الآثار الرومانية في الجزائر.. هل هي فعلا رومانية؟ - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الأنساب ، القبائل و البطون > منتدى القبائل العربية و البربرية

منتدى القبائل العربية و البربرية دردشة حول أنساب، فروع، و مشجرات قبائل المغرب الأقصى، تونس، ليبيا، مصر، موريتانيا و كذا باقي الدول العربية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الآثار الرومانية في الجزائر.. هل هي فعلا رومانية؟

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2023-03-08, 10:14   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
سندباد علي بابا
محظور
 
إحصائية العضو










B11 الآثار الرومانية في الجزائر.. هل هي فعلا رومانية؟

الآثار الرومانية في الجزائر.. هل هي فعلا رومانية؟

عندما نتحرر من النظرة الكولونيالية ومن التاريخ الاستعماري ومنهجيته ومفاهيمه ونطرح السؤال حول ما يسمى الآثار الرومانية في الجزائر سوف نجد أنها في أغلب الأحيان آثار فينيقية - حسب التسمية الرومانية والبيزنطية - وأن أقدمها يرجع إلى القرن 11 قبل الميلاد وهو تاريخ تأسيس مدينة عتيقة بتونس وبعدها قرطاج المدينة الجديدة وباللغة الفينيقية قريت حديث (القرية الحديثة). واستمرت حضارتها إلى ما بعد الفتوحات الإسلامية للمغرب العربي لتغطي فترة زمنية تتجاوز 1500 سنة. ومن الجهة المقابلة لا يمكن الحديث عن الآثار الرومانية والبيزنطية إلا بعد سقوط قرطاج سنة 146 قبل الميلاد بفترة معقولة. إن أغلب المدن الساحلية المعروفة في الجزائروالكثير من المدن الداخلية القديمة مدن فينيقية بأسمائها القديمة وبآثارها وبرواسبها الثقافية والرواسب اللغوية (المعجمية والتركيبية والصوتية) التي قاومت النسيان وهي مستمرة إلى يوم الناس هذا.


سوف ننتبه أيضا إلى أن الوجود الفينيقي في شمال إفريقيا تميز بالتعمير وإنشاء المدن والهجرات الجماعية والنشاط التجاري الدولي والملاحة ونقل التكنولوجيا وتطوير الصنائع على يد قوم كانوا يسمون أنفسهم كنعانيين وكان الرومان يسمونهم فينيقيين. بينما لم يعرف الوجود الروماني في المنطقة هجرات شعبية من سكان البلاد الرومانية بل اقتصر على النشاط التجاري والحكم الإداري الممثل لسلطة أباطرة روما وإقامة بعض من قدماء المحاربين وبعض الأرسطقراطيين مع حاشياتهم. حيث كانت روما في بعض الفترات خاصة عندما تحكم قبضتها على السلطة في المنطقة تمنح بعض أعيانها وخاصة المثيرين للريبة منهم وبغرض إبعاد مطامعهم عن القصر قطع أراض أو مدنا برمتها يحكمونها وتخدمهم. لكن هؤلاء لم يكونوا يأتون إلى الجزائر وبقية الشمال الإفريقي على رأس هجرات شعبية بل كانوا يعولون على أبناء المنطقة يخدمونهم. مما يعني أن الوجود الروماني في الجزائر لم يؤثر على المكونات الديمغرافية للسكان ولم يقض على عمرانهم ولا بقية مكونات ثقافتهم.

على الرغم من ذلك كثيرا ما يسمى التاريخ الفينيقي في الجزائر بعبارة مختزلة ولكنها غير بريئة على الإطلاق هي تاريخ أو آثار ما قبل الرومان. نعم هكذا تعرف آثار ما يزيد على 1000 سنة قبل الميلاد و2000 سنة بعده بآثار ما قبل الرومان. وكأن الرومان هم المحطة المفصلية والأساسية في تاريخنا. بطبيعة الحال واضح جدا أن هذه التسمية موروثة عن تقاليد البحث الأركيولوجي الاستعماري وأنها تقوم على مبدأ المركزية الأوروبية أي المركزية اليونانية الرومانية في الثقافة العالمية. مع العلم أن الحضور الروماني بين 146 قبل الميلاد والفتوحات الإسلامية في نهاية القرن السادس الميلادي لم يكن متصلا في الزمان ولا متجذرا في الديمعرافيا ولا في الثقافة والدليل البسيط على ذلك أننا لم نحفظ من كلامهم في استعمالاتنا اللغوية اليومية أي شيء يذكر. بينما نحفظ ما يقارب 50 من الاستعمال اللغوي الفينيقي في كلامنا العامي إلى اليوم. وقد أشرنا إلى ذلك في مقال سابق على هذه الصفحات.

كان الوجود الروماني إداريا وسياديا مع بعض المعاملات التجارية. لذلك نرجح أنه لم يخلف آثار بالأهمية التي تنسب له. زيادة على أن المدن الأثرية التي تسمى رومانية هي في الأصل مدن فينيقية في أغلب الأحيان وأضيفت إليها لمسات رومانية.
أنا هنا لا أسعى إلى تغيير التاريخ ولا إلى التقليل من قيمة الباحثين في مجال الآثار والمؤرخين الذين ألفوا الاطمئنان إلى المراجع الاستعمارية بل أتمنى أن ينتبه القارئ العام والإعلامي والدارس أيضا إلى خطورة اختزال الماضي الجزائري قبل الإسلامي في الحضور الروماني. واعتبار ما سبق على ذلك من ما قبل التاريخ - الروماني. وإذا كان التاريخ يبدأ مع ظهور الكتابة فليتذكر الباحثون أن دور الفينيقيين كبير وأساسي في اختراع الأبجدية ونشرها في البحر الأبيض المتوسط. بعض المراجع تعتبر الأبجدية الإغريقية مجرد تطوير للأبجدية الفينيقية وكذلك الأبجدية اللاتينية. إن كلمة أبجد في حد ذاتها اسم الأبجدية وكذلك هوز وحطي وكلمن هي كلمات فينيقية ونجدها ترافق الأبجديات الأخرى في العالم إلى اليوم. لينتبه القارئ إلى أن تسلسل الحروف klmn في الأبجديات الأوروبية هو نفسه كلمن الفينيقي. ناهيك عن أبجد الإغريقي وabcd الأوربي الحالي. وحتى أسماء الحروف التي نتداولها اليوم في الأبجدية العربية مثل الالف والباء والميم والنون .. لها معان في الفينيقية ومجموعة الساميات القديمة دون سواها من لغات العالم.


إنه لمن المحزن جدا أن يعتبر الناس الضريح الملكي في تيبازا رومانيا ويسمونه ترجمة عن الفرنسية وعن المؤرخين الفرنسيين ضريح المسيحية في حين يرجع تارخ بنائه إلى فترة كان فيها سكان المنطقة يسمونه قبر الرومية. فكلمة قبر موجودة بهذا المعنى والنطق (ق ب ر) وبالأبجدية الفينيقية وحتى بالأبجدية اللاتينية جهارا نهارا في مئات النقائش الفينيقية في الجزائروحتى في قبرص ومالطا وصقلية وجزر البليار وغاليسيا وإيرلاندا وغيرها. ناهيك عما هو موجود من آثار في فلسطين ولبنان. ومن المحزن أيضا أن تعتبر القطع النقدية القديمة في الجزائر وحتى في المناطق الأوربية المذكورة نقودا رومانية على الرغم من أنها مكتوبة بالأبجدية الفينيقية وتنطق نطقا يشبه العامية المغاربية الحالية. إن بعض تلك النقود وجد قبل أن يتعلم الرومان ركوب البحر بعدة قرون.


لقد تحرج الأثري والمؤرخ الاستعماري من تجاهل الفرق الكبير بين الآثار الرومانية والآثار الفينيقية ولم يسم هذه الأخيرة رومانية بل ما قبل رومانية. غير أن الثقافة العامة السائدة والمكرسة بواسطة قرائن ورموز وممارسات معينة تجعل السردية التاريخية حول الآثار الجزائريةالقديمة متمركزة حول الهوية الرومانية. مما يعني أن الحضارة الرومانية هي الوحيدة التي قامت على هذه الأرض قبل الفتوحات الإسلامية في تعارض صارخ مع الحضارة الإسلامية. وبطبيعة الحال لا يمكن تجريد هذا التعارض من البعد الصليبي الموجود في خلفيته.

بهذه الطريقة يكتبون تاريخنا مشوها ومتناقضا وتابعا لتاريخهم وغير قابل للوجود إلا من خلال مركزيتهم الحضارية. هي إذا النزعة الصليبية نفسها لكن هذه المرة بدون سيوف ولا صهيل خيول. فقط بالتصنيف العلمي للآثار وبتسمية فترات التاريخ وبنقل الآثار من مدنها والسفر بها إلى متاحف أوروبا وأمريكا. بل وبوضع آثار أخرى في مكانها تعطي للأحجار المزروعة في الأرض معنى مغلوطا. مثلا توجد في مدخل المدينة الأثرية تيبازة مجموعة من التوابيت الرومانية تحمل كتابات بالحروف اللاتينية تستقبل الزوار وتؤكد لهم أن هذه المدينة الأثرية رومانية. وفي ميدان المصارعة توضع شواهد قبور مكتوبة بالحروف اللاتينية في غير مكانها للتزيين فقط لكنها في النهاية تؤكد هي الأخرى أن تيبازة مدينة رومانية على الرغم من أن اسمها نفسه فينيقي. وعلى الرغم من أن طبيعتها العمرانية ومعابدها ومسرحها كلها فينيقية أو ما يسمى بالموريطانية.


يجب أن نتصالح مع تاريخنا القديم ونتحرر من النظرة الكولونيالية المشوهة ونلحق جهودنا البحثية والتأريخية بما يبذله الباحثون في تونس؟ وإيطاليا وإسبانيا وغيرها حول هذا التاريخ الفينيقي الذي صنع مجد المتوسط خلال ما يقارب ألف سنة من الزمان وعلم الناس الكتابة والغناء والأناقة والزراعة وركوب البحر وصناعة الأصباغ وكانت لنا فيه الدرجات العليا على عكس الصورة البائسة والهمجية البربرية التي يرسمها الاستعمار عنا. لقد زار أحد قناصلة روما في ذلك الزمان مدينة قرطاج عاصمة الفينيقيين في شمال إفريقيا فدهش لما وجده فيها من رخاء وثراء ونشاط اقتصادي فأرسل إلى إمبراطوره بأن هذه المدينة ستشكل خطرا على روما إذا لم يتم تدميرها. وقال قولته الشهيرة يجب تدمير قرطاج . ثم جاء الاستعمار بعده ليمسحها من تاريخنا. لذلك سوف نتصالح مع تاريخنا عندما نعيد بناء ما شوهه الاستعمار وحطمه.


بقلم: الدكتور جمال بلعربي.








 


رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 00:01

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc