المرأة طموح وجموح/نحو رؤية صحيحة لواقع المرأة المطلوب العمل من أجل التغيير

[بنت الرّحّل]

المرأة طموح وجموح

نحو رؤية صحيحة لواقع المرأة المطلوب العمل من أجل التغيير

(أنتِ لستِ امرأة )
تدبّرت هذه الجملة فوجدتها ذات معانٍ كبيرة إن وُضِعت في محلّها الصحيح ، فلطالما استُعملت هذه الكلمة في أوساط المجمتع وغالبا ما تُربط بما لا تستطيع أن تدركه المرأة من أعمال بيتية أو أعمال مثيلاتها من النساء ..والمعيار الذي يُرجع إليه ليقال أن هذه ( امرأة ) والأخرى (ليست امرأة ) هو المعيار الماديّ المحض ؛ ولست أعني بالمادية هنا المال والسيولة وإنّما أعني المظهرية الدنيوية وما تعلّق بها.
والحديث عن المرأة وماهيتها هو قديم جدا وكثرة الحديث عن الشيء توحي بأن هناك مشكلة فيه مع أنه ليس بالإشكال الضخم أوالمتشابك...(!)
خاصة وأن القضية أصبحت وكأنها قضية مأساوية؛ أتصوّر أنّ دمارا شاملا سيحل بالعالم إن لم تعالج مشكلة المرأة فورا...(!) لكن للأسف حتى هذه المشكلة إن اعتبرناها من ضمن مشكلاتنا اليومية لا يُنظر إليها إلا من المنظور المادي ويُترك المنظور الروحي ؛ فـ( المرأة ) تحتل المراتب الأولى في وقتنا الراهن من حيث الاهتمام ؛ فالجمعيات تنادي يحقوقها ، الأدباء يكتبون عنها ، والشعراء يتغزلون بها، والسياسيون يجعلوننها من ضمن مشاريعهم النهضوية في البلد ..و ..و ....إلخ
بهذه المناسبة تحضرني كلمة للأديب البشير الإبراهيمي حين قال - فيما معناه - أن كل شيء عندنا مشكلة ولا غرابة في أن تصبح المرأة عندنا مشكلة لأنها وبكل بساطة ليست في مكانها الصحيح وإلا لو نظرنا إلى الغرب فهي لا تمثل مشكلة عندهم لأنهم وضعوها في المكان الذي يريدون أن يضعوها فيه...(!)
لله درّه من أديب هو أب للوطن صدق في كلمته وأجاد الوصف والتحليل والنصيحة في آن واحد .
وهذه المشكلة أخذت صورة جديدة في زمن هو مختلف عن زمن هذا الأديب فالاهتمام بالمرأة لبس لباسا مستوردا من عند الغرب يدّعون فيه تقدّما وتنوّرا وتطوّرا.. وأتساءل هل يشبع العقول أم ينمّيها أم يزيد في التطور أو ينقص منه احتلال صور المرأة -أقصد جسد المرأة- إعلانات الشوارع والمحلات والدكاكين والإشهارات...(؟!) هذه صورة من الصور على سبيل المثال فقط تدل على أن مشكلتنا كبيرة جدا في فهم حقيقة المرأة في مجتمعنا ، الحقيقة التي وللأسف حتى المرأة نفسها لم تعد تدركها وإن هي أدركتها ما استطاعت أن تعتقدها وتتبنّاها...(!)

الحقيقة الغائبة أو المغيّبة

ألا فلتدرك كل امرأة أنها ليست امرأة ونقطة ؛ ومن توقّفت عند هذه الكلمة وبنت عليها حياتها ، ومستقبلها ، وعاشتها في حاضرها فهي بهذا حادت عن روح الكلمة وانشغلت بالظاهر كما انشغل الغرب ومقلدوهم والمنبهرين بهم عن روح الحياة كلها .
المرأة المسلمة لا تتوقف حتى عند صفة (مسلمة) فحسب بل تتعداها إلى صفتين أساسيتين إن لم تكونا فيها لم تكن امرأة وإن عدّت نفسها كذلك وعدّها الغير كذلك:
فالمرأة المسلمة (شريفة) و(حـرّة) ؛ والشّرف ليس بالمعنى الضيّق الذي حصره الناس فيه كما حصروا معنى اللباس التي ترتديه المرأة فجعلوه ضيّقا - هم منبهرون بكل شيء ضيق في اللباس وفي الأفكار أيضا -وإنّما هو ما كان ضدّ السّفالة والوضاعة والخساسة والنّذالة ؛ فإن المرأة في الإسلام مشرّفة والشّرف هو العلوّ فلننظر في واقعنا الذي نعيشها هل المرأة عالية أم لا...(؟!)

واقع مؤلم

للأسف لقد نزلت المرأة العربية المسلمة من العلو إلى درجة أن سمحت لنفسها بالعري والسفور والترجّل وزادت على هذا اتخاذ صديق من الرجال تحادثه كما تحادث صديقاتها من النساء وتشكو له ويشكو لها...
ولو تفكّرت المرأة في هذه الوضعيّة لوجدت أن من ملكت عشيقا لم تمش إلا على طريق الصداقة فهو صديقها قبل أن يكون عشيقها ، وهذه هي أول الطريق فراجعي خطواتك أيتها المرأة اعلمي أنك إن وضعت رجلك في هذا الطريق افتقدت نسبة من شرفك وحريّتك.
و(الحرّيّة) لا تعني فعل ما نشاء وما نريد دون قيد أو مراقبة من أحد وإنما المرأة الحرة من خالفت المتفلّتات ، وترفّعت عن مشابهة السّاقطات في عملهنّ : جزئه وكلّه لأنّ المتخذّة للصّديق وإن لم تشاركهنّ في كل عملهنّ فقد شاركتهن في نصفه (1)

فالمرأة الفاضلة الشريفة الحرة ليس لها إلا رجل واحد وهو مَحْرمُها ، والرّجال جميعا مصائبها فإن هي خالطت الرجال فالطبيعي أنها تخالط الشهوات فيجب أن تحذر وتبالغ في الحذر (2)

الحقيقة مسؤولية الرجال والنساء
والخطر على الرجال والنساء معا

علينا أن ندرك جميعا رجالا ونساء أنّ المرأة التي لا تملك من هذه الصفات إلا اسمها وخالفتها في أفعالها ما هي إلا خرافة ( وبكونها خرافة عادت لا حقيقة لها ) (3)
لأنها سقطت من المرتبة العالية التي اختُيرت لها وسقوط المرأة المسلمة لهوله وشدّته ثلاث مصائب في مصيبة واحدة :

سقوطها هي ، وسقوط من أوجدوها ، وسقوط من تُوجدهم

وأيّ سقوط أكبر من هذا السّقوط ...(؟!) وإنه لمن المؤسف أن تمتلك المرأة قلبا لا يحس ولا يشعر فتتلفظ بلسانها بما تفعله وتتفاخر بأنها تملك صديقا أو حبيبا أو عشيقا ...أين عقلها ؟ أين شرفها ؟ أين حياؤها ؟إنها المجاهرة بما هو سيّء في أحكام الإسلام وقانون العروبة الحقة مع غياب الغيرة الرجولية لنجد أنفسنا أمام حقيقة لست أدري هل هي التي أوجدت الأولى أم هي نتيجة عنها: أن الرجل العربي لم يعد هو الآخر رجلا عربيا...(؟!)

رسالة خاصة إلى المرأة

أيتها المرأة أدركي نفسك ولا تضعي حاجزا يمنعك من اكتمال المعنى الحقيقي للمرأة في الإسلام و في العروبة ؛ فإن كونك وُلدت في الإسلام وانتميت له يلزمك أن تكوني مختلفة عن طبيعة الأنثى في سائرالبشر الذين لا يعرفون الإسلام. وهذا الفرق واضح بيّن لا ينكره إلا من جهل حقيقة الإسلام أو تعمّد إنكارها ليعيش حظا من أهواء النّفس ولذّاتها

المرأة

(طموح وجموح : طموح إلى منازل العـز وجموح عن مواطن الـذل) (4)

ولا عزّ إلا في تقوى الله ولا ذلّ إلا بعصيانه ، فانظري طموحاتك أين هي ؟وكيف هي ؟
واحذري أن يقول لك الدهر يوما : عفوًا .. أنتِ لستِ امرأة ...

مع تحيّة بنت الرّحّل

---------------
(1) (2) (3) من كلام مصطفى صادق الرافعي
(4) الكلمة من كلام محمد البشير الإبراهيمي