بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
كلام قيم للعلامة محمد أمان الجامي -رحمه الله-حول بدعة المولد النبوي يرد فيه على الشبه الواردة في ذلك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
هـ ـ 1416هـعميد كلية الحديث الشريف ورئيس شعبة العقيدة بالدراسات العليابالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية سابقا تفريغ: محمد مصطفى الشاميفلسطين- 1427هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أنْ لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (آل عمران: 102 )(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء: 1 ).(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب: 70-71)أما بعد:فإن أصدق الكلام كلام الله وخير الهدي، هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشرَّ الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعةٍ ضلالة وكل ضلالةٍ في النار.ثم أما بعد )نتكلم على احد الأصلين الذين بنا عليهما وعلى الخاتمتين بعدهما شيخ الإسلام ابن تيمية رسالته التدمرية فمهدنا للكلام على الأصلين بأن قسمنا الناس في باب الأسماء والصفات إلى أقسام، إن القسمة العقدية تقتضي الآتي:أولا فريق أثبت ما اثبت الله لنفسه في كتابه وما اثبت له رسوله صلى الله عليه وسلم في السنة الصحيحة من الأسماء والصفات على ما يليق بالله تعالى هؤلاء هم سلف هذه الأمة ومن تبعهم إلى يوم الدين ، هؤلاء منهجهم واضح لأنهم لا يتكلفون ، يثبتون ما أثبت الله على مراد الله من الأسماء والصفات ويثبتون ما أثبته رسوله صلى الله عليه وسلم أيضا من الأسماء والصفات على مراد رسول الله عليه الصلاة والسلام ، والنقطة المهمة التي ينبغي أن يعرفها طالب العلم عند أهل السنة والجماعة لا فرق بين ما ثبت بالكتاب وبين ما ثبت بالسنة وقد تثبت بعض الصفات بالكتاب والسنة معاً وقد تثبت بعض الصفات بالكتاب وحده وقد تثبت بعض الصفات بالسنة المطهرة وحدها وليس لها ذكر في الكتاب.أهل السنة بما فيهم الأئمة الأربعة لا يفرقون بين الكتاب والسنة ، بمعنى إذا ثبتت صفة من الصفات بالسنة المطهرة ولم يَرِدْ ذكرها في الكتاب لا يتوقفون فيها ولا يوقفون العمل بها أو القول بها على ورود تلك الصفة فِي الكتاب بل طالما ثبت في السنة الصحيحة ما ثبت بالسنة هو كالصفات التي ثبتت بالكتاب والأثر، ولا يُشْتَرَطُ التواتر هنا كذلك نقطة ثانية مهمة ، لا كما يزعم علماء الكلام ومن تأثر بعلماء الكلام من بعض الأصوليين مِنْ اشتراط التواتر في السنة في باب العقيدة ، هذا اشتراط لا أساس له بل الصحيح "ثبوت السنة" إذا ثبتت السنة يُحْتَجُّ بِهَا وتثبت بها صفات الله تعالى .ولعلكم تحفظون كثيراً من الصفات التي ثبتت بالسنة ولم يأتِ ذكرها في الكتاب من ذلك صفة نزول الرب سبحانه وتعالى في آخر كل ليلة إلى سماء الدنيا كما يليق به حيث يقول :هل من مستغفر فاغفر له.. الخ الحديث ، ومن ذلكم صفة الفرح وغيرها كثيرة ، الصفات التي ثبتت بالسنة نحن نؤمن بها لا فَرْقَ عندنا بين ما ثبت بالكتاب وما ثبت بالسنة ، لذلك المسألة واضحة بالنسبة لمنهج السلف ، مسألة بحث التواتر ومَنْ مِنْكُم أراد أن يتأكد ويتثبت عليه أن يرجع إلى رسالة الإمام الشافعي رحمه الله حيث اثبت أن اشتراط التواتر لا أصل له إنما المهم ثبوت السنة ، السنة الثابتة يُستدل بها في العقيدة كما يستدل بها في الفروع والأحكام ، هذا المعنى تجدونه منصوص عليه في رسالة الإمام الشافعي وهو مَنْ تعرفونه ولستُ بحاجة لأقول عنه شيئا ، الكل يعرفه .هذا موقف أهل السنة وهو في غاية الوضوح من الأصلين الذين مهدنا لهما في المحاضرة السابقة ولا نزال في التمهيد منهما : القول بأن الكلام في بعض الصفات كالكلام في البعض الآخرالأصل الثاني: الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات يحذو حذوهالأصل الثاني الكلام في بعض الصفات كالكلام في البعض الآخر يحذو حذوه هذان سماهما شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالته التدمرية سماهما اصلين ، فنحن نبدأ اليوم بالأصل الثاني وإنما اخترنا الأصل الثاني وهو القول:إن الكلام في بعض الصفات كالكلام في البعض الآخرنختار هذا لأن هذا الأصل يُنَاقَش على ضوئه الأشاعرة .والأشاعرة هم أكثر الناس وجودا في عالمنا الإسلامي ولعلهم أكثر الناس وجودا كذلك في زملائنا الطلبة اقصد أن بعض الطلاب أو أكثرهم ربما درسوا هذه العقيدة ، العقيدة الأشعرية وَمَنْ دَرَسَها ثُمَّ مَنَّ اللهُ عليه بأن يطلع على هذا المنهج الذي يدرسه الآن وهو منهج السلف الصالح عليه أن يعرف ويعيد إلى ذاكرته العقيدة الأشعرية ليقارن بينها وبين ما يدرسه ليأخذ الحق ويترك الباطل على بصيرة ، هذا شأن طلاب العلم ، طالب العلم يهتم بشأن العقيدة كل الاهتمام .إذن نقولالقول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخرنوجه هذا الكلام إلى الأشاعرة لأنهم اثبتوا الذات ، اثبتوا وجود الله وامنوا بذات الله الْعَلِيَّا كما يليق بها بدون بحث عن الكيفية والكنه والحقيقة كما هو مذهب أهل السنة والجماعة ، ثم إنهم لما وصلوا عند الصفة تصرفوا تصرفا عجيبا حيث قسموا الصفات إلى قسمين: قسم يجب الإيمان به وإثباته على ما يليق بالله دون تشبيه في الإثبات ودون تعطيل في التنزيه ، هذا الكلام كلام صحيح وموقف سليم وافقوا بهذا أهل السنة والجماعة إلا أنهم خالفوا أهل السنة والجماعة بالنسبة للبعض الآخر من الصفات ، زعموا أن الصفات تنقسم إلى: صفات عقلية وصفات خبرية ، الصفات العقلية التي في الإمكان أن يدرك الإنسان أو يثبتها بعقله حتى لو لم يرد النص لو لم يرد الخبر عن الله وعن رسول الله عليه الصلاة والسلام ، هذه الصفات سموها الصفات العقلية ، فقالوا يجب إثباتها بالأدلة العقلية وإن وُجِدَتْ أدلة نقلية تُذْكر من باب الاستئناس بها ومن باب تأييد الأدلة العقلية بها ، أي بالأدلة النقلية ، لا أساس أنها هي العمدة واعتمدوا عليها في هذا الباب بل الاعتماد على الأدلة العقلية لذلك اختارت الأشاعرة الصفات التالية فأثبتوها (القدرة ، الإرادة ، السمع ، البصر ، العلم ، الحياة ) هذه الصفات أطلقوا عليها صفات المعاني ، صفات المعاني تثبت بالأدلة العقلية لأن وجود هذا الكون على غير مثال سابق وهذا النظام البديع يدل على قدرة الله تعالى ، إذن إنه موصوف بالقدرة ، والتخصيص تخصيص كل مخلوق على ما هو عليه يدل على صفة الإرادة إذن فهو مريد هذه الإحكام إحكام هذا الصنع وهم على علم الصانع فإذن فهو عليم ومَنْ اتصف بالقدرة والإرادة والعلم يجب أن يتصف بالسمع والبصر والحياة ، بهذه الطريقة وكذلك الكلام ، بهذا الأسلوب أثبتوا صفات المعاني "الصفات السبع" التي سموها صفات المعاني ثم استنتجوا وأخذوا من هذه الصفات صفات أخرى سموها الصفات المعنوية وهي التي تسمى عند أبي هاشم المعتزلي "الأحوال" وهي قولهم "كونه قادرا كونه مريدا كونه سميعا بصيرا عليما متكلما هذه الصفات – تُسَمَّى- وهي في الواقع أسماء ، إطلاق الصفة عليها إطلاق فيه تسامح هذه أسماء تدل على تلك الصفات السبع ولكن لغة اصطلاحهم أن تسمى الصفات المعنوية ، هذه سبع وتلك سبع ثم أثبتوا صفات يسموها الصفات السلبية خمس صفات على اصطلاحهم (البقاء ، القدم ، مخالفته للحوادث ، قيامه بنفسه ، الوحدانية ) هذه يسمونها الصفات السلبية بمعنى أنها تسلب عن الله ما لا يليق به وليست الصفات السلبية عند الأشاعرة هنا تسليب النفي عند الجهمية ، السلوب عند الجهمية الذين يصفون الله تعالى بالسلوب المحض ، السلوب التي لا تتضمن مدحا ولا (كلمة غير مفهومة) .... كقولهم ليس بذي جسم ولا عرض ولا طول ولا قصر ...الخ تلكم السلوب التي تدل على أن القوم لا يقدروا الله تعالى حق قدره .أما الصفات السلبية التي هنا عند الأشاعرة غير تلك السلوب وهي خمس صفات اصطلحوا عليها أنها صفات سلبية بمعنى أنها بذاتها بدون ان يدخل عليها حرف نفي تنفي وتصرف عن الله تعالى ما لا يليق به كالفناء والحدوث ومشابهة الحوادث وعدم الغنى المطلق والتعدد ، هذه أضداد للصفات السلبية ثم قبل ذلك عندهم أطلقوا على صفة الوجود الصفة النفسية "وجود الله" كونه واجب الوجود أطلقوا على هذه الصفة صفة نفسية هذه الصفات يجب معرفتها عندهم بأضدادها وبأدلتها العقلية حتى يصبح الإنسان مؤمنا ، زِدْ على ذلك صفات الرسل الأربع التي منها (الصدق والأمانة والتبليغ والفطانة) بأضدادها كما يجوز في حقهم من الأعراض البشرية والجائز في حق الله تعالى من الإيجاب (كلمة غير مفهومة) هذه خمسون عقيدة ، خمسون عقيدة عند الأشاعرة من لم يعرفها بأدلتها ليس بمؤمن - انتبهوا لأنفسكم - الأشاعرة لا يحكموا عليكم بالكفر انتبهوا عند الأشاعرة من لا يحفظ الخمسين عقيدة بأدلتها ليس بمؤمن ، تعال ما الذي أوجب عندكم إثبات هذه الصفات على أننا لا نُسَلِّمُ فِي بعضها على أنها صفات بينما هي أسماء بل في بعضها لا نُسَلِّم أنها من أسماء الله تعالى كالقديم ، القديم ليس من أسماء الله الحسنى ولكنه بمعنى الأول الذي ليس قبله شيء ، كما أن البقاء وهو بمعنى الآخر الذي ليس بعده شيء ، ومخالفته للحوادث بمعنى ليس كمثله شيء وقيامه بنفسه بمعنى الغنى المطلق فنحن نفسر لهم تفسيرا حتى يصح إثبات هذه الصفات ، موافقة لما جاء في الكتاب والسنة ، لا بأس يمكن أن نقول إن هذه التسمية وهذا التقسيم اصطلاح ولا مشاركة في الاصطلاح إنما النقطة المهمة التي يجب أن نناقش الأشاعرة فيها بأيِّ كتاب وبأيِّ سنة فرقتم بين ما أثبت الله لنفسه أوجبتم إثبات بعض الصفات وادعيتم وجوب التأويل في البعض الآخر؟ تعالَ إلى المثال الإرادة صفة من صفات الله اتفق السلف والخلف على إثبات الإرادة لكن "المحبة" قالوا (لا..) لا نصف الله بالمحبة ولا بالكراهة أو الغضب والبغض والفرح لماذا؟؟!! بل يجب تأويل هذه الصفات ، بينما لم يوجبوا تأويل صفة الإرادة مثلا لماذا؟ هذه الصفات التي أوجبوا تأويلها قالوا فيها يعني مثل الغضب والمحبة والكره قالوا إنها انفعالات نفسية والانفعالات النفسية لا تليق بالله لأن الغضب مثلا غليان دم القلب عند إفادة الانتقام قالوا هذا لا يليق بالله بينما صفة الغضب ثابتة بالكتاب والسنة قالوا (لا) يجب تأويلها بما؟؟ يعني معنى غضب الله عليهم أي أراد انتقامهم ، معنى الغضب إرادة الانتقام ومعنى المحبة إرادة الإنعام ومعنى الرحمة إرادة الإنعام ، إذن هذه الصفات كلها فسروها بصفة واحدة وهي صفة الإرادة ، تعال ما هي الإرادة قالوا أما إرادة الله فلا نعلم حقيقتها ، لكن ما هي الإرادة في حق المخلوق الميل إلى ما تريد الميل إلى ما فيه النفع ميلك إلى ما فيه نفعك ومصلحتك هذه الإرادة ، لماذا لم تؤولوا؟؟؟ لأن الميل مستحيل في حق الله كما أن الانفعال الغضبي الانفعال بالرحمة الانفعال بالفرح مستحيل ، مقتضى هذا أن تكون صفة الإرادة مستحيلة حتى تؤول بينما أنكم أَوَّلْتُم الصفات التي رأيتم يجب تأويلها أولتموها بالإرادة قالوا (لا..) الإرادة هذه التي هي ميل النفس ليست هذه صفة الله ولكن تلك إرادة تليق بالله ونحن نقول لهم صفة الفرح وصفة الرحمة ، صفة المحبة ، صفة الغضب ، صفات تليق بالله أما تعريفكم الصفات التي عرفتموها بالانفعالات هي صفاتنا نحن المخلوقين ، أما إذا أضيف الغضب إلى الله صار غضبا خاصا (إن الله قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله..) في حديث الشفاعة (إن الله يفرح بتوبة عبده المؤمن..) ..فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ.. (المائدة : 54 ) عندما تضاف وتنسب صفة من الصفات إلى الله هذه الإضافة تُخَصِّصُ ونفهم منها أن فرح الله ليس كفرحنا وأن غضب الله ليس كغضبنا.الغضب الذي فسرناه بغليان دم القلب الفرح والمحبة هذه الصفات التي فسرناها بالانفعالات هي صفاتنا أما صفة الله لا تستطيع أن تحددها نقول للأشاعرة لا فرق عقلا ومنطقا قبل الشرع بين الإرادة وبين المحبة ، الكلام في المحبة ، في الرضا ، في الغضب في الفرح كالكلام في القدرة والإرادة والسمع والبصر والعلم وغير ذلك من الصفات التي أثبتموها ، لا فرق بين ما أثبتم وبين ما نفيتم ؛ ولكنكم بالغتم هنا في الخمسين عقيدة ، ما الدليل على أنه يجب على مكلف أن يعرف خمسين عقيدة بادلتها بحيث إذا كان لا يعرفها أو عرفها بغير أدلة أنه ليس بمؤمن؟؟؟ بمعنى هذا هو الحكم على سواد المسلمين بأنهم كفار لأن سواد المسلمين جمهور المسلمين لا يعرفون هذه العقيدة الخمسين.إذن المؤمنون عند الأشاعرة مجموعة من طلبة العلم الذين درسوا هذا المنهج فحفظوا السنوسية بأدلتها أو جوهرة التوحيد أو ما في معنى ذلك من المتون التي تجمع هذه الصفات وتذكر الأدلة العقلية هؤلاء هم المؤمنون فقط في نظر الأشاعرة ، هذا خطأ ، قول على الله بغير علم إذن إذا أردنا أن نطبق هذا الأصل على الأشاعرة نجدهم أخطئوا عدة مرات:المرة الأولى التفريق بين ما جمع الله ، الله جمع في كتابه ووصف نفسه مثلاً بالمحبة والرضا والغضب وبالإرادة فَعَّال لما يريد وأنتم فرقتم بين هذه الصفات فقلتم الإرادة كما يليق بالله والقدرة والسمع والبصر ما الذي فرق بين هذه الصفات وتلك التي أوجبتم تأويلها؟؟ اعتقد أنهم لا جواب لهم إلا التقليد هكذا قرأنا في السنوسية وحواشيها ، هكذا قرأنا في تحفة المريد هكذا ، قال الشيخ وهل تكفي مثل هذه الإجابة في باب العقيدة؟؟ (لا..) في باب الفروع لو توضأ إنسان وضوءا على خلاف السنة فقيل له لماذا؟ قال هكذا نقلنا من مشايخنا وهل يجوز منه هذا الجواب؟؟ (لا..) لا يجوز في باب الوضوء لا يُغْنِي ، في القصر ، في التيمم في أي باب من أبواب الفقه لا يغني جوابك هذا عقلا ومنطقا إلا بالنسبة لمن يريد إن يضيع عقله ويكون إمعة إن أحسن الناس أحسن معهم وإن أساؤوا أساء ، هذا إن كان الْمُبْتَلَى بِهذا الموقف بعض الطلاب ، طلاب العلم في الفروع ويُتَسَامَحَ معهم ، فلا ينبغي أن يتسامح معهم في باب العقيدة بل يجب أن يُصَارحوا ويُنْصحوا لأن هذا الموقف الأشعري موقف متناقض وتنافى مع الإيمان الصحيح.فيجب أن ننبه على بعض الصفات التي تصرفوا فيها مثل هذا التصرف أشرنا على بعض الصفات الفعلية التي أوجبوا تأويلها وسموها انفعالات ولا يجوز الوصف بها ما لَمْ تُؤَوَّلْ ضربنا الأمثلة لذلك في المحبة والرضا والغضب والفرح وما في معناه .وهناك طامة كبرى وهي صفة الكلام عند الأشاعرة ، الأشاعرة عندما عددوا صفات المعني السبع عددوا منها صفة الكلام والإنسان الذي يأخذ ظاهر كلامه قبل أن يدخل معهم في التفاصيل قد يظن بأن الأشاعرة يثبتون صفة الكلام كما يليق بالله تعالى ولعل صغار الطلبة لا يزالون يعتقدون هذا الاعتقاد وليس الأمر كذلك ، "الكلام" والناس افترقت في صفة الكلام واختلفت اختلافا كثيرا ولعل اختلاف أهل الكلام في صفة الكلام ذلك الاختلاف الكثير الكبير ولعل هذا هو السر في تسمية هذا العلم بعلم الكلام ، لا نخوض في التفاصيل عند غير الأشاعرة ، إنما نأخذ موقف أهل السنة وموقف الأشاعرة في هذه الصفة لخطورتها ، الأشاعرة يصرحون فيقولون الله موصوف بصفة الكلام فيجب أن نؤمن بأن الله متكلم وأن له صفة اسمها صفة الكلام ، كلام طيب ، صفوا لنا هذا الكلام ما هو؟؟!! وهل هذا القرآن الذي نقرأ ونستدل به وتحفظه ونكتبه هل هو كلام الله ؟؟ قالوا (لا..) كلام الله شيء آخر ، القرآن عند الأشاعرة ليس بكلام الله حقيقة وإنما يطلق عليه أنه كلام الله مجازا لماذا؟ لأنه إما دال على كلام الله الحقيقي أو عبارة عنه أو ترجمة له أما هو فمخلوق هذا الذي نعني غير هذا كلام (..) الا وهو الكلام النفسي الذي ليس بحرف ولا صوت أما وصف الله بأنه يتكلم بكلام له حرف وصوت مستحيل لا يليق بالله ، الأشعري عندما يستدل بالآية ألا يقول قال الله تعالى ثم يذكر الآية؟؟ إذن ما معنى كلامك عندما تريد أن تستدل بآية قرآنية فتقول قال الله تعالى: إذا جاء نصر الله يقول (لا.. ) لا ينبغي أن نصرح في كل مقام بأن هذا القرآن مخلوق ولكن هذا سر بين الشيخ وبين التلاميذ يهمس بآذانهم فيقول اعلموا بأن هذا القرآن مخلوق ولكن لا يقال في كل مقام لئلا يُسْتَخَفَّ به لماذا؟؟ لأنه يجب احترامه لا احتراما ذاتيا ولكن لكونه دليلا على كلام الله الحقيقي النفسي أو لكونه عبارة عنه أو لكونه ترجمة له ، فكلام الله النفسي الحقيقي لو كُشِفَ عنا الحجاب لفهمنا منه مِنَ الأحكام كالتحليل والتحريم والنهي والأمر كما نفهم من هذا الكلام اللفظي المجازي الذي يدل على كلام الله ، تكون اتفاقية سرية بين الشيخ وبين التلاميذ لكن أمام الجمهور يقولون قال الله تعالى فيتلوا الآية فيقول للناس القرآن كلام الله ، موقفان موقف سري وموقف علني الموقف السري الذي بين الشيخ وبين التلاميذ هي الحقيقة وهو الصحيح لكن الموقف الآخر إنما هي دبلوماسية لئلا يُمَس هذا الكلام الدال على كلام الله تعالى وإلا هو ليس بكلام الله .هذه حقيقة الأشاعرة في كتب الكلام ما الفرق إذن بين الأشاعرة وبين المعتزلة في صفة الكلام؟؟ خُلْقٌ لفظي غير حقيقي كلهم يتفقون على أن هذا القرآن الذي نقرأه ونحفظه ونكتبه مخلوق وليس بكلام الله ، تتفق الأشاعرة مع المعتزلة على هذا بل موقف الأشاعرة أخطر لأن موقف المعتزلة واضح ، هؤلاء جعلوا من المبررات بأنه ليس بكلام الله أنه يُكتب وأنه يُقرأ وأنه يُسمع الله وصف كلامه بهذه الصفات واخبر انه كلام الله قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي .. (الكهف : 109 ) هذه الآية تدل على أن كلام الله كلمات تكتب بالأقلام ويقول الله تعالى لنبيهوَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ .. (التوبة : 6 ) إذن كلام الله يُقرأ وكلام الله يُسمع مِنَ التالي ، عندما نسمع كلام الله من التالي لكلام الله ، الصوت صوت التالي "القارئ" ؛ ولكن المسموع المقروء كلام الله هذا الذي عليه أهل السنة والجماعة ، الأشاعرة جعلوا الكلام كونه الكلام يُكتب فيُحفظ فيقرأ فيسمع جعلوا هذا علامة على أنه ليس بكلام الله تناقضوا مع كتاب الله نقول لهم الكلام في بعض الصفات كالكلام في البعض الآخر طالما أثبتم الصفات الأخرى على ما يليق بالله تعالى غير الكلام أما الكلام فقد عرفنا موقفكم وسِرَّكُم إن الكلام الذي أثبتموه ليس هو هذا ولكنه كلام النفس ، ما في النفس عند الحقيقة لا يسمى كلام بل يسمى حديث النفس لأن الله لا يؤاخذ الإنسان بما حدثتْ به نفسه حتى يتكلم هكذا في الحديث ، طالما الحديث يتردد في نفس الإنسان يقال له حديث النفس لا يقال له كلام ، بم استدلت الأشاعرة على أن الكلام هو ما في النفسِ وليس هذا الكلام المقروء ؟؟ استدلوا بكلام شاعر نصراني ، أهل الكلام يختلفون في ثبوت هذا البيت منه الأخطل النصراني :إنَّ الكَلَامَ لَفِي الفُؤادِ وَإِنَّمَا جُعِلَ الْلِسَانُ عَلَى الفُؤادِ دَلِيلَاً( )الأشاعرة لم يجدوا في كتاب الله ولا في سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام ما يستدلون به على صفة الكلام إلا بيت شعرٍ ينسب للأخطل النصراني ويشكون في ثبوته ويقول بعضهم ليس له وجود في ديوان الأخطل هذا البيت ، بينما القاعدة عندهم الأدلة اللفظية من الكتاب والسنة أدلة ظنية لا يُسْتَدَلُ بها على استقلال في باب العقيدة حتى يشهد له الدليل العقلي ، إذا كنتم ترون لا يستدل بالكتاب والسنة لكون الأدلة أدلة أي الكتاب والسنة أدلة لفظية ظنية كيف كان لكم أن تستدلوا ببيت لم يصل إلى حد التواتر بل لم يثبت من الأخطل نفسه فهو نصراني غير مسلم ، تركتم كتاب الله وسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام وذهبتم لتستدلوا بكلام نصراني ثم الكلام نفسه يختلف علماء اللغة في ثبوت هذا البيت منه وعلى فرض ثبوته كيف ساغ لكم أن تستدلوا بهذا البيت فهو لم يثبت ثبوت التواتر "خطأٌ في خطأٌ".القاعدة أن كل من أعرض عن الوحي لابد أن يتناقض هذه قاعدة أساسية مُسَلَّمٌ بها ، "ومَنْ جَرَّب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي" هكذا يقول والد إمام الحرمين لعلكم تعرفون عنه شيء ، ذلك الإمام الجليل الذي مَنَّ الله عليه في آخر حياته بعد أن خاض في علم الكلام فرجع إلى منهج السلف فألف رسالة مستقلة في الفوقية والعلو والاستواء وصفة الكلام إثبات الحرف والصوت والرسالة مطبوعة موجودة ضمن مجموعة المتون المنيرية في الجزء الأول ، لستُ أدري هل هي الرسالة الثامنة أم لا ، أدعو طلاب العلم إلى قراءة هذه الرسالة لا أدعوكم إلى قراءة كتب ابن القيم أو ابن تيمية أو غيرهما من الأئمة المعروفين الذين كتبهم المنتشرة لأن بعض الناس في نفوسهم تردد حول هؤلاء الأئمة ؛ لكن الإمام والد إمام الحرمين خصوصا عند الشافعية هو الْعَلَمُ الذي لا يحتاج إلى ترجمة وولده حاول كمحاولة والده لكنه لم يصل إلى حيث وصل والده إمام الحرمين نفسه أبو المعالي اقرؤوا رسالته النظامية الذي أثنى على مذهب السلف وارتضاه إلا انه عند التحقيق لم يبلغ مبلغ والده بل بقي مترددا متأرجحا ، أما والد إمام الحرمين أبا عبد الله ينبغي أن تقرؤوا رسالته في المجموعة كما قلت لكم ليتضح لكم المقام ولتأخذوا هذه المسألة أَمَّنْ تثقون فيه الذين تركهم خلفه لم يتصوروا في نصوص الصفات إلا كما يتصورون في المخلوق لذلك أوجبوا التأويل ، أما هو فقد مَنَّ الله عليه فوصل إلى اليقين وترك ما كان عليه وألف تلك الرسالة اللطيفة فسماها نصيحة أيْ نصيحة لمشايخه وإخوانه وتلامذته هذا ما يتعلق بصفة الكلام ، الصحيح الذي يدل عليه الكتاب والسنة والفطرة السليمة أن الله يتكلم إذا شاء ومتى شاء وكيف شاء ، كلم بعض رسله وخاطب نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء والمعراج لا خلاف في أن الله كلمه وخاطبه عندما أوجب عليه الصلوات وإنما يختلفون في الرؤية فقط لم يختلفوا في أن الله كلمه وخاطبه وسيتكلم الرب سبحانه وتعالى يوم القيامة ويخاطب عباده عندما يأتي لفصل القضاء.فصفة المجيء يوم القيامة لفصل القضاء من الصفات التي أولتها الأشاعرة وأوجبوا تأويلها "انتبهوا مرة أخرى" المجيء يوم القيامة لفصل القضاء وصفة النزول من ضمن الصفات التي أولتها الأشاعرة وأوجبوا تأويل ذلك فصفة الكلام إنما كررنا فيها القول لما سمعتم من اضطراب القوم في هذه الصفة .والصفة الثانية التي كثر فيها اضطراب الأشاعرة وخالفوا فيها نص الكتاب والسنة وسلف هذه الأمة صفة الاستواء والعلو فنحن نفرق بين العلو وبين الاستواء ، العلو صفة ذاتية بمعنى أن الله سبحانه وتعالى لم يزل في علوه فهو الأول الذي ليس قبله شيء وهو في علوه ولا يزال في علوه فنزوله فقربه فمجيئه لا ينافي علوه لأن علوه كما يليق بالله .أما صفة الاستواء فصفة فعل كما أن المجيء صفة فعل والنزول صفة فعل كذلك الاستواء على العرش صفة فعل أما تلك فصفة الذات العلو ، بالغت الأشاعرة في نفي هذه الصفة حتى بالغوا أكثر من المعتزلة فلحقوا بالجهمية ، الجهمية هم الغلاة ، الأشاعرة في صفة العلو والاستواء والفوقية هم جهمية محضة لماذا؟ لأننا قرأنا ولعل فيكم من قرأ معنا في العقيدة السنوسية التي لا ينبغي لطالب علم عندهم أن يتركها بلا حفظ بل ينبغي أن يحفظها ، العقيدة السنوية يقول مؤلفها "ليس الله فوق العرش ولا تحت العرش ولا على يمين العرش ولا على شمال العرش" أين الله عند الأشاعرة؟؟ إما أنه ليس بموجود أو انه موجود في كل مكان ، جهمية محضة دخلت على الأشاعرة.الأشاعرة يحرمون الإشارة الحسية إلى السماء هكذا ويصرح بعضهم من أشار إلى العلو واعتقد بأن الله في العلو يكفر ومن أشار بدون اعتقاد جريا على العادة يفسق ولا يكفر لكن أظن كلكم تحفظون لأن كلكم طلاب بحمد الله تحفظون خطبة رسول الله عليه الصلاة والسلام في خطبة الوداع وما قال فيها عندما سأل الصحابة أنتم مسئولون عندي يوم القيامة فماذا أنتم قائلون؟؟"أو كما قال عليه الصلاة والسلام" قالوا نشهد بأنك قد بلغت وأديت ثم قال عليه الصلاة والسلام : اللهم اشهد.. اللهم اشهد.. يرفع إصبعه إلى الذي فوقه وفوق كل شيء وهو الله فيشهده عليهم على الحجاج على الصحابة على أنه بلغهم ، وإذا جاء في وقت متأخر بعض من تأثر بعلم الكلام وهو لا يعرف من السنة شيئا أو لا يؤمن بها فقال لا تجوز الإشارة الحسية إلى السماء ومن أشار بالإشارة الحسية إلى السماء معتقدا بأنه في العلو فهو كافر هل معنى هذا أليس هذا القائل حكم على رسول الله عليه الصلاة والسلام بالكفر وهل هناك كلام أشنع من هذا وعقيدة أضل من هذه العقيدة؟؟ (لا..) .هنا يَرِدُ سؤال ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في غير موضع بمؤلفاته بأن الأشاعرة أقرب طوائف علماء الكلام إلى الحق أو إلى منهج السلف ما معنى هذا؟؟؟ ومن كانت هذه عقيدتهم في صفة الكلام وفي صفة العلو كيف يكون أقرب إلى منهج السلف والى الحق من غيرهم؟؟؟!! الجواب:المسألة نسبية ، شيخ الإسلام نظر إليهم في باب الاعتقاد بصفة عامة لا في باب الأسماء والصفات فقط بمعنى أن هناك من لا يؤمن بنصوص المعاد يئولون نصوص المعاد كالباطنية ومنهم من لا يثبت ولو صفة واحدة من صفات الرب كغلاة الجهمية إذا قارنا بين الأشاعرة وبين الباطنية وبين الجهمية وجدنا أن الأشاعرة يثبتون كثيرا من الصفات ، بالمناسبة القول بأن الأشاعرة لا يثبتون إلا سبع صفات كلام غير محرر بل يثبتون أكثر من سبع ، إذن بالنسبة للباطنية والجهمية بل والمعتزلة الذين ينفون جميع الصفات نقول نسبيا هؤلاء أقرب لكن بالنسبة لمفردات الصفات بعض الصفات كصفة الكلام وصفة العلو فهم كغيرهم أبعد من السنة وأبعد من الحق وليسوا قريبين من الحق في هذه الصفات .وبعد،،،الكلام عن بعض الصفات كالكلام في البعض الآخرومن يفرق بين الصفات وهي ثابتة بالكتاب والسنة يعتبر ذلك خروجا على الكتاب والسنة وعدم احترام النصوص وعدم احترام وتقدير مَنْ نزَّل النصوص حق قدره وفي ذلك تلبيس للعقول حتى تجاوزت العقول حدودها فالعقول مُعْتَبَرة وهي التي بها التكليف لا يستهان بالعقول وبالأدلة العقلية إلا أن للعقول حد يجب أنْ لا تتجاوز العقول حدها ، أما إذا تجاوزت العقول حدها وخرجت على النصوص واعتُبرت النصوص فضلة ليست عمدة بل العمدة الأدلة العقلية هذا هو الضلال المبين هذا هو ما يؤخذ على الأشاعرة ..قبل أن انتقل إلى الأصل الثاني لنناقض على ضوئه المعتزلة إن كان لدى أحد منكم أسئلة مدونة كما اتفقنا في الدرس السابق فلتأتِ الأسئلة إن وسع الوقت اجبنا عليها وإلا سوف نجيب عليها في المحاضرة القادمة .[سائل يسأل عن موعد اختبار من الاختبارات التي في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية]على كلٍّ الناحية الإدارية نحن لسنا مسئولون عنها هنا كَوْن الاختبار قريب أو بعيد،،إنما نحن إذا حضرنا علينا أن نتكلم وإذا سئلنا علينا أن نجيب أما كون الاختبار قريب أو بعيد هذا له بحث آخر مع الإداريين فنحن هنا طلاب علم لسنا بإداريين وصلى الله وسلم وبارك على خير خلقه وعلى اله وصحبه .