افعال واقوال شركية شائعة في موروثنا الثقافي

[محمد عليلي]

السلام عليكم ورحمة الله وبر كاته

افعال واقوال شركية شائعة في موروثنا الثقافي
سلوكيات خاطئة في عرفنا وجب التعريف بها

بسم الله الرحمن الرحيم


لقد تطرقت في كتاباتي المختلفة إلى أنواع شتى من الموروث الثقافي المادي والمعنوي الايجابي بكل أنواعه والاعتزاز به والاعتراف بمحمود أهل الفضل عبر تاريخنا القديم والحديث غير أنني أهملت بعض الجوانب من نمط حياتنا خاصة بعض السلوكيات والتصرفات من الأفعال والأقوال الشائعة وهي كثيرة انتقيت منها البعض لعرضه ومعالجته هذه العادات والتنبيه إلى مضارها ومفاسدها العقائدية انتقلت إلينا أيام عصور الظلام وزاد الجهل و الاستدمار في نشرها وتثبيتها وما زالت بعض العقول المتحجرة لم تستوعبها وتبتعد عنها رغم ان علماءنا ودعاتنا من حماة العقيدة تصدوا لها بالحجج والبيان في فتاويهم وكتبهم ودروسهم ومحاضراتهم فكان لهم الفضل الكبير في إماتة هذه العادات السيئة التي عمرت طويلا وعششت في أفكار الكثير من المسلمين خاصة العوام منهم سواء عن قصد أو غير قصد ومن هذه الضلالات والشركيات في الاعتقاد بما هو وقائي ومنها ما هو علاجي خاصة في ميدان الأمراض والتداوي ومن بينها الطيرة , النشرة ( بضم النون) ,تعليق قرون الغنم والعجلات على الأبواب في بعض الجهات , تعليق التمائم , الوشم مع النيجر( الكحل) في الجبهة وفي أسفل الساق تحت الكعبين , ذبح الديك الملون ( نوار الفول) ,تسبيع الشب لمعرفة نوع عين الحاسد , ستر التمائم في جلد شاة العيد , البخور نقل الجاوي من والى الخلاوي , تعليق الودع الدهن بالقطران في الأنف والجبهة مع الشلط بالموس أو السكين , مسح الجلد بتراب الأضرحة .
ومن بعض العبارات الشركية المخالفة للاعتقاد الصحيح والتي تصدر عن الكثير منها

1 مسلمين مكتفين

ومن تلك العبارات قول بعضهم إذا ذكر الجن أو الأولياء أو حضر احد من سلالة المرابطبن قولهم " مسلمين ومكتفين " وهي تعني من قائلها انه مسلم أمره للجن أو الأولياء وان خاضع هم لا يخالف ارمهم وإرادتهم وليس أصرح للشرك بالله تعالى من هذا القول فان الإسلام لا يكون إلا لله تعالى بمعنى الخضوع والذل له والقبول بأحكامه الشرعية والقدرية فمن جعل ذلك لغير الله فقد أشرك قال الله تعالى " وأنيبوا إلى ربكم واسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنتصرون " الزمر 54

2 خمسة وخموس عليه

ومنها قول بعضهم إذا رأى في أي شخص ما يعجبه قال هذه العبارة خموس عليه التي تعني انه في حفظ (الخامسة ) التي تعلق في الأعناق والجدران وهذا من الشرك الأكبر انم اعتقد أنها بنفسها تحفظ العباد من الإصابة بالعين وان اعتقد أنها سبب فهذا من الشرك الأصغر واله تعالى هو الحفيظ لا الخامسة ولا الأشواك قال تعالى " فالله خير حافظا وهو ارحم الراحمين " سورة يوسف 64
3 فلان شاي لله به
ومنها قولهم عند ذكر بعض الأولياء ( فلان وشاي لله به) ومرادهم التوسل به أي يطلبون من الله تعالى شيئا بفلان وهذا من الشرك الأصغر وقد يطلقها البعض ويريد دعاء الولي بعينه فيكزن المعنى يا فلان أريد شيئا لوجه الله وهذا شرك اكبر قال تعالى " والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير " سورة فاطر 13-14

4 الله يعطي اللحم لمن لا أسنان له

ومنها هذا المثل الذي يطلقه بعضهم ومعناه أن الله تعالى يعطي الخير لمن لا يستحقه أو يكلف العبد بما لا يقدر عليه وهذا من سوء الاعتقاد لله تعالى فان الله تعالى عليم حكيم رحيم عدل لا يظلم أحدا من عباده قال تعالى " أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون " الزخرف 32

5 الفقير يبكي وربي يزيده

ومنها هذه العبارة التي يطلقونها في مواجها من يشتكي حاله او ذكر حال بعض المبتلين بالمرض والفقر ونحو ذلك وهي كلمة كافرة ساقطة معناها نسبة الظلم لله تعالى ونفي الرحمة عنه وهو سبحانه الرحمن الرحيم قال تعالى " ذلك بما قدمت أيديكم وان الله ليس بظلام للعبيد " ال عمران 182

6اعطيتك سن الحمار وأعطني سن الغزال

ان من الديانات الوثنية القديمة التي كان عليها سكان شمال إفريقيا قبل الإسلام عبادة الشمس قال مبارك الميلي في تاريخ الجزائر (74/1) ( وقد وقع شعبنا في ما يقرب من هذه الوثنية فمن آثار عبادتهم للشمس ان الولد حينما يثغر وتسقط سنه يرمي بها إلى الشمس ويقول لها في بغض الجهات الشمالية أعطيتك فضة أعطني ذهب وفي بعض الجهات الجنوبية أعطيتك سن الحمار أعطيني سن الغزال )
7 يا سيدي فلان في عنايتك

وإذا اتكأ احدهم أو قام من مكانه او مضى على مكان مخوف قال هذه الكلمة التي يطلب بها الحفظ والحماية من ميت مقبور مر على موته دهور وينسى ربه الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم وهذا من أوضح صور الشرك في الدعاء وقد قال صلى الله عليه وسلم " الدعاء هو العبادة " وربما يقول بعضهم إذا سقط شيء أو شخص أو سمع دويا (يا سيدي فلان ) هو يقصد طلب الحفظ والحماية وحكم هذه العبارة في كل هذه الأحوال واحد .

8 راني في ضمان الشيخ

روى مسلم أن صحابيا قال لنبي صلى الله عليه وسلم أسالك مرافقتك في الجنة , فقال له " اعني على نفسك بكثرة السجود " قال الشيخ ابن باديس (52/2)- الآثار – ( لما سال هذا الصحابي النبي صلى الله عليه وسلم وعده بالدعاء وأرشده إلى العمل الصالح وهو كثرة السجود ,ولم يقل له النبي صلى الله عليه وسلم إنني ضامن لك ذلك , ولا أنت مضمون , ولانت في ضماني , لان العبد لا يجوز له أن يضمن على خالقه بدون إذنه شيئا , وإذا كانت الشفاعة التي طلب منه لا تكزن عنده الا بإذنه . فكيف بالضمان الذي هو التزام على القطع , فمن الغرور العظيم والجهل الكبير والجرأة الكبرى على الله تعالى قول بغض المدعين روح مضمون , وقال آخرين من دخل دار كذا فهو مضمون , وأنا ضامني شيخي ويا دار الضمان ونحو ذلك )

9 على سواد السعد

وهذه عبارة يطلقها الناس على سبيل التسخط من قدر الله تعالى ويقصد بها سوء الحظ والطالع ولا يجوز للعبد مثل هذا التسخط قال النبي صلى الله عليه وسلم " وان الله إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضي له الرضا ومن سخط فله السخط " رواه الترمذي

10 هذا الزمان غدار

وهذا كثيرا ما يطلق عند الضجر من تقلب أحوال الزمن على سبيل السب والقدح فيكون قائله قد وقع في امر محرم لان الزمان لا فعل له إنما الفاعل هو الله تعالى قال صلى الله عليه وسلم ( قال الله عز وجل " يؤذيني ابن ادم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر اقلب الليل والنهار ") متفق عليه , وليس هو بكفر إلا إذا قصد قائله سب اله تعالى أما إن كان مجرد أخبار عن الحال دون قدح وسب فلا شيء في ذلك لكن ما ذكر اولا هو الغالب .

11 يا ربي والناس الصالحين

قال العلامة مبارك الميلي في رسالة الشرك (192) ( دعاء غير الله ... شرك صريح وكفر قبيح وله نوعان احدهما دعاء غير الله مع الله كالذي يقول يا ربي وشيخي , يا ربي وجدي ,يا الله وناسه , يا الله يا سيدي عبد القادر , وسمعت كثيرا يحكون أنهم كثيرا ما يسمعون فلانا يقول يا ربي يا سيدي يوسف اغفر لي ....النوع الثاني دعاء غير الله من دون الله كالذي يقول يا رجال الدالة يا ديوان الصالحين )

12 إذا حب ربي وسيدي فلان

قال العلامة ابن باديس(113/2)-الآثار- ( إذا نظرنا في حالة السواد الأعظم منا معشر المسلمين الجزائريين فإننا نجد هذه الكلمات شائعة بينهم فاشية على ألسنتهم وهي بربي والشيخ وهم يعنون أن ما يفعلونه هو بالله وبتصرف الشيخ بريبي والصالحين وبربي والناس الملاح إذا حب ربي والشيخ سوف ربي والسيخ وهي كلها من كلمات الشرك كما ترى فأما قولهم بربي والشيخ ونحوه فمما لا يجوز أن يذكر فيه المخلوق قطعا لان ما نفعله هو بالله وحده أي بتقديره وتيسيره ولا دخل للمخلوق فيه وأما قوله إذا حب ربي والشيخ فمما لا يجوز إلا بلفظة ثم فيكون بمعنى إذا شاء الله ثم شاء الشيخ إذا كان هذا الشيخ حيا وكان الأمر مما يمكن أن تدخل مشيئته فيه )

13 بحق فلان وجاهه اجب دعائي

ومن تلك العبارات هذه العبارة ومن كان مراده بها اجب دعائي بسبب كون فلان من عبادك الذين لهم حق عليك فهذا اعتداء في الدعاء قال تعالى " ادعوا ربكم تضرعا وخفية انه لا يحب المعتدين " الأعراف 55. وهو اعتقاد فاسد فانه لا حق على الله تعالى لمخلوق إلا ما أحقه الله على نفسه تفضلا منه وان كان المراد بوساطتهم وتأثيرهم إرادة اله تعالى وتقدبره فهذا شرك صريح لذلك قال الشيخ الميلي في رسالة الشرك (214) (والذي نقوله ام هذا الصرب من التوسل ان لم يكن شرك فهو ذريعة إليه )

14 المدد يا سيدي فلان

قال الشيخ مبارك الميلي (442) ( وقد يعبرون عن هذا الضرب من التبرك بالاستمداد من أرواح الصالحين ويعتقدون أنهم أحياء في قبورهم يتصرفون في العالم ويقضون حاجات قاصديهم... فيتخذون المزارات يبنون عليها البناءات ويرون ان روح الصالح فلان هناك أما لأنه دفن هناك أو جلس بهبل تجد بناءات كثيرة علة مزارات عديدة كلها منسوبة للشيخ عبد القادر الجيلالي دفين بغداد وهو لم يعرف تلك الأمكنة ولا سمع بها ... ومن مظاهر هذا التبرك الاستمدادي تقبيل الجدران والتمسح بالحيطان وكل ما يصاف إلى ذلك المكان )
15 وراس اولادي وراس بابا وسيدي فلان
قال مبارك الميلي ( نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الحلف بالمخلوق فأبى اكثر الناس إلا الحلف به وأغلظ في النهي به نهي الشرك والكفر فاجروا هذه اليمين على ألسنتهم أكثر من اليمين بالله وأمر من حلف بالله أن يصدق فتلاعبوا باليمين الشرعية واحترموا اليمين الشركية وأمر من حلف له بالله أن يرضى ويكل أمر الحالف إلى الله فلم يطمأنوا إلا بالحلف بأوليائهم وهكذا تراهم يعظمون الإيمان بأوليائهم ويخشون الحنث فيها أكثر من تعظيم اليمين بالله وخشية الحنث فيها )

16 من ليس له شيخ فشيخه الشيطان

هذه من كلمات شيوخ الطرق لربط الناس بهم في قصية البيعة واخذ الميثاق والعهد الذي يعني الالتزام بطاعتهم ولزوم طريقتهم وخدمة زاويتهم نظير التوسط بينهم وبين الله تعالى في العبادة وقبول التوية خاصة قال الشيخ الميلي (492) ( والتوسط بين العبد وربه لقبول توبته والعفو عنه أصل من أصول كفر اليهود والنصارى جاء الإسلام لرفعه ونفيه ) وقال وإيجابهم الشيخ على الناس صواب من الحكم وشرحه بشيخ الزيارة خطا في الفهم فان الشيخ الذي لا بد منه هو من تسأله عن دينك قال تعالى " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " النحل 34

وآ خر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه أجمعين