أخلاقيات القضاء - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > منتدى الحقوق و الاستشارات القانونية > قسم خاص بالقضاء

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

أخلاقيات القضاء

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2013-11-25, 14:07   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
hikari1988
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي أخلاقيات القضاء

بسم الله الرحمن الرحيم

ندوة الأخلاق الإنسانية الرفيعة
10 – 11 ربيع الأول 1432هـ
14 – 15 فبراير 2011 م



ورقة عمل بعنوان:

أخلاقيات القضاء



إعداد :

الدكتور / عبد الله بن راشد بن عزيز السيابي


m
الحمد لله الذي أمر بالحكم بالعدل ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد :

فإن العدل والحكم بين الناس بالقسط من أهمّ واجبات مَن يلي أمر القضاء قال تعالى : " وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل " ، وقال : " إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ " ، وقال : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ" .

وتطبيق العدالة سبب لجلب الأمن والإستقرار ورغد العيش وحياة سعيدة هادئة آمنة ، تستطيع الأمة أن تقوم بواجباتها ، وأن تسير على نسَق واحد يسوده التعايش السلمي والتكاتف الإجتماعي ، ولذلك يقول أحد العلماء : " إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ، ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة ... وتــــدوم الــــدنيا مع العــــدل والكفر ، ولا تدوم مع الظلم والإسلام " .
وحيث إنّ العدل لا يتحقق إلاّ إذا قام على سدّته مؤهّلون مخلصون مؤتمنون ، فلذا كان
من أهمّ ما يجب أن يتصف به القاضي خشية الله تعالى ومراقبته ، يقول الحسن البصري : " إن الله أخذ على الحكام ثلاثا : ألاَّ يتبعوا الهوى ، وأن يخشوه ولا يخشوا الناس ، وأن لا يشتروا بآيات الله ثمنا قليلا "
. قال الإمام نور الدين السالمي:
وهـــــو وإن كان عظيـــــم الخطر ففضلــــــه أيضا عظيــــــم الخطر
وأنـــــــــه مضلـــّــــــــة الأفهـــــــــــام بــــــل أنـــــــه مــــــــزلة الإقـــــــــدام
مـــــــــــن ذاك قيــــــــل إنه قد ذبحا بغيــــــــر سكين حــــــديثاً وضحا
كنــــــــــاية عــــــــــن شدة الأمر به وقيــــــــــــل بل كنايــــــة عن فضله
وســــــــــاعة يعدل فيهــــــــا الوالي أفضــــــــل مـــــــــن قيــــــــامه ليالى
واستقلال القضاء وبعده عن التأثيرات السياسية والأدبية والإجتماعية يعدّ أمرا مهمّا في كفاءة القاضي على تحقيق العدالة وإحقاق الحقوق ، وهو عين ما نصَّ عليه النظام الأساسي للدولة .
ولا شكَّ أنَّ الأمانة والتعفّف والإبتعاد عن الشبهات والنزاهة هي الأخرى من أهمّ الصفات .
وأن يكون القاضي صادق اللهجة متوقّيا المآثم ، بعيداً عن الريب ، مأمونا في الرضا والغضب ، متصفا بالأناة عند إصدار الحكم ، مساوياً بين الخصوم ، وبهذا تتهّيأ أسباب العدل .
وحيث إنّ هذا البحث يتطرّق إلى أخلاقيّات مهنة القضاء ودراستها جعلته مقسّما إلى مقدّمة وخمسة مطالب وخاتمة :
المطلب الأوّل : الآداب العامة التي يجب أن يتحلّى بها القاضي
المطلب الثاني :آداب تتعلّق بمجلس القاضي ومسكنه
المطلب الثالث :آداب تتعلق بسيرة القاضي مع الخصوم
المطلب الرابع :آداب تتعلَّق بسيرة القاضي في الأحكام
المطلب الخامس : عقود وعهود من التراث الإسلامي





والله وليّ التوفيق
د. عبد الله بن راشد بن عزيز السيابي
التــــــاريخ : 2/ربيع الأول/1432هـ
الموافــــــــق : 6/فبــــــراير/2011م



المطلب الأوّل :الآداب العامة التي يجب أن يتحلّى بها القاضي

ينبغي للقاضي أن يلتزم بآداب معيّنة تقتضيها مصلحة القضاء ، وتستدعيها رسالة العدل ، وتستوجبها المكانة العظيمة التي يرقى إلى منصَّتها شخص تحمَّل الفصل بين الخصوم ، وحمل أمانة إيصال الحقوق إلى أصحابها ، فبقدر ما يكون القاضي من الإلتزام والاستقامـة وحسن السيـرة وجميل السلوك يكون له من الثقة والقبول عند الناس.

قال صاحب معين الحكام : " واعلم على أنه يجب على من ولي القضاء أن يعالج نفسه على آداب الشرع وحفظ المروءة وعلوّ الهمة ، ويتوقّى ما يشينه في دينه ومروءته وعقله ، أو يحطه في منصبه وهمته ، فإنه أهل لأن ينظر إليه ويقتدى به ، وليس يسعه في ذلك ما يسع غيره ، فالعيون إليه مصروفة ، ونفوس الخاصة على الإقتداء بهديه موقوفة ، ولا ينبغي له بعد الحصول في هذا المنصب سواء وصل إليه برغبته فيه وطرح نفسه عليه ، أو امتحن به وعرض عليه ، أن يزهد في طلب الحظ الأخلص والسَنَن الأصلح ، فربما حمله على ذلك استحقار نفسه لكونه ممن لا يستحق المنصب ، أو زهده في أهل عصره ويأسه من استصلاحهم واستبعاد ما يرجو من علاج أمرهم وأمره أيضا لما يراه من عموم الفساد وقلة الالتفات إلى الخير ، فإنه إن لم يسع في استصلاح أهل عصره فقد أسلم نفسه وألقى بيده إلى التهلكة، ويئس من تدارك الله تعالى عباده بالرحمة ، فيلجئه ذلك إلى أن يمشي على ما مشى عليه أهل زمانه ،ولا يبالي بأي شيء وقع فيه لاعتقاده فساد الحال ،وهذا من أشد مصيبة القضاء ،وأدهى من كل ما يتوقع من البلاء ، فليأخذ نفسه بالمجاهدة ويسعى في اكتساب الخير ويطلبه ويستصلح الناس بالرهبة والرغبة ، ويشدّ عليهم في الحق ، فإن الله تعالى بفضله يجعل له في ولايتـه وجميع أمـوره فرجا ومخرجـا ، ولا يجعل حظـه من الولاية المباهاة بالرياسـة وإنفاذ الأوامر والتلذذ بالمطاعم والملابس والمساكن، فيكون ممن خوطب بقوله تعالى ﴿ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وليجتهد أن يكون جميل الهيئة، ظاهر الأبّهة، وقور المشية والجلسة ،حسن النطق والصمت، محترزاً في كلامه من الفضول وما لا حاجة به ، كأنما يعدّ حروفه على نفسه عدّا ، فإن كلامه محفوظ وزلـــــــله في ذلك ملحوظ ، وليقلل عند كلامه الإشارة بيده والالتفات بوجهه ، فإن ذلك من عمل المتكلفين وصنع غير المتأدبين ، وليكن ضحكه تبسّما ، ونظره فراسة وتوسّما ، وإطراقه تفهّما ، وليلزم من السمت الحسن والسكينة والوقار ما يحفظ به مروءته ، فتميل الهمم إليه ، ويكبر في نفوس الخصوم من الجرأة عليه ، من غير تكبّر يظهره ،ولا إعجاب يستشعره ، وكلاهما شيْن في الـدين ، وعيب في أخلاق المؤمنين. ([1])

ولذا كان من أهم أخلاقيّات القاضي :

تقوى اللهU ومراقبته في اتباع أوامره واجتناب نواهيه ، قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ " ، وقال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ" ، وقال تعالى : " وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا " ، فتقوى الله هي الضابط الذي يحكم عمل الإنسان ويحفظه في حدود طاعة الله ورسوله ، وينأى به بعيدا عن الحرام والشبهات ، قال صلى الله وعليه وسلم : " الحلال بيّن والحرام بيّن ، وبينهما مشتبهات لا يعلمهنّ كثير من الناس ، فمن اتقىالشبهات استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه ، ألا وإن لكل ملك حمى ، ألا وإن حمى الله محارمه ، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فســــــــدت فسد الجسد كله ".
الأخذ بالعدل ونفي الظلم.
كان العدل منذ بدء الوعي الإنساني ، وما زال هدفاً سامياً للإنسان ، أيّاً كانت توجهاته وتطلعاته ، من هنا أيضا جاءت دعوة القرآن الكريم إلى العدل فقال تعالى : " إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ "([2]) ، وقوله : " قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ " ([3])، وقوله : " وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ "([4])وبموازاة ذلك نهى القرآن الكريم عن مقارفة الظلم والإنسياق وراءه تحت أية ذرائع أو مسوّغات ،فلا ينساق المرء وراء هواه فيحيد عن العدل : " فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا "([5])وأن لاتكون الروابط الاجتماعية مهما بلغت درجتها سبباً لمجافاة العدل : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ"([6])كما لا تكون الخصومة سبباً للــــوقوع في الظلم : " ولا يجرمنّكم شنآن قوم على ألّا تعدلواإعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله " ([7])، ومن وقـــــع في ظلم النـــــــاس في معامــــــلاته أو أحكامـــــــه أو أيّ شكـــــل من أشكال التجـــــاوز والاعتداء على حقوق الآخرين فليس له عند الله نصير : " وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ "([8]) .
وفي الحديث القدسي يقول الله تعالى : " يا عبادي إني حرّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرّماً فلا تظالموا " ([9])فضلاً عن قول الرسول r : " اتقوا الظلم ، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة " ([10])، وقوله : " اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب " ([11]) وبناء على عواقب الظلم الوخيمة فإن الرسول r نبه أمته على ضرورة التحلل من الظلم قبل فوات الأوان : " من كانت عنده مظلمة لأخيه ، فليتحلل منها ، فإنه ليس ثمَّ دينار ولا درهم من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته ، فإن لم يكن له حسنات ، أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه " ([12]) .


العلم والمعرفة : يعد تحصيل العلم والمعرفة ركنا رئيسا في بناء شخصية القاضي ، قال تعالى : " وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (122) سورة التوبة " ، ولقد نقل الحسن البصري عن الصحابة رضوان الله عليهم قولهم : " من عمل بغير علم كان ما يفسده أكثر مما يصلحه ".([13])
ويقول الحسن أيضا " لا يزال العبد بخير ما علم الذي يفسد على عمله ".
فبالعلم يعرف المرء الحلال من الحرام ويعرف الشبهات فيكون على بينة من أمره ، بل إنّكثيرا من العلماء شددوا في هذه المسألة حتى قالوا : إنه يشترط أن يكون القاضي بلغ درجة الإجتهاد .

والاجتهاد كما عرّفه الوارجلانيهو " استفراغ الوسع في طلب علم الحادثة "([14])، وقال العوتبي في تعريفه : " الاجتهاد بذل المجهود في طلب حكم الحادثة "([15]) ، ومن النصوص الضابطة لشروطه ما قاله الوارجلاني : " إن الذي يجوز له الرأي والإجتهاد في النوازل ، من كان عارفا بوضع الأدلة مواضعها من جهة العقل والشرع والتوقيف فيها ، ويكون عالما بأصول الديانات وأصول الفقه ، وعالما بأحكام الخطاب في فنون الشريعة من العموم والخصوص ، والأوامر والنواهي ، والمفسّر والمحمل ، والمنصوص والمنسوخ ، ويعلم من النحو واللغة وما يفهم به معاني الكلام ، كلام العرب ، فإنه يحتاجهما للقرآن والسنة والآثار ، ويحتاج في السنة والآثار إلى طريقهما ، فإنه لا غنى للسنة والآثار عن تصحيح طرقهما ، وعوفينا في القرآن من ذلك ، لأن الله تعالى تولّى حفظه ، وأجمعت الأمة على متنه ، فإن حرم المجتهد شيئاً من هذه الشروط كان راوية لا عارفا ، ومتفقهـا لا فقيها ، ويكـون صحيح الأمـانة ، مأمـون الخيانة ، سليم الديانة "([16]).
وقد اختصر الغزالي ([17]) شروط الإجتهاد كلها في اثنين:








 


رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
أخلاقيات, القضاء


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 04:21

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc