استراتيجية الحرب الإقليمية على أرض الشام - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الأخبار و الشؤون السياسية > النقاش و التفاعل السياسي

النقاش و التفاعل السياسي يعتني بطرح قضايا و مقالات و تحليلات سياسية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

استراتيجية الحرب الإقليمية على أرض الشام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-08-21, 22:38   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
شمس الدين
محظور
 
إحصائية العضو










Post استراتيجية الحرب الإقليمية على أرض الشام

بسم الله الواحد القهار
والصلاة والسلام على الضحوك القتال


ملاحظة مهمة :كنت أود نشر هذه الأوراق في فترة مبكرة وفي شهر جمادي الأول تحديدا أي قبل أربعة شهور من الآن إلا أن هذه الأوراق و"بطريقة ما" وصلت إلى يد المخابرات السورية ففضلت التريث قليلا ، ثم بدى لي أن أنشرها بعد أن أكدت الأحداث صحة المسار الإستراتيجي الذي كنت أرقبه منذ البداية .. ولا أعتقد بأن هناك ضررا يترتب على نشر مثل هذه الإستراتيجيات على العلن فالحراك الجهادي قد ضرب بأوتاده في أرض الشام بفضل الله وأصبح نجاح الثورة السورية مرتبطا بنجاحه ، كما أن الحديث هنا عن الخطوط العامة للحرب وهو نفس ما تمارسه مراكز البحث في الجيوش المتقدمة وتنشره على العلن أيضا ..ومن توفيق الله أن المخابرات السورية وقعت تحت تأثير الفرضيات المذكورة بالملف وفي اعتقادي أن ذلك قد ساهم في تضليل العدو ! فبينما كان منشغلا في تكثيف عملياته في غرب سوريا وهو مسرح العمليات المذكور هنا باغتته عمليات المجاهدين في الشرق فسقطت بذلك المراكز الحدودية مع العراق وتركيا بسهولة أكبر ولله الحمد والمنة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

استراتيجية الحرب الإقليمية على أرض الشام


إن هذه الإستراتيجية سوف تعمل بعون الله على الإلتفاف على محاولات النظام لترويض الثورة أو تحطيم سقف خياراتها والإكتفاء بالمشاركة السياسية بدلا من إسقاط النظام .. وستعمل بنفس الوقت على الإلتفاف على محاولات القوى الإقليمية والدولية في إفشال الخيار العسكري كحل لإنجاح الثورة ولترويض الحدث نفسه ريثما يتم ترتيب أوراق المنطقة بما يناسب الجميع وبما لا يشكل خطرا على إسرائيل !

فكلا الإلتفافين سيعمل على وضع الشعب السوري في طريق لا عودة منه إلا بتحقيق تغيير حقيقي في واقعه وهذا لن يتم عبر الحلول التوافقية أو المزيفة التي ستطرح له بين فينة وأخرى وإنما يتم بتغيير شامل في المحيط الشامي برمته وليس في سوريا فحسب !

وهذا ما سنحاول رسمه منذ الآن وعبر هذه الإستراتيجية .. فسوريا هنا هي مفتاح التغيير في الشام كله بما فيه فلسطين المحتلة والشام هنا هو مفتاح التغيير للعالم العربي ومن بعده الإسلامي بإذن الله تعالى .


المقدمة
جاءت الثورة السورية بعد أكثر من شهرين من اشتعال الثورات العربية ، وهذه المساحة من الوقت أعطت القيادة السورية فرصة ذهبية لترتيب أوراقها وأولوياتها في التعامل مع الحدث القادم وهو ما لم يحصل مع أنظمة بن علي مبارك والقذافي إلا أني زيادة على ذلك كنت وما زلت أعتقد أن النظام السوري هو أقوى الأنظمة العربية القمعية على الإطلاق لأنه يرتكز على نواة طائفية صلبة ويعتمد في نفس الوقت على حلف إقليمي ودولي متين وله دور وظيفي تحرص القوى العظمى وقوى الجوار على إستمراره ، ولذلك توقعت وفي فترة مبكرة من الثورة في مقالي ( الجهاد على أرض الشام .. كيف ومتى ولماذا ؟ ) بأن سوريا ستكون منطقة مقفلة عسكريا أمام أي تدخل خارجي وقد جاءت الأحداث بصدق ذلك وبسوء تقدير كل من راهن على السيناريو التونسي المصري "الناعم" في إسقاط النظام أو السيناريو الليبي "المدعوم من الخارج" وبات واضحا بأن الحالة السورية سوف تتميز بسيناريو خاص .. فما عساه أن يكون ؟


قبيل إنطلاق الثورة السورية سربت وثيقة ولا أذكر مصدرها الآن تفيد بأن النظام قد جهز نفسه للأسوأ وأن هذا الأسوأ سوف ينتهي بدولة " علوية" على الساحل الشامي حيث تتواجد غالبية الأقلية النصيرية ، والمراقب لمسار تعامل النظام السوري مع تطورات الثورة يرى أنه قد اعتمد على مجموعة خيارات للقضاء على الثورة أو إضعافها والإلتفاف عليها فحاول اللعب على جانب الإرهاب النفسي في عمليات قتل الأطفال والتعذيب العلني ومارس الحصار العسكري للمدن المنتفضة وحرص منذ البداية على إذكاء الحرب الطائفية ووظف ذلك كله للوصول إلى مرحلة يقبل فيها الشعب السوري بأية حلول وسط عبر وكلائه في الخارج ولذلك اهتم النظام بوجود المعارضة بل وساعد على إيجادها عندما أخرج بعض رموزها من معتقلاته في بداية الثورة وسمح لرموز أخرى بتنظيم مؤتمرات للمعارضة في قلب العاصمة دمشق !

وكان القصد من ذلك إيجاد مفاتيح لحل الأزمة بعيدا عن جموع الثائرين التي لا تعرف سوى ( الشعب يريد إسقاط النظام ) وبالعموم فإن سلسلة الإجراءات والتكتيكات العسكرية التي اتخذت لقمع الثورة من استخدام الطيران الحربي إلى قتل الحمير كانت تصب في سياق استراتيجي واحد يهدف إلى ترويض الثورة شيئا فشيئا وتحطيم خياراتها السلمية والدولية والعسكرية حتى يأتي اليوم الذي تلتقط فيه ما يلقى لها من مبادرات للخروج من الأزمة .


واستحضر النظام في تطوير هذه الإستراتيجية دروس الحرب الأهلية في لبنان فحرص على جلب العناصر الشيعية من الخارج ورفع لواء العنف الطائفي المفرط منذ أول يوم وكل تلك المشاهد التي يسب فيها الله وتقصف فيها المآذن ويهان فيها أهل الدين كانت بقصد دفع الشعب السوري إلى التخندق كل خلف طائفته .. فيرفع أهل الإسلام شعارهم ويلتم النصيرية على بعضهم وينشغل الأكراد بمشروعهم القومي وينأى النصارى بأنفسهم عن مثل ذلك مع بقية الدروز والأقليات .. وبذلك تتفكك تركيبة الثورة وتتحول إلى حرب أهلية وتتحول معها الضغوطات الدولية والإقليمية من المطالبة بتنحية الأسد كمخرج من الأزمة إلى محاولة جمع جميع الأطراف إلى ما يشبه " مؤتمر الطائف " للوصول إلى ذلك المخرج وهذا ما يمهد له كوفي عنان حاليا !


والحقيقة أن النظام قد قطع شوطا لا بأس به على طريق الوصول إلى تلك النتيجة فتنحي بشار الأسد الآن أو مقتله لن يوقف الركض في الماراثون الجماعي نحو الحرب والثأر ! وقد حقق النظام أيضا وقبل ذلك نجاحا ملحوظا في تغيير مزاج الثورة فما كان يطرح سابقا من سلمية الثورة وعدم التدخل الخارجي ونبذ الطائفية لم يعد له وجود على الأرض خصوصا بعد أحداث بابا عمرو وما تلاها في أدلب إلا أن الأسابيع القليلة الماضية قد سجلت حركة نزوح و تهجير ممنهجة ومدفوعة من قبل الجيش النظامي في مناطق وقرى أهل السنة في جبال النصيرية مقابل الساحل الشامي وهذا مؤشر واضح على قرب لجوء النظام السوري إلى الحل الأخير والدولة العلوية ومؤشر أيضا على فشل مراهناته برضوخ الثورة قبل ذلك ! إلا أن ذلك لا يعدوا إلا تهيأة لخط الرجعة وليس شروعا فيه فما زال أمام النظام أحد طريقين أعتقد بأنه سيضعهما أمام عينيه قبل الدخول في مخبأه وإعلان دولته !


الطريق الأول يتعلق بتثبيت الموقف العسكري عند الحد الذي يسمح بجمع شتات الكتائب المنضوية تحت مسمى الجيش الحر خصوصا إن حملت له الأيام منطقة عازلة تحت غطاء دولي أو إنساني أو حاجز عسكري من قوات عربية كما حدث في بيروت إبان الحرب الأهلية عندما فصلت القوات العربية بين أطراف النزاع وهو ما تطالب به قطر وأمانة الجامعة العربية ، وهذا الوضع سيشكل آخر ورقة بيد الثورة وآخر أمل للثوار بعد أن جربوا السلمية وتطلعوا للحماية الدولية ولم يخرجوا بطائل وبعد أن دفعوا من دمائهم وأعراضهم ثمن كل يوم إضافي في الثورة وبعد أن انقطعت علائق نفوسهم بالغرب والشرق والقريب والبعيد عند هذه اللحظة سيتطلع الجميع إلى نتيجة المعركة ليحدد موقفه وعندها فقط قد ينقض النظام بأسلحته المتفوقة جوا وبرا على الكتائب قبل أن تتقن القتال من مراكزها الجديدة فهذه الكتائب عبارة عن إنشقاقات فردية من أسلحة وأفرع مختلفة وشبه جماعية في حالات أخرى إلا أن سوادها الأعظم من المتطوعين وإن كانت حروب العصابات تستوعب مثل هذا الخليط إلا أن الحروب النظامية لا تسمح بذلك وهذا بموازاة التفوق الكمي والنوعي لدى الجيش النظامي سيجعل سحق مثل تلك الكتائب الغير متجانسة في معركة مفتوحة أو شبه مفتوحة هو تحصيل حاصل خاصة إن كانت المنطقة العازلة عارية من التضاريس التي يصلح الإحتماء بها أو تساعد في تحييد أسلحته المتفوقة ، فالنظام إن سمح بوجود منطقة آمنة أو عازلة فسيلجأ إلى ذلك من باب الخديعة وإعطاء فرصة للفريسة بأن تخرج رأسها لا غير ! وقد يكون أيضا بتواطأ من أي قوات أممية يشترط وجودها النظام من دول معينة كما حدث في قضية المراقبين وكما فعلت قوات الأمم المتحدة في البوسنة والهرسك عندما سمحت بمرور القوات الصربية إلى مخيمات اللاجئين البوسنويين فقامت بمذبحة " سربنتسة" الشهيرة .



أما الطريق الثاني أمام القيادة السورية فهو بيت القصيد من هذه الورقات وهو الأمر الذي كنت أرقبه منذ بداية الثورة وأتألم عندما أرى الأعداء يشمرون عن سواعد الجد للسير نحوه ونحن نائمون !

فصمود النظام النصيري لا يكمن في قواه الذاتية بقدر ما يرتكز في وجوده واستمراره على دوره كضلع من أهم أضلاع الحلف الشيعي الممتد من إيران إلى العراق فسوريا ولبنان وهذا الحلف بقياداته وجمهوره في كل بلد يرى أنه في معركة مصيرية لن يتنازل عن أي جزء منها حتى لا يقول فيما بعد ( أكلت لما أكل الثور الأسود ) وهذا في مقابل وضع مزري وساذج وبئيس مما يفترض أنها دول وشعوب يجمعها وحدة الدين والدم والمصير !

والمقصود أن الوضع في سوريا لا يمكن النظر إليه بمعزل عن الحرب التي أصبحت قاب قوسين أو أدنى من المنطقة ككل فسوريا أو الشام هي أحد أهم المسارح الإستراتيجية للحرب المرتقبة بين الحلفين الشيعي والسني ومن خلفهما دول الدعم المباشر وأي اشتعال لفتيل الحرب على شريط المواجهة سواء كان في جبهة الخليج العربي أو العراق أو جبهة بلوشستان أو اليمن فستمتد آثارها العسكرية والسياسية بنفس اليوم إلى الجبهة الشامية وسينكسر أي جمود في الموقف العسكري مهما تكن القوة التي تقف خلفه لأن تركيبة الموقف السياسي والعسكري في سوريا تعتمد في جمودها على غطاء دولي تقف ورائه بحزم روسيا والصين وغطاء إقليمي إيراني عراقي لبناني متصل يمد النظام بالمال والسلاح والمقاتلين وأي حرب من شأنها تغيير هذه المعادلة أو تعطيلها عن العمل ستفقد النظام النصيري خطوط دفاعة التي يحتمي بها !!


فمن البديهي إذن أن تضع القيادة السورية هذا الإعتبار نصب عينيها وتدرس أفضل خياراتها للتحرك عند ذلك وقبل أن أتطرق لذلك أود أن أشير إلى أننا عندما نتحدث عن المواجهة بين الحلفين السني والشيعي فإننا نتحدث عن حرب قد مهد لها بالفعل ومنذ سنين ولم يبقى سوى صافرة البداية وهذا ما دعى عراب الدبلوماسية الأمريكية ووزير الخارجية الأسبق " كسنجر" إلى القول ( إن طبول الحرب تدق ومن لا يسمعها فهو مصاب بالصمم ! ) طبعا كسنجر ينطلق من رؤية أكبر للصراع تدعوه إلى الإعتقاد بأنها الحرب العالمية الثالثة والتي ستكون بحسبه بين القوى المتصاعدة المتمثلة بالصين و روسيا من جهة والقوى الغربية المتمثلة بأمريكا والإتحاد الأوربي في الجهة الأخرى إلا أنه ربط ذلك بإسقاط إيران كبداية حتمية لهذا الصراع !

والحقيقة أن كسنجر اليهودي ينطلق أيضا من دوافع ورؤى صهيونية تلمودية في تفسير واستغلال الأحداث القادمة للشروع في بناء "إسرائيل الكبرى " التي لم يذكرها نصا في حديثة لصحيفة "ديلي سكيب" وإنما ذكر مصطلحا أذكر أنه قد ورد في بروتوكولات حكماء صهيون عن ما يسمى "بالحكومة العالمية" التي ستنشأ عن هذا الصراع كقوة منتصرة ! والغريب أن حديث كسنجر عن الحكومة العالمية يأتي بعد حالة " الغلاء العالمي" في أسعار المواد الغذائية وهي نقطة وردت في البروتوكولات كتمهيد لثورات شعبية ينتج عنها صراع عالمي تقوم على إثره تلك الحكومة العالمية !!

فهذه الإعتبارات دعت كسنجر إلى القول بأن على إسرائيل أن تخوض حربا شرسة وألمح بأن عليها أن تقتل أكبر قدر من العرب ! ونحن ننطلق من دوافع فرضها الواقع بعد التمايز الكبير بين السنة والشيعة وكلانا ينظر إلى الملف النووي الإيراني كمفتاح لإخراج المشاريع الإستراتيجية من الأدراج المقفلة ! وكالناقة التي تسببت في حرب البسوس !!

وللتوضيح أكثر في معرفة أهمية موضوع الملف النووي الإيراني في إشتعال تلك الصراعات سأذكر جزء من رسالة كنت قد ناقشت فيها إحتمالات الموقف الحالي :

(.. والذي أراه والله أعلم أن ‏ جميع الأطراف تريد تجنب الحرب أو لا تريد أن تكون هي البادئة بها على الأقل ! والجميع يصعد ويهدئ ويستخدم ما لديه من أدوات ضغط وقوة ناعمة وغيره لتشديد الخناق على الطرف الآخر ، فالأمريكان يراهنون على العقوبات الإقتصادية لثني إيران عن المضي في برنامجها النووي ولتأجيج السخط الشعبي على أمل حدوث ثورة لإسقاط النظام ويسعون كذلك لتغيير نمط النظام الحاكم في سوريا بقصد تفكيك التحالف الشيعي في ثاني أهم مفاصله بعد أن فشلت كل محاولات إحتواء النظام السوري عبر السعودية قبل إندلاع الثورات العربية ، وإسرائيل مازالت تراهن على عمليات الإغتيال ضد علماء البرنامج النووي لتعطيل أو تأخير المشروع وهو نفس السيناريو الذي اتبعته مع البرنامج العراقي قبل أن تقوم بضربه ، وأما دول الخليج ما عدا قطر وعمان - لأنها لا تعاني من مشاريع شيعية في الداخل - فقد بدأت ترتب نفسها للأسوأ بعدما فشلت محاولات التعايش السلمي مع إيران في السنوات الماضية فالسعودية سمحت بتصعيد الخطاب الإعلامي المعادي للشيعة في مرحلة متقدمة قبل إندلاع الثورات ثم أخذت تعلن عن إبرام صفقات ضخمة بعد كل تصعيد إيراني في المنطقة والكويت أوقفت نفوذ اللوبي الإيراني في الحكومة بعد أحداث البحرين ، والإمارات زادت من تحصيناتها العسكرية بعد فتح القاعدة الفرنسية في خطوة سابقة ثم استجلاب الشركات الأمنية العالمية [ جيوش صغيرة محترفة وعالية التقنية ] هذا بالطبع بجانب الوجود العسكري الأمريكي وصفقات الأسلحة التي كان من آخرها شراء منظومة - دفاعية على ما أظن - بقيمة مليار ونصف دولار ، والأكيد أن جميع دول المنطقة تعتمد على الإلتزام الأمريكي بحفظ الأمن إلا أن الأزمة الإقتصادية العالمية وتأثيراتها على أمريكا وأوربا على وجه الخصوص وعدم تحمل الشارع الأمريكي لأي حرب أخرى بعد الهزائم الأخيرة جعلت الشكوك تحوم حول حقيقة وقوة ذلك الإلتزام ! وهذا ما دعى السعودية أن تطرح مبادرة الكونفدرالية بين دول مجلس التعاون بعد أن روج لها د. عبدالله النفيسي وأصبح لها قبول في الشارع الخليجي والغريب أن د.النفيسي عندما طرح فكرة الكونفدرالية لأول مرة بهدف توحيد سياسات دول الخليج بشأن الدفاع والخارجية والنفط لمواجهة إيران وكان ذلك قبل الثورات العربية واحتدام الموقف مع إيران استقبلها معظم المسؤولين بالسخرية وكتب الكثير من المفكرين والسياسيين في الرد عليها وتفنيد الفائدة منها ثم لما حدث تسخين للأجواء بعد ذلك تبناها الملك عبدالله بنفسه ! وهذا ما يجب علينا الإنتباه له لأن أي تسخين قادم سيوسع دائرة الإقتراحات والمشاريع لدى هذه الدول لمجابهة الخطر الإيراني !

أما الحلف الشيعي فقد حقق نجاحا كبيرا على المستوى الإستراتيجي واستطاع أن ينمو بخفاء وذكاء في عدد من الدول حتى تمكن من الإستحواذ على مقاليد الحكم فيها كالعراق ولبنان وكما هو مقرر في البحرين واليمن ، والحقيقة أن ساسة إيران قد تصرفوا بحنكة في بناء قوتهم لأنهم استخدموا التقية السياسية مع الأمريكان طوال فترة قوتهم وتعاونوا معهم في الحملة الصهيوصليبية ولم يظهروا أي مخالفة للخط الأمريكي إلا بعد أن أدركوا بوادر ضعف الهيمنة الأمريكية وذلك في أواخر الفترة الرئاسية الثانية لبوش الإبن ففي تلك الفترة قرر المرشد الأعلى وضع رجل المواجهة " نجادي " مكان رجل المداهنة " خاتمي " للبت في مشروع الهيمنة على المنطقة - راجع أصل الفكرة في كتاب محركات السياسة الفارسية للدكتور عادل عبدالله - ومنذ اليوم الذي تولى به نجادي الرئاسة بدأت الهيمنة الإيرانية بالظهور في العراق ولبنان واليمن مع تصعيد واضح ضد إسرائيل و جدية هذه الهيمنة هي من أرغمت الأمريكان وغيرهم على الجلوس مع الإيرانيين لتسوية أي أوضاع في العراق أو لبنان أو اليمن ! إلا أن النقطة الفاصلة في الصراع بين الحلفين ليست في أي شيء سوى إمتلاك إيران السلاح النووي لأن هذه النقطة بالتحديد ستغير قواعد اللعبة في الشرق الأوسط وليس في الخليج وحسب ! لأن إيران بحسب ذلك ستدخل فيما يطلق عليه [ منطقة الحصانة النووية ] وأي شخص يفهم نظرية الأمن أو استراتيجية الدفاع الإسرائيلي والمتداولة بكثرة في المذكرات الشخصية للقادة اليهود يدرك أن إسرائيل لايمكن أن تسمح لإيران بإمتلاك مثل ذلك السلاح الذي يهدد وجودها لأنها ومنذ نشأتها تعتمد على مبدأ " التفوق الدائم على المحيط المعادي " وهذا يتناسق ويتماشى مع السياسات الأمريكية في المنطقة إلا أن اللخبطة التي حصلت بفعل الثورات العربية بالتوازي مع الضعف الأمريكي بعد الحرب على الإرهاب قد جعلت حل الضربة الإسرائيلية الوقائية " آخر العلاج الكي" لأن الإيرانيين أعلنوا ومنذ البداية أنهم سيستهدفون القواعد الأمريكية في المنطقة إن تعرضوا لأي ضربة وهذا الموقف هو الذي دعى ساسة البيت الأبيض إلى الضغط على إسرائيل لتأجيل أي ضربة حتى تؤتي العقوبات الإقتصادية أكلها إلا أن ذلك كله سينتهي مع اقترابنا من نهاية العام الجاري لأنه الموعد المحتمل حسب التقارير الإستخبارية المعلنة منذ سنوات لوصول إيران إلى مستوى درجة 80 بالمئة في تخصيب اليورانيوم وهي النسبة اللازمة لصناعة الأسلحة النووية ولذلك صرح وزير الدفاع الأمريكي مؤخرا بأنه يتوقع أن تقوم إسرائيل بالضربة في موعد لا يتعدى الربع الثاني من العام الجاري ! والإيرانيون أنفسهم لن يتمكنوا من إجتياز هذا العام مع إزدياد العقوبات الإقتصادية عليهم لأنهم قد يتعرضوا لإنهيار إقتصادي قد بدأت ملامحة مع انخفاض قيمة الريال الإيراني وارتفاع معدلات البطالة وهذا ما سيدفع الإيرانيين إلى التصعيد من جانبهم في نفس العام ولذا أعتقد أن هذا العام قد يحمل الشرارة الأولى للحرب بين الحلفين بعد أن يقترب الجميع من نهاية العام وبعد أن يستنفذ كل منهم أوراق الضغط التي بحوزته ).



ومن هنا يمكننا القول بأن القيادة السورية قد تفكر في استغلال هذه الضجة الكبيرة لفرض واقع جديد تتعايش أو تتفاوض في نهاية الحرب على أساسة فتبدأ مع اندلاع الحرب بتنفيذ عمليات إبادة وتهجير ضد أهالي السنة في المدن والمحافظات الواقعة في نصف سوريا الغربي وأعتقد أن ذلك سيتم وفق تفاهم وتنسيق مع دولة يهود لأن هذا المخطط يخدم كلا الطرفين - كما أن هذه الحرب ستتميز بالأدوار المزدوجة - ولأن نشوب مثل هذه الحرب سيجلب الخبراء الروس والصينيين لإدارتها فنيا كما حدث في حرب 73 عندما كان يشرف على توجيه وتدريب الجيش السوري قرابة 10 آلاف خبير روسي ومن الثقافة المعروفة لدى الإستراتيجيين في روسيا والصين الإعتماد على عمليات التهجير والإبادة في فرض واقع جديد وأكثر ملائمة كما فعل الروس بالشعوب المسلمة في القوقاز وغيرها وكما فعل الصينيون أيضا في تركستان الشرقية .


فهذه الثقافة أساسية عند كل نظام عقدي أو عنصري أو قمعي شمولي والتاريخ المعاصر قد ضم تجارب هائلة في تنفيذ ذلك كالحرب التي سبقت إنفصال بنغلاديش عن باكستان عندما أقدم الجيش الباكستاني بهجير 10 ملايين بنغالي خارج أراضيهم وكما حدث في عمليات تهجير الفلسطينيين من قبل الجيش الإسرائيلي وكما حدث مؤخرا من عمليات تهجير جزئي في العراق ، وبالتالي قد تبرمج القيادة السورية عمليات تهجير ممنهجة وبدون ضجة في محيطها الإستراتيجي في جبال النصيرية لإبقائه كمنطقة آمنة - وقد بدأت بذلك منذ فترة- ثم تنطلق مع إنطلاق الحرب لتنفيذ الجزء الأكبر من عملية التطهير والإبادة ..

وقد ذكرت أن العملية قد تستهدف نصف سوريا الغربي فقط لأنه الجزء الذي يقع فيه غالبية السكان وأي" تهجير مليوني" للمسلمين من تلك المدن والمحافظات سيلقي بهم في الجزء الصحراوي من سوريا أو بإتجاه الأردن أو صحراء الأنبار وأي نزوج بهذه الأعداد هو عبارة عن عملية إعدام غير مباشر كما حدث في تهجير الأقليات السوفيتية بعد الحرب العالمية الثانية عندما أراد "ستالين" معاقبة هذه الشعوب على شبهة التعاون مع العدو النازي فتسبب قرار التهجير فقط بموت أكثر من 7 مليون شخص !


وقد توجس ملك الأردن من هذا السيناريو عندما شبه الأمر بحرب البلقان في إشارة إلى خوفه من موضوع الحرب الأهلية وما ستجره على الأردن من ويلات كمخيمات اللاجئين المليونية وانتشار الجماعات والتنظيمات المسلحة على الحدود وفي المخيمات - بدأ ذلك الآن على الجانب اللبناني- كما حدث في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين التي غيرت التركيبة السكانية في الأردن وغيرت موازين القوى الداخلية تبعا لذلك واضطر الملك حسين لخوض حرب ضد هذه المنظمات وضربهم بالطيران لإخراجهم من الأردن بالقوة وهذا ما يتحاشاه ابنه الآن !!


ومع أني ذكرت في بداية الثورة وفي مقال " الجهاد على أرض الشام" بأن الأمر سيكون شبيه بحرب البلقان إلا أنني بت أعتقد الآن أن الأمر سيكون أكبر من ذلك ! فالميزان العسكري يميل بشدة إلى الطائفة النصيرية والميزان البشري يميل بدون أي مقارنة للجانب المسلم وأي توازن أو تقارب تفرضه الحرب القادمة في الميزان العسكري بين المسلمين والنصيرية سيؤدي حتما لحرب إبادة ضد النصيرية وقد قلت " إبادة" لأن المسلمين حينها لن يرضوا بأقل من ذلك بعد الذي عانوه على أيدي تلك المخلوقات المجرمة !

ولأن الجمود العسكري عندما يكسر في المسرح الشامي فلن تكون هناك آلية لضبط إستخدام السلاح أو توجيهه وفق مصالح الدول العظمى فهذا الضبط وتلك المصالح هي الخشبة التي سيتعلق بها النصيرية إن إنقلب الميزان العسكري ضدهم وبدونها لن يكون لهم بقاء !

وموروثهم التاريخي يجعل هذه الحقيقة ماثلة أمام أعينهم وهذا ما جعلهم يرتبطون دائما وأبدا بقوة خارجية لظمان سلامتهم كالإستعمار الفرنسي قديما وكالإرتباط بروسيا حديثا وبموانع حماية طبيعية كالجبال التي يختبئون بينها ! فجبال النصيرية هي الحصن الحصين للطائفة إن ادلهمت الأمور عليهم وهي القاعدة الخلفية التي ستدار منها الحرب في المراحل القادمة وقد خرجت تقارير متنوعة في الآونة الأخيرة تشير إلى إجراءات من شأنها تجهيز هذه المنطقة لذلك الدور المرتقب وهذه هي النقطة التي يجب أن نضعها في اعتبارنا عند وضع أي خطة للتعامل مع الخريطة الشامية .



وبعد هذه الجولة السريعة مع خيارات العدو العسكرية ودوافع تلك الخيارات والمدى الذي قد تبلغه وتصل إليه وقبل الشروع في طرح الإستراتيجية المضادة أو أن أشير إلى نقطة هامة في فهم مسار الصراع هنا وكيف وصلنا إلى هذه النتيجة ؟ وإلى أين سنذهب ؟ والحديث هنا يتناول قلب العالم الإسلامي المتمثل بالعالم العربي وليس الشعب السوري فحسب ..

وهذه الفقرة بمثابة فاصل بين الواقع الملموس والذي تدارسناه في الأوراق السابقة وبين ما يمكن أن ينتج عنه بعد بضع سنين .. فقد أحببت أن أستعجل هذه الفقرة قبل التعرض للإستراتيجية المقترحة حتى نتعرف أو نتلمس نهاية الطريق بناء على بدايته ولذلك أقول وبالله التوفيق ..

يتبع بإذن الله ....








 


رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
الحرب, الزام, الإقليمية, استراتيجية


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 04:26

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc