الإسلام والسياسة - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الأخبار و الشؤون السياسية > قسم الأخبار الوطنية و الأنباء الدولية > أخبار عربية و متفرقات دولية

أخبار عربية و متفرقات دولية يخص مختلف الأخبار العربية و العالمية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الإسلام والسياسة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2013-07-05, 20:59   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
باحث جامعي
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية باحث جامعي
 

 

 
إحصائية العضو










Hourse الإسلام والسياسة

الإسلام والبرامج السياسيَّة
أ.د. طه جابر العلواني
أن يهتم الدين -أي دين- بسياسة الناس ورعاية شؤونهم أمر طبيعي وبديهي؛ فالدين مهمته في النهاية تزكية نفوس الناس وتعليمهم وتذكيرهم بكرامتهم الإنسانيَّة وعبوديَّتهم لله -جل شأنه- ومساواة كل منهم للآخر في تلك العبودية. فإذا كانت البرامج السياسيَّة تعني العمل على إصلاح شأن الناس وتكريمهم وتحقيق المساواة بينهم ودعوتهم إلى إقامة العدل فيما بينهم وألا ينسى أيٌّ منهم فضل الآخرين عليه وفضله فيهم... فتلك كلها أمور يُعنى الدين بها ويدرجها في إطار مقاصده النبيلة وغاياته الشريفة؛ لكن الدين -أي دين- أعم وأكبر وأوسع وأشمل من أي برنامج سياسيّ مهما يكن أصحابه.
فالبرامج السياسيَّة أمور تفصيليَّة، تُعنى بشؤون يوميَّة عاجلة لها بداية ولها نهاية ولها آليات ووسائل وأدوات يمكن أن يرجع فيها إلى الدين وإلى جلب المصالح ودرء المفاسد التي يغلب أن تكون قضايا عقليَّة تجريبيَّة حياتيَّة قد تتداخل في مرجعياتها القيم والدين والثقافة والضرر والنفع واللذة والألم والصلاح والفساد وما إلى ذلك.
فالعلاقة بين الأديان والبرامج السياسيَّة علاقة العموم والخصوص من وجه أو أوجه. ودمج البرامج السياسيَّة بالأديان أو تقزيم الأديان لاختزالها في برامج سياسيَّة يؤثر في الأديان تأثيرًا سلبيًّا ويؤثر في السياسة تأثيرًا أكثر سلبيَّة. والإسلام بالذات يتعذر على أي برنامج سياسيّ أن يهيمن عليه أو يضعه تحت جناحيه؛ ذلك لأنَّ الإسلام حمله إلينا خاتم النبيين والمرسلين بقرآن هو خاتم الكتب السماويَّة، جعل الله –تعالى- فيه الحاكميَّة وجعلها له، وأودعه شريعة تخفيف ورحمة، ورسم فيه منهاجًا فريدًا معجزًا للتعامل معه، وتعامل مع قضايا الناس بمنهاج لا يتغيَّر ولا يتبدل ولا يعتريه النقص، ولكي يكون الإنسان قادرًا على الاستفادة من ذلك المنهاج في برامج حياته بث قواعده في القرآن كله ومن هذه القواعد: ﴿...وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا(النساء:28)، ﴿إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا(المعارج:19-21)، وخلق وهو يحب العاجلة ويذر الآخرة، إذا مَنَّ الله –تعالى- عليه برزق قال: ﴿... رَبِّي أَكْرَمَنِ(الفجر:15)، وإذا قدر عليه رزقه قال: ﴿...رَبِّي أَهَانَنِ(الفجر:16).
ويبلغ ضعفه أقصاه أحيانًا حين يربط بين رزقه وفشله في الوصول إلى ربه بفقه التدين السليم، فيجعل رزقه موقوفًا على عدم التدين:﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ(الواقعة:82)،ويدرك المنهج القرآني أن هذا الإنسان ضعيف العزم كثير النسيان تبهره الزينة:﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ(آل عمران:14)،لا يحب المكاره ولا يصبر على معاناتها طويلًا، إذا أبى الخيانة بجملته فقد لا يستطيع أن يسيطر على أعضائه وجوارحه التي قد تخون الله وتخونه؛ ولذلك فإن الله -جل شأنه- الذي وضع هذا المنهاج:﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ(غافر:19)، والإنسان سريع النسيان، سريع التنكر للنعمة:﴿قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * قُلِ اللّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ(الأنعام:63-64)،كل ذلك وكثير غيره يعلمه صاحب الشرعة والمنهاج -جل شأنه- :﴿فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ(الأعراف:190).
يكثر الإنسان من ادعاء العقلانيَّة والثناء على نفسه، ونسبتها إلى الموضوعيَّة، وكثيرًا ما يتجاهل ذلك كلّه ويتخلى عنه، ولذلك فإنه -سبحانه وتعالى- قد جعل شريعته قائمة على علمه المطلق بمن خلق:﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ(الملك:14)، وأنعم عليه بأن رخص له بالاجتهاد ليكون أكثر قدرة على رؤية وفهم عدل الشريعة وحكمتها واستقامتها وصدق المنهج وفاعليته، وجعل الاجتهاد فريضة على المؤمنين به، فالاجتهاد عبادة العقول، والجهاد جهاد العقول والأبدان والأنفس والأموال، والاجتهاد حالة عامَّة للأمَّة، تمارسه الأمَّة بجميع مستوياتها، فهو ليس قاصر على نخبة أو أفراد من العباقرة المتفوقين، فالنخبة بعض المكلفين بالاجتهاد، كما أنَّ مستوى اجتهاد النخبة شيء ومستوى اجتهاد العامة شيء آخر، لكن الجميع مطالبون به ومكلفون بممارسته وتحمّل أعبائه حتى قال علماء الأمَّة الراشدون: بوجوب الاجتهاد على كل مؤمن ومؤمنة، قيل: وما بال العوام؟ قالوا: عليهم أن يجتهدوا في اختيار أئمتهم، ومن يرجعون إليهم من أهل الصلاح والتقوى، فيعرفوا أقوالهم من أين أخذوها، وإلى من رجعوا فيها، فإذا اطمأنت قلوبهم إلى سلامة مراجع هؤلاء ومناهجهم في الرجوع إلى كتاب الله ومنهج رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في اتباعه وتطبيقه وتعليم ما فيه من حكمة وعلم، كان لهم –آنذاك- أن يختاروا من أولئك الذين يعلمونهم من هو الأقرب إلى كتاب الله ومنهج رسول -صلى الله عليه وآله وسلم-. وبدون ذلك لا يقبل عمله كما لا يقبل إذا وقع بدون نية، قال صاحب متن الزبد في فقه الشافعية وهو يعالج هذا الأمر:
وكل من بغير علم يعمل أعماله مردودة لا تقبل
وإذا كانت الأعمال بالنيات، فكذلك الأعمال بالمعرفة، فلا بد من صلاح المعرفة وسلامة النية. إن البرامج البشريَّة قد تختزل المعرفة كلها في شعار لا يسمن ولا يغني من جوع، وقد تختزلها في رمز أو صورة أو ما إلى ذلك، وذلك يضيف إلى جهالة الجماهير جهلًا، وإلى عمايتهم سذاجة وسطحيَّة وكل ذلك لا يغني عنهم من الله شيئًا.
وكنا في شبابنا الباكر وقد ابتلي بلدنا بطائفيَّة رعناء كثيرًا ما نسمع قصاصين أو وعاظ أو قراء عزاء إذا سُئلوا عن الفرق بين الشيعة والسنة أجابوا: بأنَّ السني له ذيل ليكون معه حين ينقلب خنزيرًا بعد الموت، والشيعي لا ذيل له؛ لأنَّ حبه لآل البيت يمحو عنه كل خطيئة، وذلك حين يكون جمهور القراء (الروزخونية) في مجلس شيعي، ولو ذهب إلى مجلس سني لعكس الأمر ومنح الذيل للشيعي وجعل السني بلا ذيل وهكذا.
والعامَّة من سائر الشعوب التي تشيع فيها الأميَّة المكشوفة والمقنعة تُقبل على الأمور السهلة وتنخدع بالشعار والعبارة الرنانة، فعوام المسلمين يطرح عليهم شعار (الإسلام هو الحل) وقد يطرح على النصارى (النصرانية هي الحل) كما يطرح على اليهود (الصهونية هي الحل، واليهودية هي الحل)، وقد نسمع في الأوساط الكنفوشيوسية والهندية مثل ذلك.
والله -تبارك وتعالى- يرفض تجهيل عباده، ورسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- بدأ برنامجه لمحو الأميَّة بالاستفادة من أسرى قريش، القادمين من بيئة تجاريَّة لتعليم أصحابه القراءة والكتابة، وكان المفروض أن نجد بابًا في كتب فقهنا تجعل من القراءة والكتابة فريضة شرعيَّة، وكيف لا تكون كذلك و:﴿اقْرَأْ ...(العلق:1)أول كلمة نزلت عليه –صلى الله عليه وآله وسلم- لتخرج الناس من الأميَّة:﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ...(الجمعة:2).
والقراءة والكتابة مما لا ينفذ الواجب المطلق إلا بهما، وهما مقدوران للمكلفين، فكان ينبغي لفقهاء العصر الأموي من التابعين وغيرهم والعصور التي تلت ذلك ألَّا يُخلوا كتب الفقه من باب أو فصل يشرحون به الفريضة الغائبة وهي فريضة القراءة والكتابة، ولو حدث ذلك لاستطاعت هذه الأمَّة أن تكون خير الأمم بوسطيَّتها، ولربما أصبح من المستحيل إزاحتها عن موقعها، ولكن غفلة الصالحين قد أدركتنا، وكذا تقاعس الحاكمين الذين يجدون حكم الشعوب العاميَّة وقيادتها أيسر عليهم من حكم الشعوب المتعلمة القارئة الكاتبة، فزادوهم جهلًا على جهل، وعزلة على عزلة؛ ليستأثروا وليستبدوا.
إنَّ التفريط بالاجتهاد، ومهاجمة العقلانيَّة، وإعلاء شأن اللاعقليَّة التي يعبر البعض عنها بالتعبديَّة جناية على أمَّة قامت على ركني الاجتهاد والجهاد؛ لتستقيم عقولها وقلوبها وتصرفاتها وسلوكها وهي تؤدي مهام الاستخلاف.








 


رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
الإسلام, والسياسة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 13:31

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc