الإسعاف الشافي الكافي في علاج الغاوي الجافي المتزعم أن الإمام ابن باديس ليس بسلفي
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وعده لا شريك له ، و أشهد أن محمدا عبده ورسوله
أما بعد :
فهذه نبذة يسيرة لطيفة في بيان حقيقة عقيدة الإمام عبدالحميد بن باديس ـ رحمه الله ـ، ودعوته السلفية الإصلاحية التي قام بها ومن أجلها عاش ، أقدمها في هذه الورقات، راجيا أن أكون قد وفقت لإزاحة حجب الأوهام والأباطيل، والأخطاء، والأكاذيب عن هذا الإمام وعن دعوته السلفية ، حتى يعرفها العالم الإسلامي على حقيقتها، ويروها في لونها الحقيقي مجردة عن الزغل، والغش والخداع .
وإنما حملني على ذلك ، كثرة ما رأيت ، وما سمعت من تخبط كثير من الناس في شأنها، ما بين مفرط، ومقصر ، وإن من شر ما منى به المسلمون الجرأة على إلقاء القول بدون تحقق، ورمي التهم الشنيعة في وجوه الأبرياء بدون تروٍّ ولا تثبت، ولقد غلب هذا الخلق الذميم على بعض المتعلمينٍ حتى أصبحوا يقلدون العامة في كل شائعة، ويطلقون ألسنتهم بما لا يليق من القول على غير علم ولا بصيرة، وبلا تفكير في عاقبة ذلك ونتيجته في الدنيا والآخرة، ولا واقفين عند قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} - وفي قراءةِ: فتثبتوا- {أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات:6] وقوله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [قّ:18] وقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل فيما رواه أحمد والترمذي والنسائي : (( أمسك عليك لسانك)) ، فقال: وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: (( ثكلتك أمك. وهل يَكُبُّ الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم )) ، وقوله صلى الله عليه وسلم (( إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها في النار أبعد ما بين المشرقين )) رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة.
أسال الله العافية من كل هذا، وأن يقينا شر أنفسنا وسيئات أعمالنا، ويجعلنا بمنه وكرمه من المؤمنين المخلصين الفائزين في الدنيا والآخرة.
وأن يوفق المسلمين جميعا ملوكا وأمراء، وزعماء، وقادة، وعلماء، وعامة في مشارق الأرض ومغاربها: إلى توحيد كلمتهم، وربط قلوبهم برباط الإيمان الخالص، والتوحيد النقي الصافي، وأن يعيذهم من كل أنواع الشرك وعمله ومن كل ما يقرب إلى النار.
وإنما أتاح لي هذه الفرصة، ومهد لي في نشر هذه الكلمة: أن تحطمت عن القلوب قيود التقليد الأعمى والعصبية، وخلصت الأفكار إلى جو البحث الصحيح في سرور واطمئنان ([1] )
تمهيد :
لقد أثبت البحث العلمي الآن أكثر من ذي قبل ، أن الظروف التي تحيط بالشخص والبيئة التي يعيش فيها لهما دخل كبير في تكييف حياته وطبعها بطابع خاص ، فنوع التربية التي يتلقاها في البيت وفي المدرسة ، والروح التي تسود أساتذته ومعلميه ، والكتب التي يقرؤها ، والأحوال السياسية والاجتماعية القائمة في عصره ، كل أولئك عناصر هامة في تكوين الشخصية وتعيين اتجاهها .
لذلك كان من الضروري عند دراسة شخصية من الشخصيات التي كان لها أثر بارز في ناحية من نواحي الحياة ، أن تدرس الظروف والبيئة المحيطة بتلك الشخصية حتى نقف منها على العوامل التي أدت إلى نبوغها وظهورها .
والإمام ابن باديس أحد هؤلاء الأشخاص النابهين الذي ظهروا في أممهم بآراء حرة وجديدة ، وكان له في الناحية المنهجية الدعوية الإصلاحية في الإسلام آثار خالدة كما تشهد بذلك مقالاته ورسائله وخطبه ودعوته ونصائحه ونضاله وجهاده .
فإذا أردنا أن نفهم ابن باديس في منهجه الدعوي ومذهبه الاعتقادي ، وأن ندرس تلك الناحية منه دراسة صحيحة ، كان لابد لنا من أن نلقي نظرة عجلى على العصر الذي كان يعيش فيه لكي نعرف مدى تأثره بروح ذلك العصر واتجاهاته ونقف على جملة العوامل التي ولدت في نفسه تلك الثورة الكبيرة على ما هنالك من استعمار ومذاهب وآراء .([2] )
....
المادة الكاملة الباقية نرجو من القراء الكرام حملها من هذا الرابط والله الموفق
https://up./downloadf-34yqcx1-rar.html
([1]) لقد استفدت هذه المقدمة من مقدمة كتاب " أثر الدعوة الوهابية في الإصلاح الديني والعمراني في جزيرة العرب وغيرها " للعلامة محمد حامد الفقي ـ رحمه الله ـ
([2]) مستفاد من كتاب " باعث النهضة الإسلامية ابن تيمية السلفي " ( ص : 13 ) للعلامة الأستاذ محمد خليل هراس ـ رحمه الله ـ مع شيء من التصرف فيه مما يناسب طرحي