موت ربيع
أهدي هذه المقالة إلى أعراس الجزائر ومصر وسوريا الديمقراطية .
كانت الحارة رغم الفقر والظروف المعيشية و االصعبة التي تمر بها تعيش حياة هادئة يتضامن فيها أهلها في تجاوز نكبات الحياة ، كما يتشاركون فيها أفراحها ومباهجها ، فجأة قدم إليها شخص وسيم اسمه ربيع ، لم يعرف أهل الحارة هذا الشخص من قبل ولكنهم أحسنوا ضيافته ، وبدا أن ربيع هذا له القدرة على تنميق الكلام وتزويقه كما وأن له القدرة على التلاعب بعواطف الناس فتارة تجده يحدث أهل الحارة من منطلق ديني وتارة أخرى من منطلق حداثي . لقد كان يمتلك ثقافة سياسية لا يستهان بها فهو يتحدث بكلام جديد غريب عن أهل الحارة ، عن ديمقراطية وحرية ، وحرية تعبير ..إلخ ، لقد سحر به أهل الحارة .
ذات يوم تفجرت الأوضاع في الحارة وبدأ القتل والتخريب يعم شوارعها الضيقة التي كان يملأها الدفء العاطفي بين سكانها ، وتحول هدوء البلدة إلى ضجيج وصراخ وعويل ممزوج بصوت الرصاص ودخان المدفعية والهاون وليل ونهار غارق في الدم ومتعثر في الجثث التي ملأت المكان كل المكان ، وظل الحال على ذلك أياما وشهورا وسنوات ، فقد فيه أهل الحارة نعمة الهدوء والسكينة والاستقرار . في هذه الأثناء بدأ الناس يتحدثون عن ربيع هذا ، عن الصدفة الغريبة والمريبة التي ارتبطت فيها الأحداث بمجيئه ، فلم يكن ربيع هذا إلا لقيط لا يعرف له أب ، ولكن المؤكد أن الشيء المعروف هو المكان الذي قدم منه ، كما وأن اسمه مؤكد أنه يعود لهؤلاء الذين جاء من بينهم .
لقد كان ربيع هذا وراء كل هذا الدمار والخراب الذي عم الحارة بعد أن تكشف للناس حقيقة هذا الغريب الشيطاني ، فخرج سكان الحارة في حالة إنسانية واعية ومتقدمة تذكرهم بأيام وحدتهم واتحادهم مع بعض ، خرجوا لتنظيف المكان من رجس هذا الغريب عن تاريخهم وإرثهم وحضارتهم وتقاليدهم ودينهم ، وبث الطمأنينة والاستقرار .
وهم في عراك مع ضحايا ربيع من المخدوعين به وهم أقلية ممن تبقى منهم ، قبضوا عليه وأخذوه إلى مشنقة في ساحة عامة في وسط الحارة بميدان السيادة وهناك قاموا بتنفيذ حكم الإعدام عليه باسم الشرعية الشعبية ، فالخائن والجاسوس لا يحتاج إلى محاكمة في عرف أهل الحارة .
بعد ذلك عاد أهل الحار لحياتهم السابقة وعاشوا في كنف الأمن والآمان وقد قطعوا عهدا على أنفسهم بأن لا يسمحوا لأي ربيع أجنبي الدنو من حارتهم وأن ربيعهم الحقيقي لا المزيف هو ربيع السماء الذي تزهر معه الزهور وتخضر معه الأشجار والحقول وينقشع معه سحاب الظلم والظلمة .
بقلم : الزمزوم