فلم يكن ثمة داعٍ لانفعالك وغضبك وضربك لها بعد أن عرفت عنها ما عرفت ، فقد أسلمت
وطلَّقت دينها وتاريخها ، فلأي شيء يتم محاسبتها على جاهليتها ، وبخاصة أنك أنت جزء من تاريخها ؟!
وفعلك أنت أقبح من فعلها ، حيث كنت تنتسب إلى الإسلام الذي يحرِّم عليك أفعالك تلك ، وهي لم تكن تنتسب لدينك الذي ينهاها عن أفعالها ، بل رضيتَ بها على عاداتهم وتقاليدهم ، وهي لم تخالف في ذلك ! .
سادساً:
الذي يظهر لنا من خلال كلامك عنها أنها أسلمت وحسن إسلامها ، ولعلَّها أن تكون خيراً منك في جوانب كثيرة
فالواجب عليك بعد أن رضيتها زوجة أن تحسن معاملتها ، وأن تقوي عزيمتها ، وأن تقف بجانبها ناصراً ومؤيداً ومعيناً .
سابعاً:
بخصوص طلاقكِ لها : يجب عليك مراجعة من تثق به من أهل العلم لإيقافه على حقيقة حالكِ عندما صدر منك الطلاق ، فإن الغضب درجات ، وليس كل الغضب يقع معه الطلاق ، ولا كله لا يقع معه الطلاق .
عَنْ عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا طَلَاقَ وَلَا عَتَاقَ فِي إِغْلَاقٍ ) .
رواه أبو داود ( 2193 ) وابن ماجه ( 2046 ) ، وحسَّنه الألباني في " صحيح أبي داود " .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -
والإغلاق معناه : أنه يُغلق على الإنسان حتى يفعل الشيء بدون إرادة .
" لقاءات الباب المفتوح " ( 130 / السؤال رقم 20 ) .
وقال الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله - :
ويقع الطلاق من الغضبان الذي يتصور ما يقول ، أما الغضبان الذي أخذه الغضب ، فلم يدر ما يقول : فإنه لا يقع طلاقه .
"
الملخص الفقهي " ( 2 / 308 ) .
فإن كان وقع طلاقك لها في المرات الثلاث السابقة : فقد حرمت عليك ، ولا يحل لك إرجاعها لعصمتك إلا بعد أن تتزوج هي زواج رغبة من آخر فيدخل بها
ثم يفارقها بطلاق أو موت ، وإن لم تقع إحدى الطلقات الثلاث : فإنه يتبقى لك باقيها ، ولك أن ترجعها لعصمتك ، ومعرفة ذلك تتم بلقائك من تثق بعلمه ودينه لتطلعه على تفصيل ما حصل منك في تلك المرات .
ثامناً:
الذي ننصحك به تجاه تلك الزوجة – إن كنت لا تزال لها زوجاً - : أن تسعى لإحضارها لبلدك ؛ لتخلصها من بيئة الكفر والفساد التي تعيش فيها الآن ، ولكن على شرط أن تعاهد نفسك على الإحسان لها
وأن تعاشرها بالمعروف ، وأن لا تعيرها بتاريخها قبل الإسلام ، وأن لا يكون لما عرفته عنها أثر عليك
فإن كنتَ تستطيع فعل ذلك : فأحضرها لبلدك ، وكوِّن معها أسرة إسلامية ، وإلا فدعها في بلدها ، لعلَّ الله أن يرزقها خيراً منك ، ولعلَّ الله أن يرزقك خيراً منها .
تاسعاً:
أما بخصوص طلب أهلك منك أن تطلقها : فلا يجب عليك طاعتهم في هذا ، وعلى أهلك أن يتقوا الله في التفريق بينك وبين زوجتك ، وإذا أصررت على بقائك زوجاً لها : فإنك لا تكون عاقّاً لوالديك .
عاشراً:
وأما سؤالك : " هل الزنا ديْنٌ في رقبتي وسيأتي يوم أدفع ثمنه ؟ "
: فالجواب : إن كنت صدقت التوبة مع الله عز وجل ، كما قلت عن نفسك ، فعسى ألا يكون ديْناً ، وألا تؤاخذ به ؛ وقد سبق بيان الوعد للتائبين بمغفرة الذنوب ، وتبديلها حسنات .
ونسأل الله تعالى أن يغفر لك ذنبك ، وأن يقدِّر لك الخير حيث كان ، وأن يهديك لما فيه صلاح حالك .
والله أعلم