من أفجر كذبات المدرسة الفرنسية قولها : أن الدولة العثمانية كانت مستعمرة للجزائر !
قول فرنسا أن العثمانية كانت مستعمرة للجزائر أكل عليها الدهر وانكشفت بضاعتها الكاسدة ، بعدما كشف زيفها مؤرخي الجزائر ، وما أخرجت من ذلك من الحقائق ، مما ينسف هذه الكذبة .
وأصل هذه الكذبة والحامل عليها : أرادت فرنسا بها أن تحيل بين الشعب الجزائري وبين حكومته ليتسنى لها الاحتلال ، وتسهل على نفسها دخول أراضي الجزائر .
وأرادت منها أن تعزل أصالة الجزائر عن مشرقها في الدين والعروبة وهويتها .
ونأسف أنه لايزال من بني جلدتنا إلى يومنا هذا في مواقع التواصل يصدق هذه الكذبة وينشرها ويعتقد أن العثمانيين كانوا مستعمرين للجزائر !!
وهذا لجهلهم بالتاريخ والمواقع تلك العهود ، وجهلهم بمقالات فرنسا ، وماذا تريد من ورائها .
الشعوب الجزائرية في تلك العهود لم تتفكر ، ولم يأت في بالها أنها مستعمرة من طرف الدولة العثمانية ، ولم يذكر هذا في كتب التاريخ التي دونت تاريخ المغرب العربي الإسلامي أو للدولة العثمانية .
فشؤون الجزائر كلها كانت بيد أبنائها من القضاء والمساجد والزكاة والحج والوقف والتعليم ، بل بطانة حكام الدولة كانت من علماء الجزائر ، وغالبية الجيش كانت من أبناء الجزائر وبجهود الجزائريين قضي على الإسبان وبني الأسطول .
إنما الذي كان بيد سلطة إسطنبول هو السلطة العليا ، وما ذاك إلا لسيطرتها وتمكنها من البحرية ، والناظر في تلك الحقبة والعهود أن صراع العالم كان كله على البحر ومضايقه وتجارته ، حتى أوروبا كان بينها صراعا من يسيطر على مضايق البحر وتجارته ، كما هو معروف عند المؤرخين وأهل التاريخ ، والتفكك الذي وقع للدولة الإسلامية ما سببه إلا مضايق البحر .
ولكن هذه السلطة لم تكن تؤثر في مصالح الجزائر في جميع ميادينها وحياتها وجوانبها مثلا السلطة العليا في إسطنبول قد أعطت امتيازات لفرنسا ، وأرادت فرنسا بهذه الامتيازات أن تضغط على الجزائر وعلى بحرها وتجارتها ، فلم تنجح ، ولم تلتفت الجزائر لتلك الامتيازات ولم ترفع بها رأسا .
وهذا يدل على استقلال الجزائر في علاقاتها الخارجية مع الجوار وفي تجارتها على ما تقتضي مصلحتها وإقليمها .
قد يقول قائلا : لماذا أبناء الجزائر لم يتربع أحدهم على كرسي الحكم والسلطة العليا في ذلك الوقت ؟
أقول ( أبو أنس ) : بتتبعي للتاريخ تلك الفترة وما كان يجري من الأحداث والتغيرات وجدت جوابا ، وهو :
المانع الذي حال دون تربع أبناء الجزائر على السلطة العليا هو ما كان من التنازع بين القبائل الجزائرية والعروش السابقة ، فكانوا لا يثقون في بعضهم البعض وهذا ظاهر في المؤامرات والثورات التي كانت تقع في تلك العهود حتى كان يستغلها الإسبان ، وبعد ذلك استغلتها فرنسا ، وهي من كانت سببا في سقوط وضرر دولة الأمير عبد القادر .
ولهذا اكتفى أهل الجزائر بالقاعدة العسكرية التي كانت تحركها الدولة العثمانية وتحمي بها سواحل الجزائر من العدو الخارجي النصراني ، والجزائر كانت تعد الدولة العثمانية دولة إسلامية حاملة لواء الجهاد ونصرة الإسلام في المشرق والمغرب ، فلم ير أهل الجزائر أنه هناك فارق بينهم وبين غيرهم إذا كان هدفهم مشتركا وهو حماية الإسلام وأراضيه .
أما فرنسا المستعمرة فهدفها الأول هو القضاء على الإسلام ولغته وكل ما يمد إلى ذلك ، فهل كانت الدولة العثمانية هذا هدفها أم هو حماية الإسلام ؟
فالذي عليه علماء التاريخ والسنة وجميع علماء الطوائف ، هو أن هدف الدولة العثمانية كان حماية الإسلام من المد النصراني والصفوي ، والحمد لله رب العالمين .
كتبه : بشير بن سلة الجزائري .