]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته [/][]
طريق الصمود!!*
رأيت فيما يرى النائم أن هاتفًا صاح فينا بصوتٍ هزَّ البلاد وزلزلالعباد، يا خيل الله اركبي.. يا خيل الله اركبي.. حي على الجهاد.
فانطلق آلاف الشباب إلى حيث يأتيهم الصوت، كلهم يقول لبيك.. لبيك، كلنا فدى الإسلام والأوطان والخلان في كل البلاد.
فقال لنا المنادي: جزاكم الله خيرًا عن الدين والوطنوالعِرض، لكن جيشنا له شروط!! فصِحتُ من بين الناس قائلاً: اشترط ما شئت فقد بعناأنفسنا لله، وكل شرط يحقق هذه الصفقة نحققه، فهات ما عندك.
فقال لنا: خمسة مطالب، من فعلها انطلق معي للجهاد وإلارجع!!
فصاح الجميع: هات ما عندك واطلب ما تشاء.
فقال المنادي: لا يصحبنا إلا من حفظ سورتي الأنفال ومحمدلأنهما أناشيد المجاهدين. فنظر بعضنا إلى بعض، ثم قلنا له أكمل... أكمل وأسمعنا ماعندك أولاً.
فقال: لا يتبعنا في معاركنا إلا من صلى الفجر اليوم في الصفالأول، وأدرك تكبيرة الإحرام، فطأطأت رأسي؛ لأنني اليوم بالذات أدركت الإمام فيالتشهد الأخير وقبل التسليم.
ثم صاح المنادي قائلاً: لن ينال شرف الجهاد معنا إلا من يحفظعشرة أحاديث في فضل الجهاد، بسندها ومتنها؛ ليستشعر شرف الجهاد الذي خرج يبيع نفسهلله من خلاله.
فأخذت أسترجع ما أحفظ، فما وجدتني أحفظ إلا حديثًا أوحديثين، إن تذكرت أحدهما كاملاً لا أظنني أتذكر الآخر.
فقال المنادي: بقي شرطان، لا يصحبنا إلا من كتب وصيته وتركهالأهله، لأنه لا وقت عندنا الآن لكتابة الوصايا، فتذكرت أن عليَّ لفلان أموالاً هناولفلان أموالاً هناك، وأحتاج لأيامٍ لأتذكر الديون الأخرى، ناهيك عن أقساط ومستحقاتو.. و.. فصرخ المنادي قاطعا عليَّ تفكيري وشتاتي في الدنيا التي أهلكتني ومزقتني،وقال: الشرط الأخير ألا يصحبنا إلا من كان مثل المجاهد في حياته، فكما سهرالمجاهدون على ثغورهم يحرسون، بات هو مع من كانوا في بيوتهم يصلون، وسهر يقلب أوراقالمصحف كما سهر المجاهدون يقبضون على بنادقهم.
وما إن تلا الرجل شرطه الخامس حتى انسللت من بين الناس قبلأن يتمَّ كلامه حتى لا يفتضح أمري.
وبعد أن ابتعدت خطوات عن الرجل تلفتُّ ورائي فإذا الآلاف علىأثري، كلهم رجعوا إلا عددًا قليلاً وقف مع المنادي، فأشفقت عليه أن يعود ببضع رجالوقد كان معه الآلاف فوقفت وقلت له: يا أخي هل لك أن تتنازل عن شرطين أو ثلاثة؛ حتىلا ترجع خائبًا بلا عد يفرحك أو جيش يؤازرك؟
فابتسم الرجل وقال: لا يا أخي، فمعاركنا اليوم ليست بحاجةإلى أجساد بقدر ما هي بحاجة إلى عبَّاد، وهي معركة قلوب وطهارات، وليست معركة مدافعوآلات.
ثم قال لي: ولم لا تغير أنت من حالك لتلحق بنا؟
قلت وهل تنتظرونني حتى أتغيَّر؟
فقال: القوافل كل يوم تمر، والمعارك مع الباطل لن تنتهي حتىتقوم الساعة، فإن فاتك ركب اليوم، فأدرك ركب الغد، لكن حذار أن يفوتك كل الركبان،ولات حين مندم.
ثم انصرف وهو يقول لمن معه: هيا يا إخوتاه فلمثلكم تتنزلالملائكة، وعن مثلكم يدافع الله عز وجل، وعلى أيدي أمثالكم يأتيالنصر.
أما أنا فنظرت حولي فرثيت لحالي وبكيت، فقال لي أحدهم: لاتراع، غدًا نلحق بهم! فصرخت في وجهه قائلاً: منذ عشرات السنين ولم يأت الغد الذيتتحدث عنه، حتى أوشكت قوافل خيل الله أن تنتهي ولم نحجز لأنفسنا فيها مكانًابعد.
ثم أخرجت حافظة نقودي لأخرج منها ورقةً أكتب عليها وصيتي،!!
-----------