قصيدة مداد مزاب المقدس؛ هي إحدى خلجاتي عن جزء من أرض الجزائر الطيبة التي أنجبت حملة القلم؛ أرض طاهرة مقدسة بمداد زكي تفوح روائحه كل حين… غرداية كبقية أخواتها الجميلات أنجبت علماء وأدباء ذاع صيتهم هنا وهناك… ومن أعلام الجزائر العظام الذين نفخر بهم شاعر الثورة الجزائرية الأعظم مفدي زكريا؛ هذا الطود الشامخ يحتاج منا إلى عملية “وخز” كل آن ليبقى في الذاكرة الإنسانية عموما؛ فهو فحل من فحول الشعر الثوري الذي رفع لواء الحق عاليا دون وجل… رغم رد الاعتبار له جزئيا لكنه لم يأخذ حقه الوطني والأدبي والإعلامي… تظل حروف مفدي تدندن في أسماع كل من يفهم المداد ونهره يتدفق بين الصخور الصلبة… عين الله ترعاكم.
بِلِسَانِ الصَّحْرَاءِ سَمَـــــــا النَّخِيـــــــلُ شَاهِـــــقًا وَلِحَــــلَاوَةِ الرُّطَبِ أَذوَاقُ
أَهْلُ مِيزَابَ ذَوُو نَسَــــبٍ وَقُصُــــــــــورٌ سَبْعٌ كَوَاكِبُ وَسَبْـــــــــسَبُ رِفَاقُ
الْعَطْفُ بَنْ نُورَةَ غَرْدَايَةَ بَنِـــــي يَزْقَــنَ مَلِيكَةَ الْقَرَارَةَ بَرَّيَانَ أَعْــــــــــــرَاقُ
صَبَرَ طَيِّبُونَ سِنِينَ عِجَافًا مُهَمَّشِــينَ وَهُمْ نُبَلَاءٌ أَشْرَافٌ حُـــــــــــــــدَّاقُ
شَغَلُواْ وَرَى وَمَلَأُواْ دُنَى سَبَّحُــــــــــواْ وَصَلُّواْ عَلَى نَبِيٍّ مِعْرَاجُهُ بُـــــرَاقُ
وَذِي زَرْبِيَّةٌ وَمَهْرِيٌ صَمَدَا بِـعِــــــــــــــزٍّ فِي وَجْهِ شَّرٍّ وَهَابَهُمُ إِمْـــــــــلاَقُ
كَرَمُ الْجَنُوبِ كَرَمٌ وَكَـــــــــــــــــــــــــرَمُ وَمَكْرُ الْمَاكِرِينَ خَرَابٌ وَانْــــــــزِلَاقُ
أُمَّةٌ صَادِقَةٌ فِي مَسِيرَةٍ وَطَفِــــــيـــشُ قُطْبٌ لَمْ يَخْضَعْ وَلَمْ يَنْسَـــــــــاقُ
أَبُو الْيَقْظَانَ قَالَ فِي صُحُفِهِ لِحُرِّيَّــــــةٍ وَعَـدْلٍ وَشُــورَى مُشْتَــــــــــــــاقُ
وَأَنْجَبَ رُسْتُمُ ابْنَ الشَّعْبِ وَأَنْجَـــــــبَ يَزْقَنُ ابْنَ تُــــومَرَتَ بَـــــــــــــــرَّاقُ
وَفِي غَرْدَايَةَ وُلِدَ الْفَتَى الْوَطَنِــــــــــيُّ وَنَسَجَ إَلْيَاذَةً وَنَشِيدًا مِصْـــــــدَاقُ
حُلْمُ فَتَى المَغْرِبِ مَغْرِبٌ كَبِـــــــــــــيرٌ وَحُلْمِي الْيَوْمَ أُمَّةٌ تَاجُهَا أَخْــلَاقُ
سَلَامِي إَلَى هُدَاةٍ صَالِحُ وَالثَّعَــــالِبِيُّ وَشَيْبُوبَ وَدَخْلَاوِيَ وَبَــــــــــــــاقُ
طَلَعَ أَحْرَارٌ مِنْ جِبَالٍ وَكَلَّـــــــــــمَ مَجْدٌ أَطْلَسَ وَذَا زَيْتُونٌ رُحَـــــــــــــــاقُ
اذْكُرِ بُوشْنَاقَ إِذْ فَدَى وَقَنَانِـــــــــــــشَ وَمَوْلُودَ وَكَعَاكَ وَغَالِبَ وَرِفَــــــــاقُ
يَا زَكَرِيَّا إِنْ كَانَ شَوْقِي أَمِــــــــــــــــيرًا فَإِنَّكَ مَلِكُ شَوْقِي الْمُنْسَــــــاقُ
اسْأَلُكَ عَنْ نُقْطَةِ النُّونِ أَيْنَ اخْتَفَــــتْ وَأَنْتَ حَارِسٌ نَبِهٌ تَـــــــــــــــــوَّاقُ
وَعَنْ شَهِيدٍ اغْتَالَتْهُ زَبَانِيَةٌ فَكَــــــــــانَ زَبَانَا وَكُنْتَ شَاهِدَ دَمٍ مُــــــــرَاقُ
كَمْ أَعْدَمَ السَّفَّاحُ فِي بَرْبَرُوسَ وَكَــــمْ ظَهَرَتْ مَشَانِقُ وَمِعْــــــــــــــلَاقُ
مَنْ رَمَى دَوَاتَكَ يَوْمَ كِتَابَةٍ يَا شَــــامِخٌ وَأَنْتَ لهََبٌ مُقَدَّسٌ سَــــــــــبَّاقُ
اخْبِرْنِي مَنْ مَنَعَ الْحِبْرَ عَنْـــــــــكَ ذَاتَ لَيَــالٍ وَمَنْ مَنَحَكَ سُمَــــــــــاقُ
نُرِيدُ عَوْدَتَكَ يَا مُلْهِمًا هَكَـــــــــــــــــــذَا قَالَ الشَّعْبُ مُنْتَظِرًا زَمَنًا أَفَّـــاقُ
أَنْتَ فِي قَبْرِكَ تُخِيفُهُمُ فَهَــــــــــــــــــلَّا زَمْجَرَ لِسَانُكَ وَدَمْدَمَ مِــــــهْرَاقُ
أَرَاكَ تَبْتَسِمُ الْآَنَ لَمَّــــــا أَخَـــــــــــــذْتُ يَرَاعَكَ فَهَلْ تَسْمَحُ يَا عِمْـــــلَاقُ
حِينَ وَضَعْتُ قَلَمَكَ بَيْنَ أَنَـــــــامِلِــــــي بَدَا بَعْدَ إِذْنِكَ خَطُّهُ أَنْسَــــــــــاقُ
وَامْنَحْنِي حَرْفًا أَقْضِمُ بِهِ ظُهُورَ أَعَــــــادٍ وَأَرْثِي كَبْشًا لِلنَّحْرِ سَـــــــــــاقُ
وَأَخْدُمُ شّعْبًا طَعِمَ حِرْمَــــــانًــــــا وَذَاقَ أَشْــــوَاكًا قِيلَ لَـــــــهُ تِلْكَ أَرْزَاقُ
كُنْ أَمِينًا عَنِ الضَّادِ يَا أَمِــــــــــــــــــينُ وَجَمَــالُ الْعَرَبِيَّةِ لَا يُثْنِيهِ عُشَّاقُ
وَاحْذَرْ تُجَّارَ نَشِيدِي وَعَهْدِي رَجَــــــــاءً وَدَعْ نَغْمِي يَشْــــــــــــــدُو أَرْوَاقُ
فَلْيَرْحَلُواْ إِلَى بَارِيسَ وَذَا بَـــادِيـــــــسُ عَادَ وَوِفَاقٌ وَأَقْـــــــــــــلَامٌ وَأَوْرَاقُ
وَصِيَّتِي يَا فَتَى وَسُلَيْمَانَ اقْتَصُّـــــــــواْ مِنْ بَاتِرِ قَسَـمًا حَــــــرَّكَهُ سُرَّاقُ
إِنْ عَادُواْ عُدْنَا وَإِنِّي قَادِمٌ يَا شِبْــــــــلُ نُحَصِّنُ أُمَّةً وَتَسْــــــــــكُتُ أَبْوَاقُ
عُذْرًا أُسْتَاذِي عُذْرًا أَبَتِي افْعَلْ مَــــــــا تُؤْمَرُ حَدِيثُكَ شَائِقُ شَـــقْشَاقُ
بَلِّغْ فَاسَ وِدِّي شَنْقِيطَ تُونُسَ بَرْقَـــــةَ مِصْرَ دِمَشْقَ بَغْدَادَ وَرُسْــــــتَاقُ
وَعِنْدَ أَمَازِيغَ وَعَرَبَ اِغْرِسْ فَسِيـــــــلَةً مِنْ فَصِيلَةِ قَلَمٍ تَنْمُو أَشْـــــدَاقُ
ذِي إلْيَاذَةٌ بَهَرَتِ الْأَجْيَالَ وَمَجْــــــــــــدٌ خَرَّ سَاجِدًا وَرَكَعَ اسْتِحْقَـــــــاقُ
تَلَا رِيفِيُّونَ وَقِيرَوَانَ حُرُوفَكَ عَلَـــــــــى قُدْسٍ وَشَامٍ وَبُورْمَا وَعِـــــــــرَاقُ
لَا تَحْزَنْ عَلَى طِفْلٍ يَتِيمٍ حَــــــــــــاوَلَ فُرُوسِيَّةً وَفِي دِيرِكَ حِبْرٌ رَقْــــرَاقُ
نِمْ هَنِيئًا نَبْقَى شُعَرَاءَ بِكَ وَقَرْ عَيْنًــــا نَظَلُّ مِدَادَ نَهْرِكَ الْدُّفَــــــــــــــــاقُ
يَامَلِكَ حُرُوفٍ لَا تَخَفْ إِنَّ الْلَّهَ حَـــــافِظُ مِيزَابَ وَشَـــــــــــــــــعَانِبَةَ وَرَزَّاقُ
عَاشَ إِبَـاضٌ وَمَـالِكٌ إِخْوَةً وَعََـــــــــاشَ فِي الْوَطَـنِ عَرَبٌ وَتَـــــــــــــوَارِقُ
لَا أَعْيَانَ لَكُمُ الْيَوْمَ أَنْتُمُ عُيُــــــــــــونٌ وَمَرْحَى بِأَعْيَانَ حُكَمَاءَ حُــــذَّاقُ
احْمِلُواْ مَشْعَلَ الْحُكْمِ وَالسِّيَاسَــــــةِ وَالنُّهَى وَازْرَعُواْ مَحَبَّةً وَوِفَــــــاقُ
وَاعْصِفِي يَا رِيَاحَ الْجَنُوبِ فَأَنْتِ بَشَائِرُ وَهَذَا نَسِيمُكِ تِرْيَـــــــــــــــــــاقُ
وَاصْفَعِي عَبَثَ النَّـــافِذِينَ يَنْهَضْ صَفٌّ ذُو رَشَادٍ مِقْدَامٌ سَــــــــــــــوَّاقُ
وَاصْنَعِي طَوْقَ نَجَاةٍ يَطْرُدْ غَمَامًـــــــــا عَمَّرَ طَــــويلًا وَيَلُوحُ إِشْـــــــرَاقُ
وَحَصْحِصْ يَا حَقٌّ وَزَحْزِحْ بَاطِــــــــــــلًا وَاصْلِحْ ذَاتَ بَيْنٍ وَشِــــــــــــقَاقُ
شعر / جمال بوزيان
في وهران؛ يوم السبت 3 جمادى الآخرة 1434 هـ الموافق 13 أبريل 2013 م