مرثية في مدينة تِلِمسان ينعى ما أصابها من تدهور تحت الحكم التركي ..
ربّي اكْتَب اعْليها و الوَقت ادْعاها ** في السّابق المْقَدَّر كان اللي كان
سَعْد السّْعود دارَت الاِيّام امْعاها ** و تْناكَس الزّْمان اعْليها و اشْيان
عُدْمَت امْشات فَسدَت و الظُّلم اخْلاها ** مْدينة اَلجدار بْلاد اتْلِمسان
بَعد الهنا و بَعد الزّهو اِتلِمسان
...
مْدينَة الجدار أصلها ** كانت مْنَ المْدُن السَّبعة
و النّاس كلّْ مَن يَدخُلْها ** يَستَحسن الوطَن و البُقعة
بالعِلم مَرفوع اَكْمَلْها **باشْغال مَن اتْقَن الصَّنعة
خَلف الخْنادَق نَزَّلْها ** بِين البْعَل أو بِين القَلعة
...
في مْواسط الجْبَل وَعَّرْها و بْناها ** وَ عْمَلْها ابْراج و اَسْوار أو بِيبان
وَ عْمَلها قْواعد بِهم وطّاها ** وَ عْمَلها فْنار من البُعد اِيبان
بَعد الهنا و بَعد الزّهو اِتلِمسان
...
كانت بْلاد يا حَسْرَتْها ** مَطبوعة بالباس و الهِمّة
مُلوك عارْفة قِيمَتْها ** بَني مرين أهل الحِكمة
جَوّْزَت مْعَ العْرَب دُنيَتْها ** غَنْمَت مْعاهُم وقار أو هِمّة
ما كان مَن بلغ رُتبَتْها ** عند الملوك شان و عُظمة
...
كانوا الملوك يَستغناو اِبْمَلقاها ** مَن لا خْذات بِيدُه ما را سُلوان
جلس عْلى البْساط و سْقاتُه وسقاها ** بين الملوك ما يِتسَمّى سُلطان
بَعد الهنا و بَعد الزّهو اِتلِمسان
...
كانت بلاد مَجد و رِفعة ** و مقامْها مْشَرَّف عالي
فيها أهل الفَضل مُجتَمْعة ** سادات كُل سِيد أو والي
مُنتَفْعة اَرباب الصَّنعة ** من مالْها مال حْلالي
اَسواقْها اَسواق السِّلعة ** و اَسعارْها رْخيس أو غالي
...
كُل الناس ربْحت أوَّل مَبداها ** لا غِشّ لا خْداع فيها لا نُقصان
و اليوم ضَرّْها الفَقْر و زاد اَعماها ** بالهَول و النّكَد و الهَم أو الاَحزان
بَعد الهنا و بَعد الزّهو اِتلِمسان
...
كانت بلاد حَسب و شِدَّة ** و جْيوشْها جْيوش اِتْرَهّب
و اليوم ولاّت في ذي المُدَّة ** بِها يَستحي مَن يُنسَب
اِشْتفاوها الحسود و الأعدا ** و بْقات فَامرها تَتْعَجَّب
القَلب رَكباتُه الغُدّة ** و الرُّوح في الصدر تَتْقَلَّبْ
...
لَبْسَت من الحُزن ثَوب الذُّل كْساها ** و تْناكَر عسَلها وَلّى قَطران
زادْها النكس و عْطيب مساها** كَثْروا انْكادْها من عيشة الاغْبان
بَعد الهنا و بَعد الزّهو اِتلِمسان
...
كانت بلاد مُلك أو وُزْرا ** و جنود قاهْرة و مْوالي
اللَّبدا مْحَزّمَة مُشْتَمْرة ** و خْيُولْها اِتْظَل اِتْشالي
و اليوم ولاّت في ذي العَبرة ** لا يَد لا رجل لا والي
غابوا لْها رجال النَّعرة ** و امْسى وَطْنها وكرُه خالي
...
زمانْها اَنْكَرْها و السَّعد جفاها ** حبايب المْشاور وَلاّو طُلبان
ذا الحال ما عْزَم بِها ما هَنّاها ** و بْقات كَالجْران في شدَق ثُعبان
بَعد الهنا و بَعد الزّهو اِتلِمسان
...
بَعد الهْنا و بَعد السلوى ** و الزَّهو والفْرايِج ذَلَّت
بين المْدُن عادَت تَسوى ** دِرهَم إذا غلات أو نَفْذَت
لا بيع لا شرى ذي الغلوى ** فيها كُل حاجة كَسْدَت
لا زاد عَندْها لا قُوَّة ** لا باش تَحْسَر إذا اِنْشَدَّت
...
خَلاّوْها مْحَيطَم من الشّك سداها ** بين اللصُوص تَتْلاطَم للطُّغيان
إذا بْكات ماجاهُم فاش بْكاها ** و اِذا شْكات قالوا هذا بُهتان
بَعد الهنا و بَعد الزّهو اِتلِمسان
...
ربي الكْريم راد و قَدَّر ** مُنشي العْوالِم الكُلِّيَة
و المُبتلي بْحُكمُه يَصبُر ** حتى تْفوت كُل قضية
و تْمام فايدَة كل خْبَر ** ذا القَوم ما مْعاهم نِيَّة
كبارْها بوادي و حْضَر ** مُتَفْقين عْلى الدُّونية
...
هُما اَسباب كُل فْساد و خُفناها ** تَهوى و لا قرا فيها حَد آمان
طَلقوا البْلاد سابَت حتى عفناها ** و بْقات لا حُكم مَجرِي لا ديوان
بَعد الهنا و بَعد الزّهو اِتلِمسان
...
هما اَسباب كُل مشقة ** و الخَلق صابْرة لبلاهم
طَلقوا البْلاد هذي الطَّلقة ** سابت و هَمّْها يَرجاهُم
و اِذا انْكَسْرَت واش بقى ** غَرقوا اَولادْهُم و نْساهُم
ذا القَوم ما مْعاهُم شَفْقة ** مايَرْفقوا فيمن وَلاّهُم
...
...الاِيّام ساعْدَتْهم و الوَقت خْلاها ** و تْناصرو على الإثم و العُدوان
خَربوا البلاد و المَخْزَن زاد عماها ** الاسْواق خالْيَة و الباطل رنّان
بَعد الهنا و بَعد الزّهو اِتلِمسان
...
ربي بجاه حَوّا و آدَم ** اسْألتَك بْحُرمة الأنبيا
تُلطُف بذي المْدينة و اعزم ** بجْميع ناسْها الكُلِّية
بجاه كُل من هُو مُسلِم ** و الصّالْحين و اَهل النّية
تَعفو على مسايِب و ارحَم ** روحُه إذا فْنات أو حَيّا
...
للوالْدين والأمة الكُل سواها** تعفو عليهم و ارحَمهم يا رحمان
بجاه سورة الملك أو سورة طه ** و أم الكتاب و السجدة و الفرقان
بَعد الهنا و بَعد الزّهو اِتلِمسان
...