كما يقول المتنبي الذي يتحدث عن العيد، سأقول نفس الشيء عن الدخول المدرسي: ''بأي حال عدت يا الدخول المدرسي، كما مضى أم بشيء فيك تجديد''.
لقد سمعنا حديثا عن أقسام مكتظة، ولا يمكن أن نصل إلى هذه الحالة إلا نتيجة سوء تسيير، فقد عرفت الجزائر منذ بداية الألفية الثالثة إعادة توزيع ديموغرافي مهم، حيث استقر عدد المندرجين ضمن الفئة العمرية الأولى (0 إلى 15 سنة)، وبالتالي من المفترض أن يكون هناك عدد أقل من الوافدين في الأقسام الابتدائية والمتوسطة، ما يعني ضغطا أقل، فيما يتعلق ببناء أقسام جديدة وتوظيف معلمين جدد، وهذا يعني إعطاء الفرصة لهذين الدورين (الابتدائي والمتوسط) لأن ينتقلا من المرحلة الكمية إلى المرحلة النوعية. بينما نجد أن النمو الديمغرافي السنوي سجل 3.7 بالمائة في الفئة العمرية من 16 إلى 59 سنة، أي التلاميذ في المرحلة الثانوية والتعليم العالي، وبالتالي ضغطا كميا كبيرا. يشمل إصلاح المدرسة نطاقا واسعا من الإصلاحات: نظام تمويل المدارس، تسيير المدارس، محتوى البرامج، النظام التقييمي، امتحانات وفروض، مراقبة جودة التعليم في الصفوف، دور السلطات المحلية، دور السلطات الوطنية، تصنيف وطبيعة معاهد النظام التعليمي، العلاقات بين المدارس والجماعات، إجراءات القبول في المدارس.
ورغم أن التجارب المتلاحقة لعشريات من الإصلاح في الدول المتطورة بيّنت أن هذه الإصلاحات، وإن طُبقت بطريقة جيّدة لم تنجح كثيرا في تحسين نوعية التعليم في الأقسام، فإن تحليل تطبيقات هذه الإصلاحات أفضت إلى نتائج مفاجئة. مثلا: تقليص عدد التلاميذ في القسم ليس له تأثير كبير على النتائج الدراسية للتلاميذ، بالمقابل، فإن توظيف أساتذة جيّدين يحسّن من نتائج التلاميذ بصفة جلية مقارنة بالأستاذ السيء. إذن، يجب التركيز على مستوى الأساتذة، وليس على بناء أقسام جديدة وتوظيف أساتذة ضعيفي المستوى، بالإضافة إلى أن التلاميذ الذين لم يستفيدوا من معلمين بمستوى جيّد في سنواتهم الأولى، لديهم فرص قليلة لتحسين مستواهم في الأقسام العليا، حتى لو كانوا في مدارس جيّدة. كما أن تقليص عدد ساعات الدراسة في اليوم في السنتين الأوليين، تعطي تلاميذ بمستوى أحسن في الأقسام الدراسية اللاحقة.
في الواقع، تجديد الدخول المدرسي يعني ضمان نظام تعليمي فعال، وهذا لا يتأتى إلا باجتماع ثلاثة عوامل:
1 ـ اختيار أحسن المتخرّجين وتوجيههم إلى التعليم.
2 ـ ضمان دروس متخصصة ليصبحوا معلمين فاعلين.
3 ـ ضمان تقديم أحسن تربية لكل تلميذ دون إقصاء.
https://www.elkhabar.com/ar/autres/makal/303460.html