بجسده الذي اكتسى بسمرة كادحي الرياض وبعد أن ثنى «ثوبه» - بشكل بدا معه «السروال القصير» ظاهرا للعيان - كي لا يتسخ، رمى بجسده النحيل تحت إحدى أشجار التفاح في البلد «ولأن وجود أشجار التفاح في الرياض أمر مستحيل، يجب أن يتذكر القارئ أن الإصرار يصنع المعجزات وأن وجود أشجار التفاح تبعا للمناخ أمر نسبي».
وبينما هو يتذكر واجبات الرياضيات، العلوم، نص القراءة الشعري البغيض الذي ألزم بحفظه، قطع تسلسله الفكري تفاحة ما قررت أن بقاءها على غصن الشجرة الضعيف أمر لا يستحق المحاولة، لتهوي بسرعة شديدة على رأسه، ولينتفض بسرعة شديدة - هو الآخر- ممسكا بها بعد سقوطها وبنفس القدر من السرعة كانت الأسئلة تتوالى على رأسه الصغير: «ليش طاحت على تحت؟» وكانت تعرض في خلفية هذا السؤال الجوهري لقطة لأحد أصدقائه الذي يبيت منذ عدة أيام في قسم الكسور في أحد المستشفيات بعد أن هوى من سور المدرسة في الحصة السادسة عندما كان يهم بالهروب، ليسأل مرة أخرى: «ليش طاح طوالي على الأرض؟».
في صباح اليوم التالي جمع أسئلته ليعرضها على مدرس العلوم الذي جاء رده واضحا: «تستهبل علي يا قليل الأدب؟ افتح يدك!». وبينما هو يقلب يديه الصغيرتين على الجزء المعدني من الطاولة لتبريد حرارة «الجلد» بدا عازما أكثر من ذي قبل على السير في طريق نظريته: «ليش ما طاحت التفاحة على فوق؟».
في الغد ذهب بناء على نصائح سمعها في أماكن عدة إلى قسم الفيزياء في إحدى جامعاتنا، وبعد أن أسهب في عرض تساؤلاته على الموظف أجابه الأخير: أنت طالب عندنا؟ ليفهم صاحبنا نيوتن مغزى السؤال وينسحب في إجراء تكتيكي مغادرا المكان. وجهته القادمة كانت مدينة العلوم والتقنية التي كانت رميته الأخيرة، حضر إلى الموظف المختص، قص عليه نظريته، وأنهاها بطرح سؤال «ليش» التاريخي ليجيبه الموظف هامسا: «شايف المنظر زين يا ولدي لو كانت التفاحة تطيح على فوق؟. رح الله يصلحك وشف لك شي «ن» ينفعك بدال هالخرابيط».
اليوم الثالث عشر: يقرر نيوتن بنسخته الوطنية بدء مشروعه الخاص في سوق الخضار والمرتكز على بيع «التفاح» ومشتقاته -المباحة بالتأكيد-.
اليوم الثامن عشر: يعلن نيوتن خسارته وإفلاسه رسميا بعد المضايقات التي تعرض لها من لوبي العمالة الوافدة في السوق. وعلى شجرة التفاح إياها، وفي اليوم العشرين: متدليا بحبل تم ربطه برداءة، قام نيوتن بتطبيق عملي لنظريته على جسده الصغير المتعب، لينتحر بذلك ويفارق الحياة. إحدى صحف اليوم الواحد والعشرين حملت العنوان التالي: انتحار شاب يعاني من اضطرابات عقلية.