بعد عملية تكتيكية دقيقة، لم يصب خلالها أي مدني، أحكمت وحدات الجيش العربي السوري سيطرتها على أحياء مدينة جسر الشغور بشكل كامل
وذلك بعد أن تمكنت خلال الأيام القليلة الماضية من تأمين وتمشيط جميع المداخل الرئيسية والفرعية للمدينة من المسلحين ومواد التفجير وخاصة جسري نهر العاصي، كما سبق ذلك حملة واسعة شملت تمشيط القرى المجاورة بحثاً عن المجموعات المسلحة، حيث تم القبض على العديد من المسلحين في تلك القرى، وبحضور أكثر من عشرين وسيلة إعلام عربية وأجنبية كشف الجيش عن مقبرة جماعية سبق أن نفذتها العناصر الإرهابية.
وبينت مصادر مطلعة لـ«الوطن» بأن وحدات الجيش دخلت مدينة جسر الشغور من جميع المحاور مركزة على المدخلين الرئيسيين المتجهين غرباً إلى اللاذقية وشرقاً إلى حلب وذلك من أجل فتح الطريق الدولي الذي يربط بين المدينتين ويخترق وسط جسر الشغور، فبعد معركة شرسة دارت نحو ساعتين بين وحدات الجيش والمجموعات المسلحة على المدخل الغربي للمدينة، تمكنت وحدات الجيش من دخول المشفى الوطني وتحريره من المجموعات التي سبق أن احتلته واستولت على سيارات الإسعاف ومنعت المرضى من دخوله، ثم تابعت تقدمها إلى وسط المدينة من عدة محاور دون أن تلقى مقاومة تذكر، حيث اعتمد الجيش الهدوء والحذر من أجل حماية المدينة من أي ضرر محتمل في حال نشوب معركة مع المسلحين، في حين شوهد العديد من أفراد الجماعات المسلحة يهربون باتجاه الحدود التركية والجبال بعد أن سبقتهم عائلاتهم إلى تركيا. من جهتها أفادت وكالة الأنباء السورية «سانا» أن جندياً استشهد وأصيب أربعة آخرون من وحدات الجيش أثناء اشتباكات مع عناصر التنظيمات المسلحة في المدينة.
كما تم الكشف عن مقبرة جماعية ارتكبتها التنظيمات المسلحة بحق عناصر المركز الأمني في جسر الشغور بحضور أكثر من عشرين وسيلة إعلام عربية وأجنبية، وتبين حجم الفظائع التي ارتكبتها التنظيمات الإرهابية بجثث الشهداء التي تم إخراجها من المقبرة الجماعية.
وقالت «سانا» إن أحد أعضاء التنظيمات الإرهابية المسلحة اعترف بارتكاب المجازر وبتنفيذ المقابر الجماعية بحق قوى الشرطة والأمن في جسر الشغور.
وأضافت الوكالة: إنه تم إخراج عشر جثث من المقبرة الجماعية معظمها مقطوعة الرؤوس والأطراف بالسواطير وعليها آثار إطلاق نار في أماكن عدة على الجثث.
هذا ونقل مرسل «الوطن» عن العديد من سكان جسر الشغور والقرى المحيطة بها ارتياحهم وسعادتهم بدخول الجيش وسيطرته على المدينة بعد أن عاثت المجموعات المسلحة بمؤسساتها ودوائرها الرسمية نهباً وتخريباً وقتلت أكثر من 120 رجل أمن في أكبر عملية إجرامية للمجموعات المسلحة، وبينت هذه المصادر أن الجيش قد دخل بشكل آمن إلى جسر الشغور وذلك بعد ضمان تأمين سلامة الطرق المؤدية إليها وخاصة من منطقتي جبل الزاوية ومعرفة النعمان.
من ناحية أخرى، ذكر بعض الأهالي لـ«الوطن» أن أكبر تاجر أسلحة في معرة النعمان، أو ابنه، قتل يوم الجمعة الماضية خلال الأحداث التي شهدتها منطقة المعرة، دون أن يتثنى تأكيد الخبر من مصادر رسمية.
واعتبر الأهالي أن وجود مثل هذا التاجر بين من يقف وراء المجموعات المسلحة التي روعت الأهالي يوضح بشكل قاطع أسباب استهداف المسلحين للقصر العدلي وباقي المنشآت والمؤسسات العامة في المدينة.
ولا يزال الترقب والحذر الشديد يسود عدداً من قرى جبل الزاوية التي يتحصن فيها المسلحون استعداداً للتدخل المحتوم لوحدات الجيش، فمع ورود الأنباء عن سهولة دخول وسيطرة الجيش على مدينة جسر الشغور لوحظ فجأة غياب المجموعات المسلحة عن الحواجز التي نصبوها لقطع الطرقات على المواطنين الذين يرغبون في السفر ونقل وتسويق محاصيلهم الزراعية إلى سوق الهال بمدينة أريحا ومدن داخل المحافظة وخارجها، ما أتاح للفلاحين يوم أمس ولأول مرة منذ أسابيع من نقل محاصيلهم الزراعية وتسويقها، حيث بين بعض تجار مدينة أريحا أن سوق الهال الرئيسي بالمدينة قد عاد إلى نشاطه يوم أمس مع تمكن الفلاحين من قرى جبل الزاوية من تسويق المحاصيل الزراعية وخاصة الكرز المحصول الرئيسي حالياً في المنطقة، في حين يشوب الهدوء الحذر مدينة معرة النعمان وريفها وناحية كفرنبل وذلك بعد يومي الجمعة والسبت الداميين هناك وفشلهم في اقتحام مبنى المتحف الوطني ومستودع الوقود، في حين تشير معلومات عن حصول تشنج لدى العديد من سكان مدينة كفرنبل نتيجة قيام مسلحين من قرى أخرى بحرق مبنيي الناحية والمركز الثقافي اللذين بقيا بحماية بعض الوجهاء والمتنفذين بالمدينة، حيث قام عدد من المواطنين بإنقاذ مدير الناحية ورئيس المخفر من ملاحقة المجموعات المسلحة ونقلهما إلى مكان مجهول.
وسبق أن دخلت وحدات الجيش مدينة أريحا بكل هدوء وطمأنينة، حيث استقبلوا فيها بالورود ونثر الرز من قبل المواطنين الذين قدموا الطعام والضيافة لتلك الوحدات التي أنجزت مهامها بنجاح نتيجة تعاون المواطنين هناك.
وكذلك ذكرت «سانا» أن أهالي قرية الكسير في جسر الشغور نفوا لوسائل الإعلام تعرض الجيش لهم مضيفاً إنهم استقبلوه بالورود والأرز.