“الخبر”.. شاهد على الغش في السوق
لعبة القط والفأر بين التجار والمفتشين في رمضان
تتحول الأسواق في رمضان إلى ميدان للعبة القط والفأر بين التجار وفرق قمع الغش لمراقبة السلع والأسعار، فالتجار يبتكرون الحيل في رمضان مستغلين دوخة الزبون، لكن المفتشين هضموا جيدا هذا السيناريو. "الخبر” كانت لها خرجة ميدانية فجائية إلى الأسواق، ووقفت عند أهم التجاوزات التي يرتكبها التجار في رمضان.
"أقسم بالله يا سي العياشي أني لم أخف أي شيء في المبرد”، هي عبارة رددها أحد بائعي اللحم المجمد بسوق علي ملاح لبيع الخضر والفواكه بساحة أول ماي في العاصمة، بمجرد دخولنا المحل رفقة مفتش قمع الغش بمديرية التجارة بالعاصمة دهار العياشي، وأعوان تابعين لمفتشية المراقبة للدائرة الإدارية لسيدي امحمد، حينها لم نكن ندري عن أي شيء كان يتحدث هذا الجزار إلا عندما لمحنا العياشي يفتش المحل تفتيشا دقيقا، ليخرج من المبرد كيسين من اللحم المفروم المجمد، إلا أن صاحبه وبعد مواجهته بالأمر ثار غاضبا ليرد قائلا: “كل الجزارين يبيعون اللحم المجمد مفروما، انأ شخصيا آكله وعائلتي في رمضان ونحن بصحة جيدة، اللحم المفروم مصدر رزقي، فهل سأبيع الزطلة”. يحاول المفتش امتصاص غضب المعني، وهو يشرح له أضرار بيع اللحم المفروم للمستهلك، قبل أن يطلب من أحد الأعوان المرافقين له أن يحرر محضرا للتاجر.
وعند خروجنا من المحل، شدت انتباهنا حركة غير عادية للتجار، لتخبرنا إحدى المفتشات أن بعضهم يحرص على الاتصال هاتفيا بزملائه في المحلات المجاورة ليخبرهم بوجودنا لتدارك أي مخالفة قد يقعون فيها. غير أنه من سوء حظ الشاب هيثم، صاحب محل لبيع السمك المجمد، لم يكن له الوقت الكافي لتدارك الوضع، حيث عثر المفتش العياشي على كيس أسود للزبالة يحمل بقايا الدجاج، سأله عن وجهة هذه البقايا فرد قائلا “الكيس ليس لي وإنما لجاري بائع الدجاج الذي أطفأ المبرد وأغلق المحل وطلب مني وضع هذا الكيس الذي لم أكن أدري ما بداخله”، وهنا يقاطعه أحد المفتشين متسائلا: “هل بقايا الدجاج موجهة للاستهلاك”، فقال: “نعم، يتم بيعها للشناوة”، وهنا صرخ في وجهه المفتش العياشي قائلا: “ولكن الصينيين بشر أليس كذلك؟”.
ومن محلات بيع اللحوم إلى آخر لبيع الدجاج، المخالفة المسجلة بهذا المحل كانت نقص النظافة واستعمال النشارة في تنظيف بلاط المحل، مع خفض درجة حرارة المبرد، فالحرارة بلغت 24 بالمائة، عوض 4 إلى 6 بالمائة المعمول بها في حفظ اللحوم، وهنا واجهت المفتشة صاحب المحل بما هو مدوّن على الترمومتر، فارتبك قبل أن يرد قائلا: ‘’أظن أن درجة الحرارة تغيرت بسبب فتح باب الثلاجة من أجل وضع البضاعة”. وبلغة الأرقام، نجد أن التجار ارتكبوا الكثير من التجاوزات قبيل رمضان، حيث سجلت مصلحة قمع الغش لولاية الجزائر 1309 مخالفة خلال الشهر الماضي من بين 15462 تدخل لأعوان الرقابة على مستوى محلات وأسواق العاصمة، وبلغت القيمة المالية للمحجوزات أكثر من 3 ملايين دينار، بينما تم تحرير 14 محضرا ضد تجار تجاوزوا الأسعار المقننة.
أكثر من 12 ألف مفتش
من جهته، أكد مدير التجارة لولاية الجزائر، بوراس ميمون، في تصريح لـ«الخبر”، أنه تم اتخاذ إجراءات صارمة ضد التجار الذين يرتكبون مخالفات، حيث تم وضع أكثر من 12 ألف مفتش في رمضان، وفي حال تسجيل أي مخالفة تتمثل العقوبة في غرامة نافذة قد تصل إلى 10 ملايين دينار، مع حجز السلعة وغلق المحل وتحويل الملف على العدالة.
وأرجع محدثنا ارتفاع الأسعار عشية رمضان إلى زيادة الطلب على العرض، حيث يتهافت الجزائريون على المنتجات لادخارها خوفا من نفادها من الأسواق، غير أن الأسعار سرعان ما تستقر خلال اليوم الثالث أو الرابع من الشهر الكريم.