حكاية براءة

[راجية رضى الرحمان]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة راجية رضى الرحمان

في مشفى المدينة
بجناح الصغار ,,
الغرفة الثالثة
على اليسار .
الأم سلوى
تجالس بريئتها أيار ,,
تهدهدها بصادق دعاء
و كثير من الأذكار .
تمسح دمعا غمر الوجنتان ,
و تبتسم كيما تجزع ذات الوجه الفتان .
تناظرها بعين وجلة ,,
تلاعبها بيد مرتعشة ,,
و تغمرها قبلَ حب و حنان .

كانت الثانية عشر
حين قفزت الأم و ركضت في الرواق
حافية الأقدام
متلعثمة الكلام ,,
تنادي أن : أنقذوا القلب أيار ,,
اختنقت في الوليدة الأنفاس ,,
و غاب عن الوالدة الإحساس ,,
الدمع تحجر
و الصبر تبعثر ,,

يُتبع ذات استفاقة

و انحنى عودها ,, ثم استند على التضحية فيها فاستقام ,,
أعِد لروحي روحها يا رب الأنام ,,

و ارتعش جسد الصغيرة من أثر الحمى
و كسته الأم شماً و ضماً ,,

حبيبتي افتحي هذي العيون كي أرى
حبيبتي ظلام حالك و برد بأوصالي سرى

أيار أيا حبة القلب ,, أيا موطن الأفراح
أيار أيا جلاء التعب ,, أيا بلسم الجِراح ,,

و امتدت كف الطبيب إليها
يغرز من الحقن ما يخدش هشاشة أوردتها ,, و رقة شرايينها ,,
و ينعِش فيها حب الحياة ,,
إنها رحمة الإله .

و ارتسمت البراءة فيها من جديد
و تعالت من الأم أهازيج انتشاء

و ابتسمت أيار
و ضحكت أيار
و احتضنتها أمها بكِلتا اليدين
و أسكنت القبل ذاك الجبين ,,

الحمد لله الحمد لله
ترددها بلا انقطاع

راح ما كان بها من أوجاع

غفونا و ما غفتْ
نسينا و ما نسيتْ

و مع الإشراقة
و على ذات المقعد
ضلت الأم
تهدهد بريئتها أيارْ
بحب يمتد و يشتدْ ...