وقال رحمه الله تعالى عمن توفي في سنة ( 694 هـ ) :
" الشيخ الإمام العلامة الخطيب المدرس المفتي القاضي شرف الدين أحمد ابن الشيخ جمال الدين أحمد بن نعمة بن أحمد بن جعفر بن حسين بن حماد المقدسي الشافعي .
ولد سنة ثنتين وعشرين وستمائة ، وتوفى يوم الأحد السابع عشر من رمضان منها ، ودفن بمقابر باب كيسان عند والده وأخيه ، سمع الكثير ، وكتب حسنا
وصنف فأجاد وأفاد ، وكان مدرس الغزالية ودار الحديث النورية مع الخطابة ، ودرس في وقت بالشامية البرانية ، وأذن لجماعة من الفضلاء في الإفتاء منهم الشيخ الإمام أبو العباس ابن تيمية
وكان يفتخر بذلك ويقول: أنا أذنت لابن تيمية في الإفتاء " .
انتهى من "عقد الجمان : عصر سلاطين المماليك" (3 / 185) .
وقال العيني رحمه الله تعالى في حوادث (699 هـ) :
" واجتمع أعيان البلد والشيخ تقي الدين بن تيمية ، واتفقوا على المسير إليه – أي إلى قائد المغول قازان لما قدم بجيشه الشام - لتلقيه وأخذ الأمان منه لأهل دمشق
فتوجهوا يوم الاثنين الثالث من ربيع الآخر ، فاجتمعوا به عند النبك ، وكلمه الشيخ ابن تيمية كلاماً قوياً فيه مصلحة عظيمة عاد نفعها على المسلمين " .
انتهى من " عقد الجمان : عصر سلاطين المماليك " ( 4 / 29 – 30 ) .
الوجه الثاني : مدحه لشيخ الإسلام ابن تيمية
ومن ذلك أن ابن ناصر الدين الدمشقي رحمه الله تعالى ألف كتابا في الرد على من طعن في شيخ الإسلام ابن تيمية وسمى كتابه :" الرد الوافر على من زعم : بأن من سمّى ابن تيمية " شيخ الإسلام " كافر " .
وقد أثنى الشيخ بدر الدين العيني رحمه الله تعالى على هذا الكتاب ومما قاله :
" ومن الشائع المستفيض أن الشيخ الإمام العالم العلامة تقي الدين ابن تيمية من شُمّ عرانين الأفاضل ، ومن جم براهين الأماثل ...
وهو الذاب عن الدين طعن الزنادقة والملحدين ، والناقد للمرويات عن النبي سيد المرسلين ، وللمأثورات من الصحابة والتابعين ... وقد سارت تصانيفه في الآفاق ، وليس فيها شيء
مما يدل على الزيغ والشقاق ، ولم يكن بحثه فيما صدر عنه في مسألة الزيارة والطلاق : إلا عن اجتهاد سائغ بالاتفاق ، والمجتهد في الحالتين مأجور مثاب
وليس فيه شيء مما يلام أو يعاب ، ولكن حملهم على ذلك حسدهم الظاهر ، وكيدهم الباهر ... وهو الإمام الفاضل البارع التقي النقي الوارع الفارس في علمي الحديث والتفسير
والفقه والأصولين بالتقرير والتحرير ، والسيف الصارم على المبتدعين ، والحبر القائم بأمور الدين ، والأمّار بالمعروف والنهّاء عن المنكر ، ذو همة وشجاعة وإقدام فيما يروع ويزجر ، كثير الذكر والصوم والصلاة والعبادة ... " ا
نتهى من " الرد الوافر " ( ص 261 – 262 ) .
الوجه الثالث : اعتنى بدر الدين العيني بالنقل عن ابن تيمية في كتابيه " البناية شرح الهداية " وكذا " عمدة القاري شرح صحيح البخاري " وهذا يدل على اعترافه بالمكانة العلمية لشيخ الإسلام ابن تيمية .
3- الملا علي القاري رحمه الله تعالى :
دافع الملا علي القاري عن شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ، ورد التهم الموجهة إليهما ومما جاء في دفاعه ذلك قوله رحمه الله تعالى :
" ومن طالع شرح منازل السائرين – أي مدراج السالكين لابن القيم - ، تبين له أنهما – أي ابن تيمية وابن القيم - كانا من أكابر أهل السنة والجماعة ، ومن أولياء هذه الأمة ...
" .
انتهى من" مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح
طبعة دار الفكر" ( 8 / 148)
و " جمع الوسائل في شرح الشمائل " ( 1 / 168 ) .
4- المرتضى الزبيدي الحنفي رحمه الله تعالى صاحب " تاج العروس من جواهر القاموس " وكتاب " عقود الجواهر المنيفة في أدلة مذهب الإمام أبى حنيفة " :
كان ينقل رحمه الله تعالى في كتبه عن شيخ الإسلام ابن تيمية ، ووصفه بالعلامة وبشيخ الإسلام في مواضع من كتبه ؛ ومن ذلك قوله :
" والعلامة أبو العباس أحمد بن عبد الحليم الحنبلي المعروف بابن تيمية وذووه ، مُحَدِّثون مشهورون "
انتهى من " تاج العروس " ( 31 / 351 ) .
4- العلامة ابن عابدين رحمه الله تعالى .
ففي حاشيته الشهيرة " رد المحتار على الدر المختار " ذكر ابن تيمية رحمه الله تعالى في عدة مواضع واصفا إياه بالحافظ ، وفي أحدها بشيخ الإسلام حيث قال :
" ورأيت في كتاب الصارم المسلول لشيخ الإسلام ابن تيمية الحنبلي ما نصه : ... "
انتهى من " رد المحتار على الدر المختار "
طبعة دار عالم الكتب ( 6 / 345 ) .
ثم نقل عنه قولا نسبه للحنفية ، فعلق عليه ابن عابدين رحمه الله تعالى بقوله : " لم أر من صرح به عندنا ، لكنه نقله عن مذهبنا ، وهو – أي ابن تيمية - ثبت ؛ فيقبل "
.
انتهى من " رد المحتار على الدر المختار " ( 6 / 346 ) .
وهذا التصرف من العلامة ابن عابدين غاية في الدلالة على اعترافه بعلم وفضل شيخ الإسلام ابن تيمية ؛ حيث اعتمد عليه في تقرير رأي الحنفية في المسألة ، ووصفه بأنه : ثبت .
هذا ما وقفنا عليه في هذا المقام ، ومن فتّش أكثر قد يجد أكثر .
والله أعلم
.