من سوء الجوار أنك ترى جار السوء تراك عينه وترقبك ، ويرعاك قلبه ويتبعك ، إن رأى خيراً دفنه ، وإن رأى شرّاً أذاعه ونشره ، يؤذيك ويذمك ويغتابك .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَارِ السَّوْءِ فِي دَارِ الْمُقَامِ _ الإقامة _ فَإِنَّ جَارَ الْبَادِيَةِ يَتَحَوَّلُ عَنْكَ " [ رواه النسائي وقال الألباني : حسن صحيح انظر الصحيحة 1443، ورواه ابن حبان وقال شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن ] .
قال لقمان لابنه : يا بني قد حملت الحجارة والحديد والحمل الثقيل ، فلم أجد شيئاً قط أثقل من جار السوء .
وجار السوء يشمل : جارك في العمارة والحي والدار ، والزوجة والزوج ، والخادم والصديق الملازم ، وزميل العمل ، وشريك التجارة ، وينبغي تجنب جار السوء والتباعد عنه بالانتقال عنه إن وجد لذلك سبيلاً ، وبمفارقة الزوجة ، وبيع الخادم .
جار السوء : هو الشر الدائم ، والأذى الملازم ، أما جار البادية فإنه يتحول، لأن مدته قصيرة يتبع الماء والكلأ ثم ما يلبث أن يتحول عنك ، ويمكن تحمله فلا يعظم الضرر به كثيراً ، وفي رواية الطبراني : " جار السوء في دار الإقامة قاصمة الظهر " ، وقد ينزل بسببه البلاء فيعم الصالح والطالح .
كان العرب في الجاهلية والإسلام يتفاخرون بحسن الجوار ، وعلى قدر الجار يكون ثمن الدار .
روى المدائني : أنه باع جار لفيروز داره بأربعة آلاف درهم فجيء بها فقال البائع : هذا ثمن داري فأين ثمن جاري ؟ قال : ولجارك ثمن ؟! قال : لا أنقصه واللَّه عن أربعة آلاف درهم ، فبلغ ذلك فيروز فأرسل إليه بثمانية آلاف درهم وقال : هذا ثمن دارك وجارك والزم دارك لا تبعها .
والإسلام يأمر بحسن المجاورة ولو مع الكفار ، وشر الناس من تركه الناس اتقاء شره . وتباعد عنه من يعرفه تجنباً لضره .
وأخبث الجيران من يتتبع العثرات ، ويتطلع إلى العورات في سره وجهره ، وليس بمأمون على دين ولا نفس ولا أهل ولا مال ، قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت " [ متفق عليه ] ، وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " المؤمن من أمنه الناس ، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، والمهاجر من هجر السوء ، والذي نفسي بيده لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه " .
للامانة منقول