المقامات السلطانية ...المقامة الغضبية

[سفيان الحسن1]

حدثني توفيق الليري قال

هبت عواصف الزمان واحنها وهاجت همومها وضجت محنها فصار الناس أشكال وطرائق قد فرقت بينهم الأفكار وشتت جمعهم فصار الجار عدو الجار والأخ لا يؤتمن على الدار، عم الفساد وتعالى فساد، فلم تعد الناس تأمن الناس أصابهم الوسواس قد اصطفوا في طوابير حول أبواب الرقاة يطلبون العلاج من داء وهم الدواء ويرجون الدواء وهم الداء، قد تركوا الأخلاق والدين فتسلطت عليهم الشياطين في كل واد يهيمون ويدعون الفهم وهم لا يعلمون ،سيدهم الدينار يأتمرون بأمره ويسبحون بذكره ،إن قل تنمروا وان كثر تدمروا ،وأنا لهم من راحت وقد باعوا خالدا بفاني وعالي بداني، حتى قال قائلهم وهو يشكوا حاله قد دفنت الأحلام في صناديق فعم الضيق عيرنا ربيع القوم فأكل الشتاء ربيعنا عشقنا الكلام والشكوى والملام، فلا غيرنا ولا تغيرنا ولا أبصرنا ولا تبصرنا، نصطف في طوابير حول كيس حليب أو رغيف، الجوع لنا جار والعري لنا دار نسكن الخطب ونأكل الشعارات خمسين حلم ضاع في متاهة والغد مسلوب السيادة مسجون الإرادة

ومن غريب المشاهدات أني قابلت يوما رجلا لا يعي أخمسه من أربعه ولا كوعه من أضلعه من شدة حاله ،يحمل أوراق قد رقمت برقم وزينت بصورة وهو لا يعي ما فيها ولا يدريها قد انتصب كالخشب واخذ يصيح انتخبوا فلان وفلان وإياكم من علان وعلان فأتجه إليه قوم علان فأطعموه رطلين لكمات ومثلها ركلات فأكل حتى شبع وكلما قام دفع، فصار مثل الكرة تأخذه قدم لترفعه أخرى وهو يصيح يابني علان مالي ولكم لولا المال وقلت الحال ما حملت الأوراق وما صحت، فما التفتوا لكلامه وما انقده غير شيخنا جلال الدين فقد دخل بين الكرة والركلات وبين الأيدي واللكمات، ثم سحبه واتجه بيه لخارج الملعب وهو ينهره يا أخي مالك ومالهم القوم اسماك كبيرهم يأكل صغيرهم فإن عجزت عن المناجزة فلن تفدك المحاججة إسبح بعيدا عن ماءهم وحلق بعيدا عن سمائهم فبني فلان وبني علان قد قسموا البحر والأرض والطول والعرض ، فأتقي شرا لن تتقيه واحتمي من عدوا لا تدريه ،أنت وأنا رقم وهم كتابه ونحن شرا وهم أسبابه ،نسال الله الستر في الدنيا والسداد ثم نصحه باجتناب سبيل الحيل في اكتساب الرزق وانصرف والرجل له شاكر ولنصحه ذاكر







.....رابطة أحرار القلم.....عضو3