فإن السعادة هدف منشود، ومطلوب جميلٌ يَسعى إليه البشر جميعًا، بل كلُّ مخلوق يسعى لِما فيه راحته وأُنسه، وللسعادة أبواب ومفاتيح تُستجلَب بها، وهي كثيرة؛ فمنها: تقوى الله - عز وجل - ومُراقبته في السرِّ والعلانية، والقيام بما أوجَب الله تعالى من حقوقه وحقوق عباده، وهناك باب من أبواب السعادة وتحصيل الأُنس، يَغفُل عنه كثيرٌ، وهو سهَلُ المنال، قريب المأخذ، وعاقبته جميلة، وأثره سريعٌ، فما هو يا تُرى؟
إنه الإحسان إلى الناس، وتقديم الخدمة لهم بما يُستطاع، فالخلق عيالُ الله، وأحبُّ الخَلق إلى الله أنفعُهم لعياله، والإحسان إلى الخَلق من تمام الإحسان في عبادة الله؛ قال - سبحانه -: ﴿ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ﴾ [المدثر: 42 - 44].
فسببُ دخولهم سقر، هو تَرْكهم الصلاة وتَرْكهم الإحسان إلى الخَلق بإطعام المسكين، وقد اقتضَت حكمة الله تعالى أن تنوَّعت أرزاق العباد واختَلَفت، والناس متفاوتون من حيث الغنى والفقر؛ ﴿ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا ﴾ [الزخرف: 32].
والمسلم إن اغتَنى شكَر، وإن افتقَر صبَر، وعَلِم أنَّ ذلك ابتلاء من الله تعالى له، وليس ذلك إلا للمؤمن، ومن رحمة الله تعالى بالفقراء أن جعَل لهم حقًّا ثابتًا واجبًا في أموال الأغنياء، وهو ما يُخرجونه من زكوات أموالهم، وقد رغَّب الشارع الحكيم في بَذْل المعروف والصَّدقة للمحتاجين، ووعَد على ذلك الأجْرَ الجزيل والعاقبة الحميدة.
اللهمَّ اجعَلنا من المحسنين لعبادك، المُخلصين لوجهك، اللهمَّ اجعَلنا من مفاتيح الخير، ومغاليق الشر، يا كريم يا رحمن.