث الثاني:
فكرة المسؤولية الجنائية لرئيس الدولة في الدساتير المقارنة
فكرة المسؤولية الجنائية الداخلية لرئيس الدولة لم تقررها إلا طائفة من الدساتير المنتمية إلى دول ذات الطابع الجمهوري ومنها الدستور الأمريكي ، والدستور الألماني لسنة 1949 ودستور فرنسا لسنة 1958 و ودستور مصر لسنة 1973 ، ودستور الجزائر 1996 ، وهناك من يقرر المسؤوليتين معا السياسية والجنائية مثل الدستور الأمريكي 1787 ، أما دساتير الدول الملكية فلم تقرر أية مسؤولية ، مثل الدستور المغربي وسائر الدساتير الملكية عربية كانت أو غربية.
الفرع الاول : مسؤولية رئيس الدولة في الدساتير الملكية :
يمثل رأس الدولة في الدساتير الملكية شخص يسمى الملك أو الأمير أوالسلطان أو القيصر ، وهو في الغالب وارث للعرش (معين بالوراثة وليس منتخبا ) ، ودساتير هذه الدول تنص جميعها على عدم مسؤولية رئيس الدولة (الملك) سياسيا أو جزائيا ، ذلك أن ذات الملك مصونة لا تمس ، وهذا ما نلمسه في كافة الدساتير سواء كانت عربية أو غير عربية ، وهو ما نستعرضه من خلال الأمثلة التالية:
من بين الدساتير الملكية العربية نجد دستور المملكة الأردنية الهاشمية لسنة 1958 الذي ينص في المادة الثالثة منه : أن" الملك هو رأس الدولة وهو مصون من كل تبعة ومسؤولية ".
ودستور امارة الكويت لسنة 1975 الذي ينص في المادة 54 منه أن :" الأمير رأس الدولة وذاته مصونة لاتمس " .
ودستور دولة البحرين لسنة 2001 الذي ينص في المادة 33 منه أن : " الملك رأس الدولة، والممثل الأسمى لها، ذاته مصونة لا تمس..."
وكذا دستور المملكة المغربية لسنة 1972 المعدل والمتمم سنة 1996الذي نص في الفصل ( المادة ) 23 : "أن شخص الملك مقدس لا تنتهك".
و سائر الدساتير الملكية نصت على هذا المبدأ .
وتعود قاعدة عدم مسؤولية الملك ( الحصانة الدائمة ) الى القاعدة الإنجليزية القائلة: " بأن الملك لا يخطئ " (the king can wrong ).
وعدم مسؤولية الملك مطلقة ، بمعنى أنه غير مسؤول جنائيا سواء كان فعله يشكل مخالفة أو جنحة أو جناية ، وسواء وقعت تلك الجريمة منه أثناء قيامه بوظيفته أو أثناء حياته العادية ، وتمتد هذه الحصانة حتى الى أفراد أسرته ،كما أنه غير مسؤول سياسيا عن أعماله في إدارة شؤون الحكم ، وهذه المسؤولية تتقرر عادة على الوزارة . كما أنهم ليسو بمنأى عن المتابعة الجزائية في حالة ارتكاب جناية ما تمس أمن واستقرار الدولة .
وبالنسبة للدساتير الغربية نذكر على سبيل المثال ما جاء في المادة 56 -2 من الدستور الإسباني أن: " شخص الملك لا تهتك حرمته ، غير مرتبط بالمسؤولية ..."
الفرع الثاني: مسؤولية رئيس الدولة في الدساتير الجمهورية
على عكس الدساتير الملكي فإن الدساتير الجمهورية تتجه نحو تقرير المسؤولية الجنائية لرئيس الجمهورية (رئيس الدولة) دون تفرقة بينه وبين المواطنين خاصة في ارتكابه للجرائم الخطيرة والسياسية وهي جريمة الجناية العظمى بل وانه يسأل أحيانا حتى عن الجرائم العادية التي يرتكبهاخارج شؤون عملهوتتم مساءلته بواسطة هيئة قضائية ( لا سياسية) ، ويكون مرجعها في ذلك هو قانون العقوبات أو القانون الجزائي بصفة عامة.
ومن أمثلة الدساتير التي قررت هذه المسؤولية نجد :
بالنسبة للدساتير العربية : الدستور اللبناني الصادر في أول أيلول (سبتمبر) سنة 1926
والمعدل في 21 كانون الثاني (يناير) سنة 1947 ، فقد قرر في المادة (60 ) منه المسؤولية الجنائية لرئيس الجمهورية في حالتين :
حالة خرقه للدستور وحالة الجناية العظمى حيث نصت هذه المادة أنه:
" لاتبعة على رئيس الجمهورية حال قيامه بوظيفته إلا عند خرقه للدستور أو في حالة الجناية العظمى ".
ويقرر في المادة 61 المسؤولية في الحالات الأخرى أيضا والتبعة فيما يخص بالجرائم العادية فهي خاضعة للقوانين العادية ولا يمكن اتهامه بسبب هذه الجرائم واعلى الدستور أو الجناية العظمى الا من قبل مجلس النواب بموجب قرار يصدره بغالبية ثلثي مجمع أعضائه ويحاكم أمام المجلس الأعلى مع العلم أن هذه المادة عدلت سنة 1977 .
ونصت المادة (61)أنه يكف رئيس الجمهورية عن عمله عندما يتهم وتبقى سدة الحكم خالية الى أن يفصل في القضية من قبل المجلس الأعلى .
وتبعه الدستور المصري لسنة 1971 الذي نص في 85 من أنه يكون اتهام رئيس الجمهورية بالجناية العظمى أو بارتكاب جريمة جنائية بناءا اقتراح من ثلث أعضاء مجلس الشعب على الأقل ولا يصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس" ..
ويوقف رئيس الجمهورية عن عمله بمجرد صدور قرار الاتهام ويتولى نائب رئيس الجمهورية الرئاسة مؤقتا لحين الفصل في الاتهام .
وتكون محاكمته أمام محكمة خاصة ينظم القانون تشكيلتها واجراءات المحاكمة أمامها ويحدد العقاب واذا حكم بادانته أعفي من منصبه (عزل أو أقصي) مع عدم الاخلال بالعقوبات الأخرى .
وسار الدستور الجزائري لسنة 1996 على نهج الدستورين اللبناني والمصري مقررا مسؤولية رئيس الدولة داخليا عن جناية الخيانة العظمى ، وتبعه كذلك الدستور التونسي من خلال المادة 68 منه ، والدستور اليمني والدستور السوداني لسنة 1998 ، وكذا الدستور الصومالي .
و بالنسبة للدساتير الغربية : نجد الدستور الامريكي وهو أول أقدم الدساتير المكتوبة على الإطلاق هو (17/09/1787) ، فقد قرر هو الآخر مسؤولية رئيس الجمهورية في المادة الثالثة قسم(3) التي جاء فيها:
" تتألف الجناية ضد الولايات المتحدة من شن الحرب عليها فقط ،أو من الانضمام الى أعدائها أو تزويدهم بالمساعدة والتشجيع ، ولا يدان شخص بالخيانة الا بشهادة شاهدين اثنين على نفس العمل الصريح أو بناءا على اعتراف في محكمة علنية ".
وللكونجرس صلاحية اعلان عقوبة الجناية ، ولكن لاتسقط الحقوق المدنية للمدان الا أثناء حياته ".
وجاء في المادة الثالثة (قسم4) يعزل الرئيس ونائب الرئيس وجميع الموظفين المدنيين في الولايات المتحدة من وظائفهم بناءا على اتهامهم بالتقصير والادانة بالخيانة أو الرشوة أو أية جرائم كبيرة أو مخالفة أخرى للقانون ".
وتتولى المحكمة الفيدرالية الأمريكية التي أنشئت سنة 1889النظر قضائيا في مسألة محاكمة رئيس الجمهورية ، مع العلم أن رئيس هذه المحكمة هو ثاني شخصية سياسية في النظام الأمريكي بعد رئيس الجمهورية .
وقد تولت هذه المحكمة متابعة الرئيس "بيل كلنتون " واتهامه بعد الفضيحة المعروفة بفضيحة "مونيكا لوينسكي سنة 1998" ، وقد تمت ادانته فعلا ولكن ليس بجريمة الخيانة العظمى ، وانما بجريمة التحرش الجنسي ( جريمة أخلاقية) ، ولم يعزل من منصبه رغم كذبه تحت القسم .
وثاني دستور أقر مسؤولية رئيس الدولة هو الدستور الفرنسي لسنة 1958 ، أو دستور الجمهورية الخامسة كما يسمى ، فقد نص في المادة 68 منه أنه :
" لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن الأعمال التي يقوم بهل في مباشرة أعماله مهامه إلا في حالة الخياية العظمى ، ويكون اتهامه بواسطة المحكمة القضائية العليا . وبقرار موحد يصدر بتصويت والأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتكون منهما المجلسان ،وتجري محكاكمته أمام المحكمة القضائية العليا.
وهذه المحكمة تتكون من أعضاء تنتخبهم الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ من بين أعضائهما لعدد متساو لكل منهما بعد تجديد عام أو جزئي للمجلسين ،وتنتخب المحكمة رئيسها من بين أعضائها.
-ومن بين الجرائم التي يعاقب عليها رئيس الجمهورية في فرنسا والتي يمكن أن تندرج تحت وصف الخيانة العظمى ، هوعدم الولاء لنظام الدولة هو العمل على تغيير النظام الجمهوري للدولة الى نظام ملكي .
ا