من أخطاء طلبة العلم في الرُّدود: الحزبيَّة الخفيَّة بعض طلبة العلم ممَّن رزقوا إنصافا وموضعية إذا رأوا مخالفَهم أو (خصمهم)في العلم و الدَّعوة مظلومًا لم ينصروه من باب العقوبة، وهذا من الحزبيَّة الخفيَّة. وهو خطأٌ فإنَّ نصرة المظلوم المخالف من أعظم أسباب رجوعه، و تقاربه معك، أو تفهُّمه لموقفك، وهو لا يُظلم إلاَّ بالكلام الباطل،وحكمه يدور بين الاستحباب الوجوب ،ومهما يكن فهو مأمور به بحسب قدرة الشَّخص،كما في الحديث الصَّحيح عن البراء بن عازب : (( أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَاتِّبَاعِ الْجِنَازَةِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ أَوْ الْمُقْسِمِ وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ وَإِجَابَةِ الدَّاعِي وَإِفْشَاءِ السَّلَامِ؛ وَنَهَانَا عَنْ خَوَاتِيمَ أَوْ تَخَتُّمِ الذَّهَبِ؛ وَعَنْ شُرْبٍ بِالْفِضَّةِ؛ وَعَنْ الْمَيَاثِرِ وَعَنْ الْقِسِيِّ وَلُبْسِ الْحَرِيرِ؛ وَالْإِسْتَبْرَقِ وَالدِّيبَاجِ)). فإن لم تدافع عنه عقوبةً له فأدنى ما تصنع: لا تقرِّر القواعد الباطلة الَّتي ظُلم بها بسكوتك عنها. وعندما تنصر رجلا مظلومًا فذلك نصرة للدِّين و الحقِّ، وهو يزيد فيك، ولا ينقص منك إلاَّ عند السُّفهاء، و دفاعك عنه لا يلزم منه تأييد مذهبه أو موافقته في كلِّ شيء، وقد دافع شيخ الإسلام ابن تيميَّة عن الأشاعرة و الكلابيَّة و الكراميَّة ضدَّ الرَّافضة، ودافع عن الغزاليِّ ضدَّ ابن رشد، ودافع عن ابن ملكا ضدَّ ابن سينا، ودافع عن الرازيِّ ضدَّ الطُّوسيِّ ،وهكذا. فإن لم ندافع إلاَّ عن أصحابنا و أتباع مذاهبنا صرنا حزبًا كسائر الأحزاب نقول الحقَّ ليخدمنا فقط. فالمنهج الصَّحيح: دافع عن كلِّ مظلوم، وكلِّ مصيبٍ، و إن كان مخالفًا ،و انتقد كلَّ ظالم، وكلَّ مخطئ، و إن كان شيخك، و إمام مذهبك، أو صاحبك؛ ويزيل الشَّحناء، و يحميك من شرِّ النَّصيحة: الإخلاص، و الأدب العالي. ولا تشمت بالمخالف المظلوم لا ظاهرا ،ولا باطنا يزكو قلبك.
الشيخ مختار الطيباوي