امرأةٌ طلَّقها زوجُها من غير أسبابٍ شرعيةٍ مقبولةٍ، وفرضت المحكمة على الزوج مبالغَ ماليةً أثقلت كَاهِلَه بدعوى الطلاق التعسُّفي، فهل للزوجة حقٌّ في هذه الأموال أم لا؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
فإنَّ الطلاق من حقِّ الشرع جعله بيد الرَّجل إن شاء أَمْسَكَ وإن شاء طلَّق، و«الجَوَازُ يُنَافِي الضَّمَانَ» أو التعويض كما هو مقرَّرٌ في القواعد، ولأنَّه على فرض تقدير المسئولية على الزوج في إساءة استعماله حقَّ الطلاق فإنَّما هي مسئوليةٌ دينيةٌ لا تدخل تحت سلطان القضاء، لذلك فليس للمرأة من حقٍّ في أموال زوجها إلاَّ المهر والنفقة الواجبة، وما عدا ذلك فلا يجوز للمرأة المطالبة بالتعويض لكونه مشمولاً بالنهي في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ﴾ [النساء: ٢٩]، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لاَ يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ»(١).
وبناءً عليه فالواجب على المرأة ردُّ الأموال إلى صاحبها، إلاَّ إذا أَذِنَ الرجل بطيب نفسه وتكرُّمٍ، فحينئذٍ تكون حلالاً عليها ومشمولاً بعموم قول الله تعالى: ﴿أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: ٢٢٩].
والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.
الجزائر في: ٢١ رجب ١٤٢٧ﻫ
الموافـق ﻟ: ١٥ أوت ٢٠٠٦م
(١) أخرجه أحمد (٢٠٦٩٥)، والبيهقي (١١٥٤٥)، من حديث أبي حنيفة الرقاشي رضي الله عنه. وصحَّحه الألباني في «صحيح الجامع» (٧٦٦٢)
المصدر : موقع الشيخ فركوس .